وورلد برس عربي logo

حياة تتلاشى في ظل الإبادة الجماعية في فلسطين

في رام الله، تتواصل الحياة وكأنها طبيعية بينما تتلاشى الآمال في ظل الإبادة الجماعية المستمرة. هذا المقال يكشف عن التناقض الصارخ بين الروتين اليومي والواقع المرير الذي يعيشه الشعب الفلسطيني.

جندي إسرائيلي يقف في مدرعة عسكرية، موجهًا سلاحه نحو الأمام، بينما يظهر جندي آخر في الخلفية، مما يعكس الأجواء المتوترة في الضفة الغربية.
جندي من جيش الاحتلال الإسرائيلي يوجه بندقيته خلال مداهمة في طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة في 26 أكتوبر 2024 (أ ف ب)
شارك الخبر:
FacebookTwitterLinkedInEmail

الوضع الحالي في الضفة الغربية المحتلة

على مدار الأسبوع الماضي، لم أنم جيدًا - ليس بسبب القنابل أو التهديد المستمر للاجتياحات الإسرائيلية، ولكن بسبب أعمال البناء التي تقوم بها بلديتنا في وقت متأخر من الليل بلا هوادة.

هنا في رام الله، وبينما تحولت غزة إلى ركام ويعاني شعبها من فظائع لا توصف، اعتبرت حكومتنا المحلية أن هذا هو الوقت المثالي لتمزيق الشوارع واستبدال خطوط الأنابيب. التوقيت، كما يقولون، هو كل شيء.

إن عبثية هذه اللحظة ساحقة. فهي تتناقض بشكل صارخ مع الدور المحوري الذي لعبته البلديات كجزء من القيادة السياسية التي توجه النضال الفلسطيني خلال الانتفاضة الأولى.

شاهد ايضاً: الهجمات الإسرائيلية تُعيد إحياء صدمة حرب الخليج مع فرار الإيرانيين من طهران

في ذلك الوقت، كانت البلديات المحلية جزءًا لا يتجزأ من المقاومة الشعبية. فقد نسقت العصيان المدني، وعززت صمود المجتمع، ووفرت الحوكمة في ظل قيود لا يمكن تصورها.

أما اليوم، فقد تبخّر هذا الإحساس بالهدف تقريبًا.

إن نهج "العمل كالمعتاد" في مواجهة الإبادة الجماعية المستمرة على بعد كيلومترات فقط، والشعور بأن يوم القيامة يلوح في الأفق في الضفة الغربية المحتلة، لا يسلط الضوء على تراجع دور البلديات فحسب، بل يكشف عن الخلل الوظيفي الكامل للنظام السياسي الفلسطيني.

الصدمة الجماعية وتأثيرها على الحياة اليومية

شاهد ايضاً: موظفو الخدمة المدنية في المملكة المتحدة يُنصحون بالتفكير في الاستقالة إذا كانوا غير راضين عن سياسة الحكومة بشأن غزة

فمن المجالس المحلية إلى الأحزاب السياسية والسلطة الفلسطينية، لا يمكن إنكار الانهيار. لقد كان انعدام أهمية السلطة الفلسطينية واضحًا منذ سنوات، ولكن عجزها في ظل الأحداث الحالية مذهل.

في هذه المرحلة، يبدو أن السلطة الفلسطينية ومؤسساتها فقط هي التي تتصرف كما لو كانت الحياة طبيعية. أما بالنسبة لبقيتنا، فإن واجهة الحياة الطبيعية ما هي إلا ستار رقيق يغطي على الصدمة الجماعية والحزن العميق.

نعم، المطاعم والحانات والمقاهي مفتوحة. يستيقظ الناس ويذهبون إلى العمل. يذهب الأطفال إلى المدرسة. ومن حين لآخر، نجتمع لتناول العشاء لتهدئة قلقنا. لكن هذه اللحظات ليست علامات للحياة الطبيعية؛ إنها آليات للتكيف. نحن محاصرون في مساحة محدودة، معلقون في الزمن، متشبثون بشعور الروتين بينما نتوقع الحلقة التالية في هذه الكارثة المستمرة.

