من هو حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، ولماذا كان له أهمية؟

السيد حسن نصر الله، أحد أقوى الشخصيات العربية في الشرق الأوسط، ترك بصمة دائمة على لبنان الحديث والصراع العربي الإسرائيلي والمنطقة ككل.

قُتل عن عمر يناهز 64 عاماً في سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية القوية في جنوب بيروت في 27 سبتمبر/أيلول.

تحت قيادة نصر الله، الذي يعني لقبه "النصر من عند الله"، نما حزب الله من حركة مسلحة محلية إلى أكبر حزب سياسي في تاريخ لبنان الحديث.

وفي الانتخابات البرلمانية لعام 2018، حصل حزب الله على أكثر من 340 ألف صوت تفضيلي، وهو أكبر عدد من الأصوات التفضيلية لأي حزب في لبنان منذ الاستقلال.

في أكتوبر 2021، قال نصر الله إن حزب الله لديه 100,000 مقاتل، مما يجعله من بين أقوى المنظمات المسلحة غير الوطنية في جميع أنحاء العالم.

هذه القوة مدعومة بنفوذ إقليمي عزز من سمعة حزب الله في العالم العربي: حتى الآن، هو القوة المسلحة الوحيدة، وطنية كانت أو غير ذلك، التي أجبرت إسرائيل على الانسحاب من بلد عربي.

ولطالما كان نصر الله، الذي تستقطب خطاباته اهتماماً من جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، بارزاً في محور المقاومة الإيراني الذي يضم حزب الله وحكومة الرئيس السوري بشار الأسد وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين وحركة الحوثيين في اليمن والعديد من الجماعات شبه العسكرية العراقية.

تم إدراج حزب الله كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وأستراليا وكندا ومجلس التعاون الخليجي وجزء كبير من جامعة الدول العربية، وجناحه العسكري من قبل الاتحاد الأوروبي. في المقابل، تتخذ الصين وروسيا من بين دول أخرى موقفًا محايدًا أو تحافظ على اتصالها.

كيف دخل نصر الله السياسة؟

وُلد نصر الله عام 1960 لأسرة شيعية فقيرة في منطقة شرشبوك، وهي منطقة محرومة في الكرنتينا شرق بيروت. كان مهتماً بالدين في صغره، واستلهم اهتمامه بالدين من السيد موسى الصدر، وهو إمام إيراني المولد من أصل لبناني، الذي أطلق في ربيع 1974 حركة المحرومين، المعروفة باسم أمل، لتأمين المزيد من السلطة للطائفة الشيعية المهملة في لبنان، وتحسين الأوضاع في شرق وجنوب لبنان.

اندلعت الحرب الأهلية في لبنان في نيسان/أبريل 1975: في تموز/يوليو، أطلق الصدر سرايا المقاومة اللبنانية، الجناح المسلح لحركة أمل، لحماية جنوب لبنان من التوغلات الإسرائيلية.

انضم نصر الله إلى حركة أمل. ومع تصاعد الحرب الأهلية، انتقلت عائلته من شرق بيروت ذات الغالبية المسيحية إلى قرية البازورية في صور التي تعود إلى أجدادهم.

في ديسمبر 1976، غادر نصر الله إلى النجف في العراق للدراسة في الحوزة الدينية في المدينة التي كانت تدعو إلى دور أكثر نشاطًا لعلماء الدين الشيعة. وهناك التقى بالعالم اللبناني السيد عباس الموسوي الذي كان يدرس على يد السيد محمد باقر الصدر، ابن عم موسى الصدر.

في أوائل عام 1978، أجبرت حملة بعثية عراقية على الشيعة نصر الله وموسوي على العودة إلى لبنان. أسّس الموسوي حوزة دينية في بعلبك، حيث واصل نصر الله الدراسة فيها.

وفي العام التالي، دعم نصر الله وموسوي - الذي أصبح الآن مسؤولاً في حركة أمل - الإمام الإيراني روح الله الخميني، الذي أسس أنصاره الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

كيف نشأ حزب الله؟

في يونيو 1982، اجتاحت إسرائيل لبنان، بعد محاولة اغتيال شلومو أرغوف، سفير إسرائيل في لندن، على يد منظمة أبو نضال، وهي مجموعة منشقة عن منظمة التحرير الفلسطينية.

