أصوات الانفجارات تلاحق الإيرانيين في طهران
تحت وطأة القصف الإسرائيلي، يواجه الإيرانيون معاناة يومية. العاملون في الرعاية الصحية يواجهون ضغطًا هائلًا مع تزايد الإصابات، بينما يحاول المدنيون الهرب من العاصمة. قصة إنسانية مؤلمة تعكس واقع الحرب وآثارها على الشعب.

في الوقت الذي يحاول فيه آلاف الإيرانيين الفرار من العاصمة طهران في أعقاب القصف الإسرائيلي، اضطر العديد من العاملين في الخدمات الأساسية إلى البقاء.
ويواجه العاملون في مجال الرعاية الصحية، الذين يعملون في قطاع تضرر بالفعل من سنوات من العقوبات الأمريكية، صراعاً خاصاً للتعامل مع مئات القتلى والجرحى الذين يسقطون يومياً.
تخشى غولناز البالغة من العمر 34 عاماً والتي تعيش في طهران مع زوجها كيوان من أصوات الانفجارات التي تقترب أكثر فأكثر.
قائلةً:"لا تكاد تمر ساعة دون وقوع انفجار قريب. وفي كل مرة، أنظر إلى زوجي وأسأل: "هل تعتقد أننا سننجو من هذا؟"
لا خيار أمام غولناز وكيوان سوى البقاء، فكيوان، 39 عامًا، يعمل كممرض وعليه أن يذهب إلى العمل كل يوم.
قال: "هناك كل أنواع الإصابات, الأطفال والمراهقون والبالغون وكبار السن, والعدد في ارتفاع مستمر كل يوم, إن الضحايا حتى الآن 90 في المئة منهم من المدنيين".
وقال: "المستشفى في حالة من الفوضى, لا ينقصنا الكادر الطبي حتى الآن، ولا يزال لدينا إمدادات ومعدات طبية، ولكن هناك شعور متزايد بالضيق النفسي بين الفريق الطبي والناس على حد سواء. الجميع قلقون بشأن ما قد يحدث بعد ذلك."
تقليد غزة؟
بينما ادعت إسرائيل أنها تستهدف المواقع العسكرية فقط، إلا أن الناس في طهران يروون قصة مختلفة.
فقد أفشين كلاً من زوجته وطفله الصغير في الغارات، التي أسفرت حتى الآن عن مقتل 585 شخصًا على الأقل وفقًا لمنظمات حقوقية.
قال:"عندما غادرت المنزل في ذلك الصباح، لم يكن لدي أي فكرة أنها ستكون آخر مرة أراهما فيها. كنت في العمل عندما رأيت الأخبار, لقد تم قصف شارع سهرفاردي في وسط طهران".
وأضاف: "حاولت على الفور الاتصال بزوجتي، لكن لم يجبني أحد. هرعت إلى المنزل بأسرع ما يمكن، لأجد أن شقتنا أصبحت الآن مجرد كومة من الأنقاض".
في عام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من جانب واحد من الاتفاق النووي الذي وقعه سلفه باراك أوباما، وأعاد فرض العقوبات على إيران تحت مبدأ "أقصى ضغط" على الجمهورية الإسلامية.
وعلى الرغم من وجود إعفاء ظاهري للسلع الإنسانية، إلا أن الجماعات الحقوقية قالت إن العقوبات قيدت بشدة قدرة إيران على تمويل دفع ثمن السلع الطبية الأساسية.
في العام الماضي لجنة الصحة في البرلمان الإيراني قالت واجهت إيران نقصًا في ما يصل إلى 300 دواء.
وكانت علاجات السرطان واضطرابات نقص المناعة والتصلب المتعدد والهيموفيليا والأمراض العقلية من بين الأدوية الأكثر تضررًا.
ورغم توجيه جزء من اللوم إلى الحكومة بسبب مزاعم الفساد وسوء الإدارة، إلا أن الضغط المستمر من قبل نظام العقوبات لعب دورًا رئيسيًا في ذلك.
فقد تم تعليق ما مجموعه 6 مليارات دولار من الأصول الإيرانية المخصصة للاستخدامات الإنسانية التي تم رفع التجميد عنها ونقلها إلى قطر بعد تبادل الأسرى في عام 2023, بسبب دعم إيران المزعوم لحماس في حرب إسرائيل على غزة.
وقال كيوان إنه يخشى من أن تكرر إسرائيل في جميع أنحاء إيران نوع الهجمات التي شنتها في غزة، والتي قضت على نظام الرعاية الصحية في القطاع.
وأشار إلى الهجوم على مستشفى الفارابي في كرمانشاه يوم الاثنين.
وقال: "لقد أظهرت إسرائيل مرارًا وتكرارًا أنها مستعدة لارتكاب أي جريمة، ثم تغلفها برواية مصقولة للتلاعب بالرأي العام".
وأضاف: "ما شهدناه في غزة من معاناة الأطباء والممرضين, كان مأساة لنا جميعًا. نحن زملاء في جميع أنحاء العالم".
نزوح طهران
كان الجيش الإسرائيلي ينشر تحذيرات على وسائل التواصل الاجتماعي، ناصحًا سكان بعض الأحياء بإخلائها خلال ساعات أو المخاطرة بفقدان حياتهم، مرددًا بذلك صدى إجراءات مماثلة في لبنان وغزة.
ولكن في ظل ظروف الحرب وعدم استقرار الاتصال بالإنترنت، فإن العديد من سكان طهران غير قادرين حتى على رؤية هذه التحذيرات.
وفي الوقت نفسه، تسبب التسرع في المغادرة في ازدحام هائل على الطرق السريعة المتجهة إلى خارج المدينة في كل اتجاه.
ترددت مهسا وزوجها مهدي في البداية في المغادرة لكنهما قررا أخيرًا يوم الثلاثاء القيادة إلى برديس، وهي بلدة صغيرة بالقرب من طهران.
وقالت: "يعيش والداي هناك, لذا قررنا الذهاب للإقامة معهم. لكن الأمر استغرقنا ست ساعات لقطع مسافة 48 كيلومترًا فقط. كانت حركة المرور فظيعة للغاية لدرجة أننا أردنا بصراحة أن نركن السيارة على الطريق السريع وننام هناك".
كان بعض الإيرانيين المنتقدين للجمهورية الإسلامية يأملون أن تستهدف الضربات الإسرائيلية قادة الحكومة فقط.
لكن الكثيرين الآن يشعرون بالتخلي عنهم والخيانة.
قال علي البالغ من العمر 31 عامًا: "ظل نتنياهو يقول في خطاباته ومقابلاته إنهم لا يحملون أي شيء ضد الشعب الإيراني، وأنهم يريدون فقط ملاحقة مسؤولي النظام".
وأضاف: "لقد صدقت ذلك, وصدق الكثيرون منا ذلك. لكن ما أراه الآن هو قصف المباني السكنية والمكاتب والمستشفيات. أشعر أنه تم الكذب علينا. إنه يريد تحويلنا إلى بيروت أخرى وغزة أخرى."
لا يعرف الإيرانيون إلى متى ستستمر الحرب.
لكن العديد منهم غاضبون من حكومتهم بقدر ما هم غاضبون من إسرائيل لفشلها في حمايتهم.
فالبلاد التي لم تشهد حرباً شاملة منذ عقود تحترق الآن، ولا أحد يعرف إلى أي مدى ستنتشر هذه النار.
وبينما يستقر كيفان وزوجته في طهران لفترة طويلة، دعا العالم إلى عدم إغفال العاملين في المجال الطبي من أمثاله.
وقال: "أدعو الأطباء والممرضين في كل مكان أن يضعوا أنفسهم مكاننا ويتحدثوا علنًا، حتى لا تجلب إسرائيل علينا هنا في إيران نفس الكارثة التي جلبتها على الطواقم الطبية في غزة".
أخبار ذات صلة

التقى قدامى المحاربين الأمريكيين الصائمين من أجل غزة

ترامب يقول إن اقتراح إيران "غير مقبول" بينما تتفاخر طهران بمعلومات عن الأسلحة النووية الإسرائيلية

مؤتمر لندن حول السودان يبدأ وسط مجازر تتكشف في شمال دارفور