شاهد ايضاً: ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية يدير أمن المساعدات في غزة وينصح مجموعة بوسطن الاستشارية

إذا كان أي شخص يشك في المصير القاتم الذي نخشاه، فما عليه سوى النظر إلى أحداث الأشهر القليلة الماضية. فاعتداءات المستوطنين على القرى الفلسطينية مستمرة - حرق المنازل والسيارات وبساتين الزيتون. ولا تقتصر هذه الاعتداءات على تدمير الممتلكات فحسب، بل تترك ندوبًا على شعبنا، وتودي أحيانًا بحياة الناس وتزرع الرعب دائمًا.

في جنين وطولكرم، كانت الهجمات أكثر تدميراً. فقد استُهدفت مخيمات اللاجئين بشراسة لدرجة أن بنيتها التحتية بأكملها تحولت إلى أنقاض.

وقد تم القضاء على عائلات بأكملها في غارة واحدة. هذه ليست حوادث معزولة؛ بل هي حملات متعمدة وممنهجة للقضاء على ما تبقى من أماننا واستقرارنا وأملنا.

شاهد ايضاً: إسرائيل تدمر المنشأة الوحيدة لغسيل الكلى في شمال غزة

في هذه الأثناء، يستمر الاقتصاد في الضفة الغربية في الانهيار، مخنوقًا من القيود المشددة على الحركة. تهيمن نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية الآن على مداخل ومخارج كل بلدة ومدينة وقرية تقريبًا، محوّلةً أبسط الرحلات إلى محنة من الإذلال والخوف.

الأجواء هنا مروعة، ولكن بطريقة مختلفة عن غزة. لا يتعلق الأمر بالرعب الفوري للقنابل المتساقطة من السماء، بل هو محو بطيء وطاحن - اختناق للأمل والحياة.

نحن نشاهد حياتنا ومستقبلنا يُسرقان قطعة تلو الأخرى على مرأى من الجميع.

شاهد ايضاً: تجاهل مسرحيات ستارمر. أثر الدم في غزة يقود مباشرة إلى بابه

إن حالة عدم اليقين تبعث على الجنون - ليس فقط بسبب الإبادة الجماعية التي تتكشف في غزة، ولكن بسبب ما نخشى أن يأتي إلى الضفة الغربية المحتلة.

لقد أصبح المخطط أكثر وضوحًا من أي وقت مضى مع رئاسة ترامب القادمة: الضم الكامل للضفة الغربية، والتطهير العرقي المتوقع في المنطقة (ج)، والتفكيك المنهجي لأي مظهر من مظاهر الدولة الفلسطينية - أو حتى الوجود.

تأثير الأحداث على الحياة الاجتماعية

كانت هذه الخطة قيد الإعداد منذ سنوات، يقودها المستوطنون الذين يحظون بالجرأة والحماية من قبل الجيش الإسرائيلي. لكن تنفيذها الكامل يبدو الآن وشيكًا، وهو ما يلقي بظلاله على ما تبقى من مستقبلنا.

شاهد ايضاً: تقديرات إسرائيل: "تدمير ربع أنفاق حماس فقط" منذ بدء الحرب

لم يعد الاجتماع على العشاء يحمل بهجة الاحتفال. وبدلاً من ذلك، أصبح ملجأً - مكانًا يمكننا فيه مشاركة أحزاننا، والتعبير عن مخاوفنا، والتمسك ببعضنا البعض بينما تنهار الأرض من تحتنا.

هذه اللحظات لا تتعلق بالحياة بقدر ما تتعلق بالبقاء على قيد الحياة؛ لجعل ما لا يطاق أكثر احتمالاً ولو لأمسية واحدة.

حتى الخروج للتنزه، وهو هروب قصير إلى الأرض التي نحبها، يحمل في طياته حزنًا ثقيلًا. بينما نسير بين أشجار الزيتون - أشجار غرسها أجدادنا تحمل قصصًا وجذورًا تمتد لقرون - لا يسعنا إلا أن نشعر وكأننا نودعهم.

شاهد ايضاً: شاهد على قصف خيمة الإعلام: "قمنا بكل شيء لإنقاذ منصور"

هناك إحساس مؤلم بأن هذه البساتين ستضيع قريبًا أو سيسرقها المستوطنون من بروكلين أو سيتم تجريفها حتى تصبح في طي النسيان. ما ينبغي أن يكون لحظة ارتباطنا بأرضنا يصبح حدادًا على ما قد نكون على وشك خسارته.