وحاصرت إسرائيل بيروت لمدة 10 أسابيع قبل احتلالها في أيلول/سبتمبر، بهدف طرد منظمة التحرير الفلسطينية وتنصيب حكومة عميلة صديقة. وقد أسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 20,000 لبناني وفلسطيني، معظمهم من المدنيين، وأكثر من 370 إسرائيلياً، معظمهم من العسكريين.

وللتعامل مع تداعيات الاجتياح، شكّل الرئيس اللبناني إلياس سركيس لجنة إنقاذ وطني توحيديّة تضم زعيم حركة أمل نبيه بري وقائد ميليشيا القوات اللبنانية بشير الجميل، الحليف المسيحي الرئيسي لإسرائيل في لبنان.

لكن الموسوي ونصر الله وآخرين ممن دعموا الخميني انشقوا عن حركة أمل، متهمين إياها بالخيانة بانضمامها إلى اللجنة، وقالوا إن المقاومة المسلحة هي الحل الوحيد.

وبدعم من إيران وسوريا، أسس المنشقون حزب الله خلال صيف 1982. وقد دعم الحزب عقيدة الخميني الشيعية المتمثلة في ولاية الفقيه، والتي تنص على أن المرشد الأعلى الإيراني له سلطة دينية وسياسية على جميع المسلمين، وليس فقط على الإيرانيين.

كيف حارب نصر الله وحزب الله إسرائيل؟

في عام 1982، أطلق حزب الله حملة حرب عصابات لطرد إسرائيل من لبنان. وقال إن ذلك كان مقدمة لتحرير فلسطين التاريخية، التي تشمل دولة إسرائيل.

وبالإضافة إلى مهاجمة القوات الإسرائيلية والمواقع الأمامية الإسرائيلية، قام حزب الله أيضًا بتفجيرات انتحارية، بما في ذلك تفجير انتحاري ضد مقر عسكري إسرائيلي في مدينة صور الجنوبية في تشرين الثاني/نوفمبر 1982 أسفر عن مقتل 75 إسرائيليًا على الأقل وما يزيد عن 20 فلسطينيًا ولبنانيًا، كان العديد منهم أسرى.

أُنشئت القوة المتعددة الجنسيات في لبنان، وهي مجموعة لحفظ السلام ضمت قوات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، وكُلفت بالإشراف على انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت ودعم الجميل لاحقاً. لكن انتهى بها الأمر في نهاية المطاف إلى القتال ضد معارضة الدروز والسنة والشيعة.

وتبع ذلك المزيد من الهجمات. وشملت تفجير السفارة الأمريكية في لبنان في نيسان/أبريل 1983، الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 17 أمريكيًا وأكثر من 30 لبنانيًا؛ وهجوم مماثل على السفارة التي تم نقلها في أيلول/سبتمبر 1984، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 20 شخصًا، معظمهم من غير الأمريكيين؛ والهجمات التي وقعت في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1983 على ثكنات مشاة البحرية الأمريكية وموقع المظليين الفرنسيين في بيروت، والتي أسفرت عن مقتل 300 جندي وعناصر أخرى من البلدين. ونفى حزب الله، الذي أُلقي عليه اللوم، تورطه في هذه الهجمات لكنه قال إنه دعم عمليات القتل.

وبحلول صيف 1985، كانت إسرائيل قد غادرت معظم جنوب لبنان، وسط استمرار الهجمات، واحتلت سلسلة من التجمعات السكانية القريبة من الحدود. لكن حزب الله واصل هجومه وقصف مواقع إسرائيلية في ما يسمى بالمنطقة الأمنية.

