حظر الإخوان في الأردن وتأثيره على المشهد السياسي
تسليط الضوء على حظر جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وتأثيره على حزب جبهة العمل الإسلامي. كيف ستتطور العلاقة بين الدولة والإسلاميين؟ وما هي العواقب المحتملة لهذا القرار؟ اكتشف المزيد في تحليل شامل.

على الرغم من أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأردنية هذا الشهر بحظر جماعة الإخوان المسلمين غير مسبوقة، وتمثل مرحلة جديدة في العلاقة بين الطرفين، إلا أنها لا تمثل قضاءً تامًا على الحركة الإسلامية.
فحزب جبهة العمل الإسلامي، الجناح السياسي للإخوان المسلمين، لا يزال يحتفظ بصفته البرلمانية القانونية، ويقول إنه سيواصل المشاركة بفاعلية في الحياة السياسية والعامة في البلاد.
فماذا تعني هذه الخطوة ضد جماعة الإخوان المسلمين، وما هي العواقب المحتملة؟
يمثل هذا الحظر تنفيذًا لحكم قضائي سابق ضد الجماعة، والذي وجد أنه لا يوجد أساس قانوني لوجودها في الأردن. لكن جماعة الإخوان المسلمين لم تمتثل لهذا الحكم، وبدلاً من ذلك استمرت في العمل بشكل سري.
وقد تغير الوضع بعد أن تم مؤخرًا اتهام أعضاء الجماعة بالتخطيط لشن هجمات داخل المملكة، إلى جانب مزاعم بتهريب الأسلحة إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
وقد دفعت مخاوف الأردن بشأن ما يمكن أن يعنيه ذلك بالنسبة لمستقبل البلاد إلى اتخاذ إجراءات صارمة، وسط مخاوف من صلات الإخوان بـ حماس وإيران والتهديد بزعزعة الاستقرار الداخلي.
تأتي هذه الأزمة بعد أشهر فقط من قيام الأردن بمساعدة الولايات المتحدة ودول أخرى في صد هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، والذي شُنّ انتقاماً لاغتيال إسرائيل لقادة حماس وحزب الله والحرس الثوري، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة.
تعميق الخلاف
تعمق الصدع بين الدولة الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين بشكل مطرد منذ أكثر من عقد من الزمن منذ الربيع العربي، ووصل إلى ذروته في تداعيات 7 أكتوبر 2023 والانتخابات البرلمانية الأردنية في سبتمبر الماضي، والتي حققت فيها جبهة العمل الإسلامي مكاسب كبيرة.
وقد أجج الصدام بين الإخوان والدولة في الشارع، مدفوعًا بالاحتجاجات الصدامية، صعود الخلايا المسلحة المزعومة، والتي أصبحت بدورها مبررًا للحظر.
هذا لا يعني بالضرورة أن الأردن يستنسخ نماذج عربية أخرى، حيث تم تصنيف جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً وسجن أعضائها، أو أنه يتجه نحو إقصاء كامل للإسلام السياسي من العملية السياسية في البلاد.
بل يبدو أن الحكومة تميّز بين جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم - التي فقدت صفتها القانونية من وجهة نظر الدولة - وبين حزب جبهة العمل الإسلامي الذي يواصل الانخراط في الأنشطة السياسية والبرلمانية.
هذا التمييز يفتح الباب أمام قادة حزب جبهة العمل الإسلامي لإعادة تقييم مسار الحزب وعلاقته بالدولة. كما أنه يتيح الفرصة للحزب لتطوير رؤية استراتيجية مختلفة، وتجنب المسار الذي قاد جماعات الإخوان في دول عربية أخرى نحو السجن والنفي.
شاهد ايضاً: لماذا انهار وقف إطلاق النار في غزة بشكل فعّال
ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة بالنظر إلى أن الإسلاميين ظلوا تاريخياً حركة سلمية ضمن الإطار السياسي للدولة الأردنية، بهدف إحداث تغيير تدريجي. وعلى الرغم من الأزمات المتكررة، لم يصل الطرفان إلى حد المواجهة الشاملة، كما حدث في أماكن أخرى، لأنهما سمحا للبراغماتية والواقعية السياسية أن تقودهما في لحظات الأزمات.
الديناميات الداخلية
في حين حاول بعض المعلقين المقربين من جماعة الإخوان المسلمين في الخارج ربط الأحداث الأخيرة بأجندات دولية وإقليمية، زاعمين أن ضغوطاً خارجية مورست على الأردن، إلا أن هذا الأمر غير دقيق على الأرجح. فقد رفض الأردن تاريخياً مثل هذه الضغوط، وقاوم دعوات الحلفاء العرب لتصنيف الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً.
وفي الوقت نفسه، سعت بعض وسائل الإعلام العربية إلى الاستفادة من قرار الحظر والمبالغة في تصوير تأثيره بشكل كبير، وتصوير ذلك على أنه دليل على أن الأردن يسير على خطى الدول العربية الأخرى في استهداف الإسلاميين.
كل هذه التفسيرات تغفل الديناميكيات الداخلية الحاسمة التي تشكل علاقة الدولة بالإخوان المسلمين.
وهذا لا يعني بالضرورة أن الأزمة بين الدولة والإسلاميين الأردنيين ستنتهي في هذه المرحلة. بل يمكن أن تتطور في الأيام المقبلة، إذا فشل الطرفان في بلورة رؤى واضحة وقواعد جديدة للعبة السياسية، حفاظاً على الاستقرار الداخلي.
ويزداد هذا الأمر إلحاحاً في ظل جوقة الأصوات المحافظة التي تنادي بسياسات قمعية متزايدة في التعامل مع المعارضة السياسية وقضايا حقوق الإنسان.
وفي نهاية المطاف، لا ينبغي التقليل من خطورة وأهمية الأزمة بين الدولة الأردنية والإسلاميين - قوة المعارضة الرئيسية في البلاد -.
فهي تمثل منعطفًا حاسمًا في السياسة الأردنية، وهو منعطف يمكن أن يأخذ منعطفًا سلبيًا نحو التراجع التدريجي عن أجندة الإصلاح الديمقراطي في البلاد، أو أن يكون بمثابة خطوة ضرورية نحو تطوير الإطار السياسي الأردني إلى إطار سياسي قائم على تفاهمات داخلية أكثر وضوحًا وتماسكًا.
أخبار ذات صلة

سوريا تكشف عن حكومة مؤقتة جديدة ذات تنوع ديني

الأتراك يفضلون ترامب على بايدن في استطلاع جديد

قوات الاحتلال الإسرائيلية تجبر آلاف الفلسطينيين على النزوح من بيت لاهيا في غزة