كل محاولة للتشبث بشيء مألوف، شيء راسخ، تبدو مشوبة بالحزن - ليس فقط على أهلنا في غزة، ولكن أيضًا لأننا في أعماقنا نعلم أننا نتمسك بآخر خيوط حياة تتلاشى بعيدًا.

ربما تقوم البلدية ومؤسسات السلطة الفلسطينية الأخرى بعملها كالمعتاد. ربما نحتاج جميعًا إلى التظاهر بأن الحياة لا تنهار. لكن الحقيقة أكثر فوضوية وأشد إيلامًا ورعبًا بكثير مما يمكن لأي واجهة أن تخفيه.

شاهد ايضاً: ستنتهي الحرب على غزة لكن جرائم إسرائيل لن تُنسى أبداً

نحن شعب بلا قيادة سياسية أو خطة، نستعد لما يبدو وكأنه زوالنا.

أخبار ذات صلة

Loading...
شارع في إسرائيل يظهر فيه علم إسرائيلي، مع أشخاص يمشون بجانب متاجر مغلقة، مما يعكس الأجواء بعد الهجمات العسكرية.

الهجوم الإسرائيلي على إيران يثير دعمًا واسعًا وقلقًا داخليًا

في حدث تاريخي يغير موازين القوى في المنطقة، نفذت إسرائيل هجمات مكثفة على إيران، مستهدفةً منشآت نووية وعلماء بارزين. بينما يصف المسؤولون الإسرائيليون العملية بأنها خطوة حاسمة لدحر التهديد الإيراني، يتساءل الخبراء: هل سيكون لهذا الهجوم تأثير عكسي؟ تابعوا معنا تفاصيل هذا الصراع المتصاعد.
الشرق الأوسط
Loading...
مئات من الناس يشاركون في جنازة عمال الإنقاذ الفلسطينيين، حاملين نعشًا مغطى بشعار الهلال الأحمر، في مشهد يعكس الحزن والغضب.

أدلة فيديو جديدة تناقض رواية الجيش الإسرائيلي حول مقتل المسعفين

تتوالى الأدلة المروعة حول مقتل 15 مسعفًا فلسطينيًا على يد القوات الإسرائيلية، حيث تكشف لقطات جديدة كيف تعرض هؤلاء الأبطال للهجوم أثناء محاولتهم إنقاذ الأرواح. انضم إلينا في استكشاف تفاصيل هذه الحادثة المأساوية التي تتطلب تحقيقًا دوليًا عاجلاً.
الشرق الأوسط
Loading...
طائرة مسيرة تُحلّق فوق المياه، مع وجود ملامح لمشاهد بحرية تحتها، مما يعكس توسع بايكار في تصنيع الطائرات بدون طيار بالمغرب.

استثمار شركة الدفاع التركية في الطائرات المسيرة بالمغرب ليس كما يبدو

هل تساءلت يومًا كيف تضيف التكنولوجيا الحديثة طابعًا جديدًا على الأمن القومي؟ تأسيس شركة "أطلس ديفنس" في المغرب يُبرز استراتيجية بايكار في تعزيز قدرات البلاد الدفاعية عبر الطائرات بدون طيار. اكتشف المزيد حول هذه التطورات المثيرة وكيف تُعيد تشكيل المشهد العسكري في المنطقة.
الشرق الأوسط
Loading...
طائرة حربية إسرائيلية من طراز إف-35 تحلق في السماء، مع آثار تزويد بالوقود في الجو، تعكس الاستعدادات العسكرية ضد إيران.

تأخير الضربات الإسرائيلية ضد إيران نتيجة تردد دول الخليج في السماح باستخدام أجوائها

تتأهب إسرائيل لشن هجوم على إيران، لكن التحديات اللوجستية تضغط عليها لتعديل خططها الحربية. مع تحذيرات دول الخليج بعدم استخدام مجالها الجوي، كيف ستتجاوز إسرائيل هذه العقبات؟ اكتشف التفاصيل المثيرة وراء هذه الاستعدادات العسكرية.
الشرق الأوسط
الرئيسيةأخبارسياسةأعمالرياضةالعالمعلومصحةتسلية