في ذلك الصيف، اختطفت مجموعات شيعية طائرة TWA الرحلة 847 وأجبرتها على الهبوط في بيروت. وقُتل أحد الرهائن؛ أما الرهائن الـ 152 الباقون، وأكثر من نصفهم من الأمريكيين، فقد تم تحريرهم بعد أن أطلقت إسرائيل سراح 700 سجين لبناني وفلسطيني. اتهمت الولايات المتحدة القيادي البارز في حزب الله عماد مغنية بتدبير العملية: نفى حزب الله مرة أخرى مسؤوليته عن العملية، لكنه أعرب عن دعمه لها.

كيف أصبح نصر الله زعيم حزب الله؟

في عام 1985، أصبح نصر الله رئيساً للمجلس التنفيذي لحزب الله وعضواً في مجلس شورى الحزب. وغالباً ما كان يذهب إلى إيران للتشاور وتلقي آخر المستجدات حول الحرب الإيرانية العراقية المستمرة، وهو ما حدث، كما قال لاحقاً، لأنه كان يتحدث الفارسية أفضل من زملائه.

"كانوا يقولون لي: أنت تحب الإيرانيين وهم يحبونك، لذا اذهب إلى إيران. كنت ألتقي بسماحة الإمام \الخميني. كنت أجلس معه لمدة ساعة أو ساعتين أو أكثر."

وقد كتب الجنرال الإيراني حسين همداني في مذكراته كيف أشرف نصر الله على السياسة العامة لمحور الحلفاء خلال الحرب الأهلية في سوريا بعد عقود من الزمن، وكيف كلفت إيران بتوحيد حلفائها المسلحين في العراق بعد اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني على يد الولايات المتحدة في يناير 2020.

في فبراير 1992، اغتيل الموسوي الذي كان يشغل منصب الأمين العام لحزب الله وزوجته وطفله في غارة جوية إسرائيلية.

وفي حديثه في جنازته، قال نصر الله: "سنواصل هذا الطريق... حتى لو استشهدنا جميعًا وهدمت بيوتنا فوق رؤوسنا، لن نتخلى عن خيار المقاومة الإسلامية".

تولى نصر الله قيادة حزب الله، وتحت قيادته، حصل الحزب على صواريخ أطول مدى، مما سمح له باستهداف المزيد من المناطق في شمال إسرائيل.

قال نصر الله إن الجمهورية الإسلامية هي الأفضل للبنان، لكن حزب الله لن يطرح هذا الخيار في لبنان إلا إذا كان يحظى بدعم غالبية اللبنانيين.

وخلال صيف 1992، قدّم مرشحين للانتخابات البرلمانية الأولى بعد الحرب الأهلية، عندما فاز حزب الله بـ12 مقعداً. ومنذ ذلك الحين، شارك الحزب في جميع الانتخابات البرلمانية.

كم مرة دخل حزب الله وإسرائيل في صراع؟

من بين جميع الجماعات المسلحة التي عارضت إسرائيل، تسبب حزب الله للقوات المسلحة الإسرائيلية بأكبر قدر من الصعوبات.

فمنذ تأسيس حزب الله في عام 1982، لم تمر سنة لم يحدث فيها تبادل لإطلاق النار أو إطلاق صواريخ بين الطرفين.

وخلال منتصف التسعينيات، وسّع حزب الله عملياته العسكرية في المنطقة التي تحتلها إسرائيل، وأغرق إسرائيل في حرب عصابات لا يمكن الفوز فيها، وكان الحزب يتذرع بأنه يفعل ذلك لاستعادة المنطقة و"السماح للنازحين بالعودة إلى ديارهم".

في أيار/مايو 2000، انسحبت إسرائيل من جانب واحد من جنوب لبنان، وهي المرة الأولى التي تنهي فيها احتلالها لأرض عربية دون معاهدة أو ترتيب أمني. وأثبتت هذه الخطوة صحة حجة نصر الله الطويلة الأمد بأن المقاومة المسلحة وحدها قادرة على استعادة الأرض العربية.

في يوليو 2006، شنت إسرائيل توغلاً في لبنان بعد أن أسر حزب الله جنديين إسرائيليين في هجوم عبر الحدود. وقال حزب الله إن عملية الخطف كانت لكسب النفوذ من أجل إطلاق سراح سجناء لبنانيين في إسرائيل.

