مجزرة غزة وتغطية الإعلام الإسرائيلي المنحازة
في يوم دموي، قُتل أكثر من 400 فلسطيني في غارات إسرائيلية، بينهم أطفال ونساء، خلال شهر رمضان. التغطية الإعلامية الإسرائيلية تتجاهل الضحايا المدنيين، مما يبرز انحيازاً واضحاً في سرد الأحداث. تفاصيل أكثر على وورلد برس عربي.

في واحد من أكثر الأيام دموية في غزة منذ بدء الحرب الإسرائيلية في عام 2023، أودت الغارات الجوية الإسرائيلية بحياة أكثر من 400 فلسطيني يوم الثلاثاء، من بينهم أكثر من 180 طفلاً و90 امرأة، في غضون ساعات.
ونُفذت الهجمات، التي انتهكت اتفاق وقف إطلاق النار، خلال شهر رمضان المبارك. وقد تمت تغطيتها بشكل مختلف في وسائل الإعلام الإسرائيلية مقارنة بباقي أنحاء العالم.
فقد كتب آفي أشكنازي، المراسل العسكري لصحيفة معاريف اليمينية، أن "إسرائيل أرادت إصابة أكبر عدد ممكن من عناصر حماس في الضربة الأولى من الهجوم". وأضاف أن شهر الصيام الإسلامي "ساعد في تنفيذ المهمة".
وكتب أشكنازي أن "جهاز الأمن العام (الشاباك) والمخابرات العسكرية أعدا العناوين التي من المفترض أن يتواجد فيها أعضاء حماس ويقيموا فيها إفطارهم الليلي".
وبصرف النظر عن المنظور العسكري الذي تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية، فقد تمت تغطية الهجوم ونتائجه الدامية دون الإشارة إلى عدد الأطفال الذين استشهدوا. وفي بعض الحالات، تم وصف جميع الضحايا بالإرهابيين.
وعلى نحو مماثل، أفاد ثلاثة من كبار المراسلين العسكريين الإسرائيليين بالقصف بشكل مماثل، وقالوا أن الجيش استهدف "قادة ومسؤولين من المستوى المتوسط والكبير في حماس".
وقالت أورلي نوي، وهي صحفية من موقع "لوكال كول" الإخباري الإسرائيلي، إن التغطية الإسرائيلية المتحيزة للهجمات هي جزء من ظاهرة أوسع.
وقالت نوي: "لقد اخترع الإعلام الإسرائيلي مصطلحات بديلة لوصف أعمال المقاومة الفلسطينية". "بالنسبة لوسائل الإعلام الإسرائيلية، لا يوجد فرق بين مهاجمة الجنود ومهاجمة المدنيين."
ووفقًا لنوي، فقد توسعت هذه المصطلحات خلال الحرب. "لقد تبنى الإعلام الإسرائيلي الادعاء بأنه لا يوجد أبرياء في غزة".
وأوضحت نوي أن وسائل الإعلام الإسرائيلية فشلت في نقل الأثر الفعلي للهجوم لأن "وسائل الإعلام معبأة لكي يتمكن \رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والجيش من مواصلة تنفيذ الإبادة الجماعية في غزة."
وقالت نوي : "إنه استمرار مباشر لسياسة الإعلام الإسرائيلي في إخفاء الحقائق عن الرأي العام الإسرائيلي".
القضاء على حماس
أفاد أوهاد حيمو، مراسل الشؤون العربية في القناة 12، القناة الإسرائيلية الرائدة، أن "أكثر من 400 فلسطيني قتلوا في الهجوم".
ووفقًا لحيمو، فإن "القاسم المشترك بين جزء كبير من هؤلاء الضحايا هو دورهم الحاسم في البنية المدنية-الحكومية لحماس".
ويتوافق تقرير حيمو مع تصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
"لقد تم ضرب عشرات الأهداف لإعاقة قدرات حماس الحكومية والعسكرية وإزالة التهديدات على إسرائيل، بما في ذلك العديد من الإرهابيين من المستوى المتوسط والرفيع في المكتب السياسي لحماس الذين تمت تصفيتهم"، كما جاء في التقرير.
كما تجاهلت القناة 13، التي تعتبر ليبرالية، التكلفة الباهظة للهجوم الإسرائيلي.
وجاء في تقريرها أن "وقف إطلاق النار قد انهار". "في قطاع غزة، تشير التقارير إلى أن أكثر من 300 شخص قتلوا في الهجمات، بما في ذلك مسؤولين كبار في حماس"، دون أن تذكر المدنيين الأبرياء .
ولم تكن وسائل الإعلام الإسرائيلية هي الوحيدة التي تجاهلت هويات الضحايا، بل إن بعض الضحايا وصفوا في بعض الحالات بأنهم إرهابيون أو عناصر من حماس.
وذكرت القناة 14 أنه "تم القضاء على مئات الإرهابيين" في إشارة إلى حماس المدافعة عن الأرض الفلسطينية.
وقال المراسل العسكري للقناة هيليل بيتون روزين: "لقد تمكنا الليلة من القضاء على مئات الإرهابيين، بمن فيهم أولئك الذين لهم دور كبير في حماس، وكذلك المشاركين في تحرير الرهائن الذين كانوا مسؤولين عن إذلالهم".
وأشاد أشكنازي من صحيفة "معاريف" بالدور الذي لعبه تومر بار، قائد سلاح الجو، ورئيس الشاباك، رونين بار، الذي يريد نتنياهو إقالته، في الهجوم القاتل.
وبحسب أشكنازي، فإن الاثنين "قادا عملية دقيقة قضت على 300 إرهابي في غضون دقائق".
وتابع أشكنازي : "الليلة الماضية في الساعة 2:10 صباحًا، تلقى نحو 300 إرهابي من حماس والجهاد الإسلامي، وربما أكثر، زيارة مفاجئة من قنابل سلاح الجو التي سقطت على رؤوسهم".
وأضاف متباهياً بأفعالهم القذرة: "لقد كان الطيران مثاليًا، ولم تستغرق العملية أكثر من 10 دقائق، وأصابت جميع الذخائر الهدف مباشرة".
المزيد من التجريد من الإنسانية
وبحسب نوي، فإن "غياب الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا في وسائل الإعلام أو وصفهم بالإرهابيين يمكن أن يعزى إلى سبب آخر".
"كلما ازداد عدد الفلسطينيين الذين تبيدهم إسرائيل، كلما ازدادت الحاجة إلى نزع الإنسانية عن الفلسطينيين، لأنه إذا لم يتم ذلك، ستضطر إسرائيل إلى التعامل مع الفظائع التي ارتكبتها في غزة." كما قالت نوي.
وتابعت نوي "لا يمكن لوسائل الإعلام أن تصور الفلسطينيين على أنهم إنسانيون، وإلا فإن الحرب لن تكون قادرة على الاستمرار. وسائل الإعلام الإسرائيلية تتصرف بروح تشريع وزير الاتصالات شلومو كراعي الذي يحظر المس بمعنويات الشعب".
ووفقًا لتشريعات كراعي، سيكون بإمكان الوزير أن يأمر باعتقال المواطنين الذين ينشرون معلومات تضر بمعنويات الإسرائيليين أو تستخدم للدعاية المعادية.
لم تكن وسائل الإعلام اليمينية وحدها التي وصفت الضحايا الذين سقطوا صباح الثلاثاء بالإرهابيين. فقد نشرت القناة 12 صوراً لمسؤولين كبار في حماس قتلوا في الهجوم مع التعليق التالي : "لقد فوجئت حماس. قُتل نحو 400 من عناصرها".
وكتب باراك سيري المعلق في القناة 12 وراديو 103 مباشرة بعد التقارير الأولية عن الهجوم: "انهار وقف إطلاق النار الليلة. غارة جوية إسرائيلية على غزة، تصفية أكثر من 200 إرهابي".
وقالت نوي: "تتظاهر القناة 12 بأنها تعمل في إطار أخلاقيات العمل الصحفي والعمل الموثوق به، لكنها عملياً تنقل نفس الرسائل التي تنقلها القنوات اليمينية".
وقالت" "إن الإسرائيلي العادي يستقي معلوماته من القناة 12، ويتصور أن هذه التغطية هي حقائق".
ونتيجةً لذلك، فإن "خداع القناة 12 أكبر" من خداع القناة 14، بحسب نوي.
أخبار ذات صلة

إيران: ظريف يقول إن هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل "دمر" المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة

عماد استشهد أثناء بحثه عن الطعام لأطفاله. كم من الحزن يجب أن تتحمله عائلات غزة؟

الرئيس الفلسطيني محمود عباس يُعين روحي فتوح خلفًا له
