تدهور العلاقات الجزائرية الفرنسية يثير القلق
تتفاقم التوترات بين الجزائر وفرنسا بعد طرد 12 مسؤولاً فرنسياً إثر اعتقال جزائريين في باريس. الأزمة تُعتبر الأسوأ منذ استقلال الجزائر، مع دعوات فرنسية للتراجع عن إجراءات الطرد. اكتشف تفاصيل الصراع الدبلوماسي المتصاعد.

بعد عدة أشهر من الأزمة الدبلوماسية، وهي الأسوأ منذ نهاية الحقبة الاستعمارية، وصلت التوترات بين الجزائر وفرنسا إلى نقطة الانهيار بعد أن طردت السلطات في الجزائر العاصمة 12 مسؤولاً في السفارة الفرنسية.
وجاء هذا الإجراء يوم الاثنين ردًا على احتجاز ثلاثة مواطنين جزائريين في فرنسا، من بينهم مسؤول قنصلي.
وبحسب وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، فإن الجزائريين يُشتبه في تورطهم في اختطاف معارض جزائري في فرنسا في أبريل/نيسان 2024.
وقد وصف محللون هذه الخطوة بأنها غير مسبوقة وأن هذا الخلاف هو الأسوأ منذ استقلال الجزائر في عام 1962 بعد حرب الاستقلال الدامية.
ودعا بارو السلطات الجزائرية إلى "التخلي عن إجراءات الطرد هذه" وحذر من أنه إذا تم تأييد القرار، فلن يكون أمام فرنسا "خيار سوى الرد الفوري".
يوم الجمعة، تم توجيه الاتهام إلى ثلاثة جزائريين، من بينهم موظف قنصلي، في باريس. ومن بين التهم الموجهة إليهم اعتقال واختطاف واحتجاز أمير بوخرص المعارض للحكومة الجزائرية المنفي في فرنسا.
كما اتهموا أيضًا بـ"التآمر الإرهابي الإجرامي".
وكان بوخرص، الذي يعيش في فرنسا منذ عام 2016، قد حصل على حق اللجوء السياسي في البلاد في عام 2023. ويتابعه أكثر من مليون شخص على تطبيق تيك توك تحت اسم مستعار هو أمير د.ز.
يُعتقد أنه معروف بمقاطع الفيديو التي ينتقد فيها الدولة الجزائرية وكشفه عن الفساد الذي تورطت فيه المؤسسة العسكرية، ويُعتقد أنه أحد أكثر الأصوات استماعاً في المهجر الجزائري.
يُتهم بوخورص في بلده الأصلي بالاحتيال والجرائم الإرهابية.
وقد أصدرت السلطات الجزائرية تسع مذكرات توقيف دولية بحقه، ورفضت المحاكم الفرنسية تسليمه في عام 2022.
ووفقًا لمحاميه، إريك بلوفييه، فقد كان المؤثر هدفًا لـ "اعتداءين خطيرين"، أحدهما في عام 2022 والآخر في أبريل 2024، عندما اختُطف في الضاحية الجنوبية لباريس، قبل أن يتم إطلاق سراحه في اليوم التالي.
واتهم محاميه الجزائر بـ "القيام بأعمال عنف على الأراضي الفرنسية من خلال الترهيب والترويع".
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن الجزائر "حاولت في البداية "تحييده بمذكرات توقيف"، ثم عندما رفضوا تسليمه "أرادت أن تأتي وتقبض عليه مباشرة على الأراضي الفرنسية باختطافه".
وقد ظهر اسم بوخرص مؤخرًا في تحقيق قضائي آخر، فتحه مكتب المدعي العام في باريس.
وفي هذه القضية، تم توجيه الاتهام إلى موظف في وزارة الاقتصاد الفرنسية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، للاشتباه في أنه قدم معلومات عن معارضين جزائريين، من بينهم بوخرص، إلى "شخص يحمل الجنسية الجزائرية يعمل في القنصلية الجزائرية في كريتيل"، بحسب مكتب المدعي العام.
"نسف" الجهود الدبلوماسية
ردت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية يوم السبت على اعتقال رعاياها بالتنديد بـ"العصابة القضائية غير المقبولة".
وقالت إن "هذا المنعرج القضائي، غير المسبوق في سجل العلاقات الجزائرية الفرنسية، ليس وليد الصدفة" بل هو "يتم "بهدف نسف مسار إعادة بعث العلاقات الثنائية".
وكان البلدان قد أشارا قبل أسبوع فقط، خلال زيارة بارو إلى الجزائر، إلى رغبتهما في "طي صفحة التوترات الحالية" بعد أزمة دامت ثمانية أشهر دفعت بهما إلى القطيعة الدبلوماسية.
وكان هذا الخلاف الأخير في العلاقات الدبلوماسية المتوترة بين فرنسا ومستعمرتها السابقة قد بدأ في أواخر يوليو 2024، عندما قدم الرئيس إيمانويل ماكرون دعمه الكامل لمطالب المغرب بالسيادة على الصحراء الغربية.
ويسيطر المغرب على الإقليم، الذي تعتبره الأمم المتحدة "غير متمتع بالحكم الذاتي"، لكن جبهة البوليساريو، وهي حركة استقلال صحراوية مدعومة من الجزائر، تطالب بالجزء الأكبر من الإقليم.
وقد أغضبت هذه الخطوة الجزائر التي أعلنت "سحب سفيرها لدى فرنسا بأثر فوري".
وتدهورت العلاقات منذ ذلك الحين، وتوترت بشكل رئيسي بسبب قضايا الهجرة وسجن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي حكم عليه في الجزائر بالسجن خمس سنوات بتهمة "الاعتداء على الوحدة الترابية".
وفي 31 مارس/آذار، قرر ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون خلال محادثة هاتفية إعادة إطلاق العلاقات الثنائية بين البلدين وإعادة التعاون في مجالات مثل الأمن والهجرة.
أخبار ذات صلة

هل يمكن لفرنسا والجزائر إصلاح علاقتهما؟

ستيف ويتكوف وتاكر كارلسون: النقاط الرئيسية حول الشرق الأوسط من مقابلة المبعوث الأمريكي

لماذا تتفاوض إدارة ترامب مع حماس