وتصاعد تبادل إطلاق النار عبر الحدود، حيث أطلق حزب الله أكثر من 4000 صاروخ على شمال إسرائيل. وبحلول نهاية الحرب التي استمرت 33 يوماً، قُتل أكثر من 1200 لبناني و160 إسرائيلياً - وتعززت سمعة حزب الله أكثر فأكثر.

وفي 14 تموز/يوليو 2006، حثّ نصر الله الناس في بيروت خلال خطاب ألقاه على التوجّه غرباً إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط. وبينما كانوا يفعلون ذلك، أطلق حزب الله صاروخ أرض-بحر على السفينة البحرية الإسرائيلية "حانيت"، مما أسفر عن مقتل وجرح عدد من أفراد طاقمها.

وانتهى النزاع في 14 آب/أغسطس بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي نص على أن تكون قوة الأمم المتحدة المؤقتة المعززة، إلى جانب وحدات الجيش اللبناني، مسؤولة وحدها عن الأمن في المنطقة الحدودية الجنوبية.

ارتفعت شعبية نصر الله، لكن ظهوره العلني أصبح نادراً وسط خوفه من الاغتيال من قبل إسرائيل. وباتت معظم خطاباته المباشرة تُنقل الآن عبر الفيديو من مكان غير معلوم.

ما هو الدور الذي لعبه حزب الله ونصر الله في الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2023؟

في 7 أكتوبر 2023، شنت حركة حماس وجماعات فلسطينية أخرى متمركزة في غزة هجومًا مفاجئًا على جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1100 شخص. أعلنت إسرائيل الحرب في ذلك اليوم: قُتل أكثر من 35,000 فلسطيني منذ ذلك الحين.

وفي خطاب ألقاه في 3 نوفمبر 2023، أشاد نصر الله بالهجوم الذي قادته حماس، والمعروف باسم "طوفان الأقصى"، قائلاً "لقد كان عملًا بطوليًا وشجاعًا ومبدعًا ومتقنًا وعظيمًا يجب أن ترفع له كل التحية".

وقال إنها كشفت ضعف إسرائيل وهشاشتها، لكنه شدد على أن حزب الله أو أيًا من فصائل محور المقاومة لم يكن على علم مسبق بالهجوم.

وكان حزب الله قد بدأ في 8 أكتوبر/تشرين الأول بإطلاق النار على مواقع إسرائيلية على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية البالغ "تضامناً" مع الفلسطينيين. ومنذ ذلك الحين، انخرط الطرفان في هجمات يومية عبر الحدود. وقد أثار تزايد نطاق ووتيرة الهجمات من كلا الجانبين مخاوف من اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقاً.

كما سمحت الجماعة للمقاتلين الفلسطينيين بشن هجمات ضد إسرائيل من جنوب لبنان.

قُتل أكثر من 1,500 شخص في لبنان منذ بدء الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله في 8 أكتوبر من العام الماضي.

وقُتل أكثر من 700 شخص في الهجمات الإسرائيلية في جميع أنحاء لبنان هذا الأسبوع، حيث تم الإبلاغ عن مقتل أكثر من 550 شخصاً في 23 سبتمبر/أيلول وحده. وبالإضافة إلى ذلك، نزح أكثر من 118,000 شخص، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.

وقد اتسقت جهود حزب الله مع جهود أعضاء آخرين في محور المقاومة، بما في ذلك حركة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، التي هاجمت سفن الشحن في البحر الأحمر واستخدمت طائرات بدون طيار ضد أهداف في إسرائيل؛ والحركات المسلحة العراقية التي استخدمت هي الأخرى طائرات بدون طيار ضد إسرائيل.

وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تخفيف الضغط على حماس من خلال تقييد القوات الإسرائيلية في أماكن أخرى وإجبارها في نهاية المطاف على وقف دائم لإطلاق النار في غزة.

ونظرًا لمكانة نصر الله في المحور، فمن المرجح جدًا أنه لعب دورًا رئيسيًا في توجيه الاستراتيجية ونطاقها.

ما رأي نصر الله في الأطراف الأخرى في لبنان؟

التحالفات والمصالح بين حزب الله والمجموعات اللبنانية الأخرى متقلبة للغاية.

في أواخر الثمانينيات، اختلف حزب الله وحركة أمل حول التكتيكات المسلحة في الجنوب، والتوجه السياسي للشيعة، ورؤيتهم للبنان.

في نيسان/أبريل 1988، طردت حركة أمل حزب الله من معظم جنوب لبنان: في الشهر التالي، استولى حزب الله على معظم جنوب بيروت الذي يهيمن عليه الشيعة. استمر العنف المتقطع في عامي 1989 و1990، بما في ذلك الاغتيالات المتبادلة. في نهاية المطاف، توسطت سوريا وإيران، راعيتا حركة أمل وحزب الله، في اتفاق في تشرين الثاني/نوفمبر 1990، مما سمح لحزب الله بالعودة إلى الجنوب.

وأعقب ذلك تحول في النهج: خلال التسعينيات، أكد حزب الله بشكل متزايد على هويته اللبنانية، وأصبح أكثر انفتاحاً وتحدث مع أطراف أخرى.

"كان إنشاء حزب الله نتيجة قرار اتخذه لبنانيون. فحزب الله هو حزب لبناني"، هذا ما أكده نصر الله في مقابلة أجريت معه عام 1995.

وبحلول منتصف التسعينيات، قام حزب الله بإصلاح العلاقات مع حركة أمل. لكن في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب في أيار/مايو 2000، لم يعد الكثير من اللبنانيين يقبلون ادعاءات الحزب بأن قوته وترسانته الضخمة ضرورية لمقاومة إسرائيل. وتزايدت الدعوات داخل لبنان لنزع سلاح حزب الله.

في 14 شباط/فبراير 2005، قُتل رفيق الحريري، رئيس الوزراء لثماني سنوات من أصل 12 سنة، في انفجار قنبلة في بيروت: كان رفيق الحريري حليفاً لسوريا منذ فترة طويلة، والتي أدخلت قواتها إلى لبنان عام 1976 كجزء من خطة لإنهاء الحرب الأهلية في البلاد، والتي وافق اتفاق الطائف للسلام في تشرين الأول/أكتوبر 1989 على وجودها.

لكن علاقة الحريري مع دمشق كانت قد توترت قبل اغتياله مباشرة، بعد اتهامه بدعم الانسحاب السوري من لبنان ونزع سلاح حزب الله.

وتحت الضغط الدولي، انسحبت سوريا في نيسان/أبريل 2005. وأعقب ذلك سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت سياسيين وصحفيين مناهضين لسوريا.

وقد طالب تحالف 14 آذار، الذي تشكل بعد اغتيال الحريري، بإجراء تحقيق دولي في مقتله، وألقى باللوم على سوريا. وبعد ذلك بسنوات، قال الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، وهو شخصية رئيسية في قوى 14 آذار في ذلك الوقت، إن التحالف تصرف بناء على "تحريض أمريكي".

في صيف 2020 وربيع 2022، أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ثلاثة عناصر من حزب الله غيابيًا بالتورط في اغتيال الحريري. وتم توجيه الاتهام إلى عنصر رابع لكنه توفي في سوريا قبل المحاكمة. وقال نصر الله إن المحكمة ونتائجها كانت أداة إسرائيلية تحاول إشعال حرب أهلية في لبنان.

وقال تحالف 14 آذار أيضاً إن على حزب الله تسليم سلاحه إلى الجيش وأن تمارس الحكومة اللبنانية سيادتها الكاملة.

لكن حزب الله جادل بأن الجيش اللبناني غير المجهز تجهيزاً كافياً كان أضعف من أن يردع أي تهديدات إسرائيلية في المستقبل. في هذه الأثناء، تنامى نفوذ الحزب مع ملء الفراغ العسكري والاستخباراتي الذي أحدثه رحيل سوريا.

