رئيس جيش السودان يهاجم "الإقليميين" في إشارة غير مباشرة إلى الإمارات العربية المتحدة

في سلسلة من الإشارات المستترة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، هاجم قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان "الإقليميين والسياسيين" الذين يدعمون قوات الدعم السريع شبه العسكرية خلال كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس.

وقال البرهان، الذي كان يتحدث في الوقت الذي يشن فيه جيشه هجومًا كبيرًا لاستعادة العاصمة السودانية الخرطوم، إن قوات الدعم السريع، التي تخوض حربًا مع القوات المسلحة السودانية منذ أبريل من العام الماضي، "تتلقى دعمًا سياسيًا ولوجستيًا على المستويين المحلي والإقليمي".

وقال إنه لولا هذا الدعم، الذي جاء من دول ترغب في "السيطرة على ثروات شعبنا من خلال استخدام القوة وتحديداً من خلال استخدام المال"، لكانت الحرب في السودان قد انتهت.

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقارير مستفيضة عن رعاية الإمارات العربية المتحدة لقوات الدعم السريع، التي يقودها محمد حمدان دقلو، الجنرال وقائد الجنجويد السابق المعروف باسم حميدتي.

في مؤتمر صحفي بعد خطابه، قال البرهان إن حاكم الإمارات محمد بن زايد وعد "بإعادة النظر في الوضع" في مكالمة هاتفية أجراها الرجلان في يوليو. ولم يذكر أي تفاصيل أخرى غير ذلك.

وقال جنرال الجيش، وهو الرئيس الفعلي للدولة السودانية، إنه "من المؤسف للغاية" أن قوات الدعم السريع "تتلقى الدعم من بعض الدول في المنطقة، وهي دول تقدم التمويل والمرتزقة لمصلحتها السياسية والاقتصادية".

وكانت حكومة السودان المتحالفة مع الجيش السوداني قد قدمت في وقت سابق للأمم المتحدة أدلة على دعم الإمارات العربية المتحدة لقوات الدعم السريع، بما في ذلك الوجود المزعوم للقوات الإماراتية على الأرض في السودان.

وتواصل الإمارات العربية المتحدة نفيها العلني لدعمها للقوات شبه العسكرية. وقد لجأ الجيش السوداني مؤخراً إلى روسيا وإيران للمساعدة في محاربة قوات الدعم السريع.

التقدم نحو الخرطوم

في أكبر عملية له منذ بدء الحرب، شن الجيش السوداني هجوماً كبيراً من أم درمان على مواقع قوات الدعم السريع في الخرطوم قبل فجر أمس، واستولى على جسرين في العاصمة وأطلق قتالاً عنيفاً بينما كانت قوات الدعم السريع تحاول احتواء التقدم وطرد المهاجمين إلى النيل، وفقاً لمرصد حرب السودان.

وقال مصدر في قوات الدعم السريع لـ"ميدل إيست آي" إن الجيش لم يسيطر على الجسرين وإنه فقد ضباطًا وجنودًا في الهجوم.

وقال شهود عيان في الخرطوم إن الجيش كان لا يزال يتقدم يوم الجمعة في المدينة وأن طائراته كانت تقصف مصفاة الجيلي النفطية الحيوية الاستراتيجية في ضواحي العاصمة.

في هذه الأثناء، يستمر حصار قوات الدعم السريع للفاشر، عاصمة شمال دارفور، حيث لا يزال أكثر من مليون مدني محاصرين في الوقت الذي يخوض فيه الجيش دفاعاً مستميتاً عن آخر مدينة يسيطر عليها في دارفور.

وكان نشطاء قد أخبروا موقع ميدل إيست آي في وقت سابق أن دارفور تواجه "سربرنيتسا" الخاصة بها في الفاشر، نظراً لخطر قيام قوات الدعم السريع مرة أخرى بارتكاب مجازر بحق المدنيين.

وقال عمال الإغاثة في المنطقة لموقع ميدل إيست آي إن المجاعة ضربت مخيم زمزم، الذي يبعد 15 كيلومتراً عن الفاشر، وأن "عدة مناطق أخرى" في المدينة وبالقرب منها على وشك المجاعة.

في مؤتمره الصحفي في نيويورك، نفى البرهان مستوى المعاناة في السودان، مشيرًا إلى "فجوة غذائية" ومؤكدًا على أنها "لم تصل إلى مستوى المجاعة بعد".

وخلال خطابه، ألقى باللائمة في بؤس البلاد على قوات الدعم السريع التي قال إنها متورطة في "التطهير العرقي والتهجير القسري والإبادة الجماعية".

وقال إن هذه القوات شبه العسكرية، التي انبثقت عن ميليشيات الجنجويد سيئة السمعة في دارفور والتي تم دمجها في الدولة السودانية من قبل الرئيس السوداني السابق عمر البشير في عام 2013، يجب أن "تُعتبر جماعة إرهابية".

في أبريل من هذا العام، قال مركز راؤول والنبرغ إن هناك "أدلة واضحة ودامغة" على أن قوات الدعم السريع ترتكب إبادة جماعية ضد "الجماعات غير العربية" في دارفور، المنطقة الغربية الشاسعة من السودان التي تُعد بمثابة قاعدة قوة قوات الدعم السريع.

وقال البرهان للأمم المتحدة إن مقاتلي قوات الدعم السريع باعوا النساء والأطفال في الأسواق. وقد أخبر العديد من شهود العيان وعمال الإغاثة موقع ميدل إيست آي أن مقاتلي قوات الدعم السريع اغتصبوا النساء طوال فترة الحرب.

وقال برهان إن عائلة دقلو - عبد الرحيم شقيق حميدتي وهو نائب قائد قوات الدعم السريع، كما يشارك أفراد آخرون من العائلة في عملياتها ومشاريعها التجارية، والتي تشمل تصدير الذهب من المناجم التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في دارفور - "تنتهك جميع القوانين والالتزامات الدولية دون عقاب".

لا سلام في الأفق

في نيويورك، يبدو أن فرصة إحراز تقدم دبلوماسي قد تبددت. فبحضور محمد بن زايد وقادة دول مجموعة السبع - الذين قالوا جميعًا إنهم يريدون وقف إطلاق النار - كان من المأمول إحراز بعض التقدم.

يُقال إن الرئيس الأمريكي جو بايدن أثار مسألة إمدادات الأسلحة الإماراتية مع محمد بن زايد عندما التقى بالزعيم الإماراتي، لكن أبو ظبي تواصل نفي تورطها.

وقال باتريك سميث، محرر موقع Africa Confidential، لموقع ميدل إيست آي إن الصحفيين في المؤتمر الصحفي للبرهان أصيبوا بالحيرة عندما وضع مجموعة من الشروط التي يجب الوفاء بها من أجل استعادة السلام، بعد أن أصر في البداية على "أننا حريصون على وقف الحرب واستعادة السلام والأمن، دون أي شروط مسبقة".

وقال البرهان إنه لن يجلس أبدًا لإجراء محادثات مع حميدتي - "ما لم يسحب قواته وينفذ ما اتفقنا عليه".

وخلال خطابه، قال البرهان إن الجيش "متمسك بالالتزامات التي تعهد بها في إطار ثورة 2019 المجيدة"، والتي تم التراجع عنها في أكتوبر 2021 عندما استعاد هو وحميدتي السيطرة الكاملة على السودان لصالح الجيش.

ولطالما اتُهم البرهان بالسعي إلى استعادة سلطة ونفوذ الحركة الإسلامية في السودان وحلفائها في إدارة البشير السابقة، وزعم البرهان أن الجيش "لن يقبل أبدًا بالعودة إلى النظام السابق الذي رفضه الشعب السوداني".

تسببت الحرب الدائرة في السودان منذ ما يقرب من 18 شهرًا في تشريد أكثر من عشرة ملايين شخص وخلفت عشرات الآلاف - وربما أكثر - من القتلى. وقد تفشت الكوليرا وغيرها من الأمراض، وتقول الأمم المتحدة إن ما يقرب من 25 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة.