دعوات التظاهر من سوريا تهدد استقرار مصر
تتحدث تصريحات أحمد الشرع عن فعالية الثورة في إسقاط الأنظمة، بينما تثير دعوات أحمد المنصور في سوريا قلق السلطات المصرية. كيف ستتعامل الحكومة مع التحركات الشعبية المتزايدة في المنطقة؟ اقرأ المزيد على وورلد برس عربي.
وسائل الإعلام الموالية للسيسي في مصر تهاجم أحمد المنصور مع تصاعد المخاوف من الاحتجاجات
عندما أكد أحمد الشرع، القائد الفعلي لسوريا، في مقابلة أجريت معه مؤخراً، أن "الثورة فعالة لإسقاط نظام، ولكن ليس لبناء دولة"، رحب السوريون بعباراته.
واعتبرت وسائل التواصل الاجتماعي السورية تعليقاته الأخيرة التي بثها اليوتيوبر جو حطاب على قناته التي يتابعها 6 ملايين متابع، جزءًا من هذا التوجه الإيجابي وطريقة بناءة في مقاربة إعادة بناء سوريا بعد خمسة عقود من حكم الأسد.
أما وسائل الإعلام المصرية التي تسيطر عليها الحكومة المصرية فلم يكن من الممكن أن يكون رد فعلها مختلفًا.
فقد سلطت تصريحات موسى الضوء على مخاوف السلطات المصرية العميقة من التحركات الشعبية في المنطقة وخارجها منذ توليها السلطة في ثورة مضادة في عام 2013.
وما يثير قلقها بشكل خاص هو الدعوات التي أطلقها مصريون في الخارج مثل أحمد المنصور، أحد المقاتلين في سوريا.
انتقل منصور إلى سوريا عام 2013 للانضمام إلى فصائل المعارضة التي تقاتل حكومة الأسد. وكان عضوًا في هيئة تحرير الشام، التي استقال منها بشكل مفاجئ الشهر الماضي.
شاهد ايضاً: كيف ستعزز الحزب السياسي الجديد في مصر قمع الدولة
بعد فرار الأسد من سوريا وسط هجوم الثوار الصادم الذي قادته هيئة تحرير الشام، بدأ منصور بالدعوة إلى مظاهرات ضد السيسي، قائلًا إنها يجب أن تكون في 25 يناير، ذكرى الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس المستبد حسني مبارك الذي حكم البلاد لفترة طويلة.
ومؤخرًا، نشر منصور صورة على موقع "إكس" يظهر فيها مع رجال ملثمين ومسدس ورصاصة واحدة، إلى جانب العلم المصري القديم الذي يعود إلى العهد الملكي وخلفه عبارة "حركة ثوار 25 يناير".
وقد تمت مشاهدة منشور منصور التحريضي أكثر من 7 ملايين مرة في يومين، مما أثار تأييدًا واستنكارًا في آن واحد.
كما أثار جدلًا بين المتعاطفين معه: هل يجب أن تتركز الدعوات للتحرك في 25 يناير؟ وهل يمكن أن يأتي التغيير من خلال المعارضة المسلحة؟ ومن سيشارك في مثل هذا النضال؟
حملة إعلامية
في غضون ساعات من تدوينة منصور تعرض لحملة إعلامية مصرية للهجوم. وصف موسى المنشور بأنه تهديد للأمن القومي.
وخاطب عمرو أديب، وهو مؤيد آخر للسيسي يحمل الجنسية السعودية، الشرع متسائلاً عما إذا كانت سوريا توافق على تصرفات منصور، وعما إذا كان سيعرض العلاقات مع مصر للخطر لحمايته.
كما طالب آخرون بالمثل بتسليم منصور للمحاكمة مثل هشام عشماوي، ضابط الجيش المنشق الذي تم اعتقاله في ليبيا في عام 2019 وإعادته إلى مصر وإعدامه.
وقال الإعلامي نشأت الديهي، وهو مؤيد بارز آخر للسيسي، إن مصر لن تتسامح مع التهديدات القادمة من سوريا.
إن الذكرى السنوية لثورة 2011 هي فترة قلقة بالنسبة للسلطات المصرية.
فقد استولى السيسي على السلطة في عام 2013 من خلال الإطاحة بأول رئيس مصري منتخب ديمقراطيًا، محمد مرسي، في انقلاب، مما أعاد البلاد إلى أيدي الجيش.
ومنذ ذلك الحين، وصف السيسي مظاهرات 2011 بأنها فوضوية ومدمرة واتهمها بأنها السبب الرئيسي في تراجع احتياطي مصر من النقد الأجنبي.
كما جادل أيضًا بأن الاحتجاجات ساهمت في بناء إثيوبيا لسد النهضة، مما عرّض إمدادات المياه في مصر للخطر، وشكلت تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.
في سبتمبر 2019، أشعلت مزاعم الفساد التي أطلقها المُبلغ محمد علي المقيم في إسبانيا احتجاجات مناهضة للسيسي في جميع أنحاء مصر.
والآن، تنطلق الدعوات للتظاهر من سوريا الثائرة، في وقت تعاني فيه الحكومة المصرية من تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة، إلى جانب تزايد السخط الشعبي.
وقد كتب سليم عزوز، وهو صحفي مصري مقيم في قطر ومعارض للسيسي، على موقع فيسبوك، أنه يعارض الكفاح المسلح في مصر، لكنه حث الحكومة على التعامل مع مبادرة منصور بحكمة.
القمع
كالعادة، شددت السلطات المصرية من إجراءاتها القمعية قبل ذكرى الثورة، حيث قامت بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والقيام باعتقالات عشوائية وإجراء عمليات تفتيش واسعة النطاق لمنع أي مظاهرات محتملة.
وآخر الأمثلة على ذلك هو محمد أحمد علام، وهو شاب مصري معروف باسم ريفالدو ولديه حساب ساخر على تطبيق تيك توك لديه أكثر من مليوني متابع. وقد نشر مؤخرًا مقاطع فيديو ينتقد فيها حكومة السيسي ونهجها في التعامل مع المعارضة.
في نوفمبر 2022، داهمت الشرطة المصرية منزل عائلته لاعتقال شقيقه، إلا أنها اعتقلت ريفالدو بدلاً من ذلك. وظل في السجن حتى مايو 2023.
قبل أيام قليلة، انتقد ريفالدو الشرطة المصرية واصفًا إياها بـ"الغبية" ومتهمًا السيسي بالديكتاتورية. وفي اليوم التالي، تم القبض عليه بتهمة التحريض على الفوضى ونشر معلومات كاذبة.
وقد نشرت قناة "أون تي في"، المرتبطة بجهاز المخابرات العامة، تقريرًا عن اعتقاله مستخدمةً لغةً فظة، واصفةً إياه بـ"البلطجي الذي ظن نفسه أشجع رجل على وجه الأرض".
في هذه الأثناء، اختفى أحمد أبو زيد، وهو أحد أشهر مستخدمي اليوتيوب. وتشير التقارير إلى أنه تم القبض عليه ويواجه المحاكمة بتهمة المتاجرة بالعملة.
مع أكثر من 8 ملايين متابع على قناته التعليمية، أصبح أبو زيد، وهو مهندس سابق، شخصية بارزة في الشرق الأوسط. وقد أتاح له نجاحه المشاركة في قمة المليار متابع، على الرغم من أن مصر حليفة الإمارات العربية المتحدة هي من أقامت هذا الحدث الخاص بصناع المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال مصدر مطلع على القضية إن أبو زيد اعتُقل قبل خمسة أيام بعد أن سحب مبلغاً كبيراً من المال، الأمر الذي أثار الشكوك في البنك المركزي. وقال المصدر إنه تم احتجازه لمدة 15 يومًا أثناء إجراء التحقيقات.
وقد أثار اختفاء أبو زيد القلق على تطبيق تيك توك، حيث أعرب الناس عن تضامنهم وغضبهم تجاه السلطات بسبب حملة القمع.
وكان من بين هؤلاء حساب على تيك توك يحمل اسم "إلسويسي"، والذي يتابعه أكثر من 6 ملايين متابع، وقد تناول اعتقال أبو زيد بالقول "لكي تنجو في مصر، يجب أن تفشل".