في أيار/مايو 2008، أدى الصراع على السلطة بين حزب الله وخصومه السياسيين اللبنانيين إلى صراع مسلح بعد أن حاولت الحكومة التي تهيمن عليها قوى 14 آذار تفكيك شبكة اتصالات الحزب. استولى مقاتلو حزب الله لفترة وجيزة على أجزاء من بيروت.

وجاء السلام باتفاق بوساطة قطرية، تقاسم بموجبه حزب الله السلطة مع تحالف 14 آذار. ولكن على الرغم من المناقشات العديدة حول ترسانة حزب الله، إلا أنها ظلت قائمة.

ما رأي اللبنانيين في نصر الله؟

غالبًا ما تنقسم الآراء حول نصر الله. فهو يتمتع بتأييد واسع بين العديد من اللبنانيين، خاصة الشيعة وسكان جنوب لبنان.

ويرتبط ذلك إلى حد كبير بكون حزب الله قد أصبح قوة عسكرية إقليمية كبرى، حيث أخرج إسرائيل من جنوب لبنان. ويقول أنصاره إن الجنوب اللبناني استطاع أن ينعم بسلام غير مسبوق منذ عقدين من الزمن.

يحترم الكثيرون أسلوب حياته المتواضع، على عكس العديد من القادة والسياسيين اللبنانيين، فقد كشف نصر الله في إحدى المقابلات أن راتبه الشهري لا يزيد عن 1300 دولار.

كما أنه لم يعرب عن خشيته من الطريقة التي يُنظر بها إليه. "لا أنتظر أن يبرئني التاريخ... المهم أن يبرئنا الله ونرضيه"، قال نصر الله في مقابلة أجريت معه في عام 2016.

لكن بالنسبة إلى لبنانيين آخرين، حوّل نصر الله حزب الله إلى دولة مصغرة قضمت صلاحيات وسيادة الحكومة وعززت نفوذ إيران في لبنان.

ويقول معارضوه أيضاً إنه أفسد علاقات بيروت مع الدول العربية الغنية التي يمكن أن تساعد الدولة المنكوبة اقتصادياً، لا سيما من خلال دعمه للحوثيين في اليمن الذين يقاتلون الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

وبالمثل، تم انتقاد دعم الحزب لحكومة الأسد خلال الحرب الأهلية في سوريا منذ عام 2011 فصاعدًا باعتباره نفاقًا، نظرًا لمقاومته للاحتلال الإسرائيلي للبنان.

ورداً على ذلك، قال نصر الله إن سقوط الأسد سيحرم حزب الله من داعم رئيسي له. كما استخدم حماية المواقع الدينية ومواجهة جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية كأسباب للتدخل في الصراع.

كما تعرض نصر الله لانتقادات لعدم دعمه للاحتجاجات المناهضة للسلطة في جميع أنحاء البلاد ضد الفساد وعدم الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية في خريف 2019. وحذر نصر الله من أن القوى الأجنبية تحاول إثارة الفتنة الأهلية من خلال استغلال هذه الاحتجاجات.

ما هو إرث نصر الله؟

تمكن لبنان الحديث تحت قيادة نصر الله من الدفاع عن نفسه عسكريًا ضد إسرائيل، على الأقل في الجنوب.

وقد أصبح جناحه السياسي أحد أقوى أحزاب الإسلام السياسي الحديث، وله حلفاء في سوريا والعراق واليمن وإيران وفلسطين.

لكن حزب الله كثيراً ما انجرّ إلى حروب أهلية إقليمية، لا سيما في سوريا واليمن.

ويعاني لبنان الآن من أزمة اقتصادية غير مسبوقة وهو منبوذ من قبل العديد من الدول العربية. وبالنسبة للكثير من اللبنانيين، يشبه حزب الله الأحزاب السياسية الرئيسية الأخرى، مع فشله في معالجة الفساد المستشري وضمان الخدمات الأساسية وفرص العمل ومستقبل مزدهر.

من سيخلف نصر الله كزعيم لحزب الله؟

أي خليفة لنصر الله سيأتي من داخل صفوف حزب الله، وهو حزب مؤسسي ذو تسلسل هرمي واضح.

ويمكن أن يكون من بين المرشحين المحتملين السيد هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله.