حزب الله واستعداداته للتدخل في الصراع المحتمل

قد ينضم حزب الله إلى الحرب بين إسرائيل وإيران إذا تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر، أو إذا قُتِلَ المرشد الأعلى الإيراني، حسبما قالت مصادر مقرّبة من الجماعة اللبنانية.

وفي 14 يونيو (حزيران)، صرّح حسن فضل الله، النائب عن حزب الله: "إيران تعرف كيف تدافع عن نفسها".

وقد فُسِّرت هذه التصريحات على نطاق واسع في الأوساط السياسية اللبنانية على أنها إشارة إلى أن الجماعة التي أنهكَتْها الحرب لا تريد التدخل لدعم حلفائها الإيرانيين. كما قال مسؤول في حزب الله لوكالة رويترز الأسبوع الماضي إن الحزب "لن يبادر إلى شن هجوم على إسرائيل رداً على الضربات على إيران".

ومع ذلك، قالت مصادر مقرّبة من الحزب إن تقرير رويترز غير دقيق.

وقال أحد المصادر إن حزب الله لديه "خطوط حمراء" أيديولوجية، وهي التدخل العسكري الأمريكي المباشر في الحرب، أو اغتيال آية الله علي خامنئي.

هذه السيناريوهات من شأنها أن "تقلب الحسابات" وقد تدفع الحزب إلى الصراع. ولم يُفصِح المصدر عن شكل هذا الدور في الحرب بالضبط.

وقد كرّر مسؤول إيراني رفيع المستوى أحد الخطوط الحمراء قائلاً إن حزب الله سيتدخل إذا ما تدخلت واشنطن.

وقد ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخطين الأحمرين في الأيام الأخيرة.

وذكرت شبكة سي بي إس في تقرير أن ترامب وافق على خطط لمهاجمة إيران بشكل مباشر، لكنه لم يتخذ قرارًا نهائيًا بشأنها بعد.

وبشأن خامنئي، قال الرئيس يوم الثلاثاء إن واشنطن تعرف مكان المرشد الأعلى، لكنها لن تقتله "في الوقت الراهن".

"معركة وجودية"

مجموعة من الجهات الفاعلة غير الحكومية في المنطقة المتحالفة مع إيران ترى أن الصراع الحالي هو "معركة وجودية"، حسبما قال مصدر ثانٍ مقرّب من حزب الله.

وقال علي رزق، وهو محلل أمني لبناني وخبير في شؤون حزب الله، إن مقتل خامنئي، إذا ما أُخِذَ بمعزل عن غيره، لن يشكل بالضرورة تهديدًا وجوديًا لحزب الله.

"أعتقد أن التهديد الوجودي بالنسبة لحزب الله هو أن يتم تدمير الجمهورية الإسلامية." قال رزق. "من المحتمل جداً أن يتدخل حزب الله إذا كان بقاء النظام على المحك".

وأضاف رزق أنه إذا انخرطت الولايات المتحدة عسكرياً، فإن الصراع يمكن أن "يتفاقم ويتحول إلى تغيير النظام"، وهو ما سيجرّ حزب الله على الأرجح إلى التورط في الصراع.

"جبهة دعم" مثل حربي غزة وسوريا

حذّر توم باراك، المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا، حزب الله من التدخل.

وقال للصحفيين يوم الخميس في بيروت، بعد وقت قصير من اجتماعه بمسؤولين لبنانيين، من بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري: "يمكنني القول نيابة عن الرئيس ترامب... سيكون ذلك قرارًا سيئًا للغاية".

وقال المصدر الثاني: "إذا اقتضت الضرورة، وإذا كان النظام الإيراني مهدداً، فالحزب مستعد للدخول في هذه المعركة من خلال جبهة مساندة، كما حصل مع غزة وسوريا".

وكان حزب الله قد فتح جبهة قتال مع إسرائيل في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، دعماً للفلسطينيين الذين يتعرضون للهجوم الإسرائيلي الوحشي في غزة.

وعلى مدار عام تقريبًا، اقتصر الصراع على تبادل إطلاق النار عبر الحدود. لكن في سبتمبر (أيلول)، فجّرت إسرائيل آلاف أجهزة الاستدعاء الخاصة بأعضاء حزب الله، قبل أن تشن حملة قصف واجتياح بري ضخم. واستشهد أكثر من 3,900 لبناني، غالبيتهم من المدنيين الأبرياء.

وأدت الحرب إلى إضعاف حزب الله بشدة، مما أدى إلى مقتل الكثير من قيادته العليا، بما في ذلك زعيمه حسن نصر الله.

وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني)، على الرغم من استمرار إسرائيل في شن هجمات متكررة على جنوب لبنان وضواحي بيروت. ولا يزال الجيش الإسرائيلي يحتل عدة مواقع في جنوب لبنان، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

أما في سوريا، فقد قاتلت قوات حزب الله البرية لعدة سنوات دعماً للديكتاتور بشار الأسد.

لكن حكم سلالة الأسد الذي استمر خمسة عقود سقط في ديسمبر (كانون الأول)، في هجوم مفاجئ شنه الثوار الأحرار.

"بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني"

منذ أن تم تعيين إدارة لبنانية جديدة في فبراير (شباط)، بعد عامين من الجمود، كانت المناقشات مستمرة بين الحكومة وحزب الله حول مستقبل سلاح الحزب الهائل.

وقال مسؤول لبناني إن الحكومة في بيروت أوعزت إلى الجيش اللبناني بالتواصل مع حزب الله وضمان إبقاء لبنان خارج الصراع.

وقال المسؤول إن عدة اجتماعات حكومية عُقِدَت حول تداعيات الصراع، بما في ذلك اجتماعات في القصر الرئاسي بين الرئيس جوزيف عون ورؤساء الأجهزة الأمنية اللبنانية.

وقال رزق إن التدخل العسكري سيشكل تحدياً سياسياً لحزب الله.

"سيضع هذا الأمر الدولة اللبنانية في موقف صعب، وقد يؤدي إلى إرباك العلاقات بين عون وحزب الله". قال رزق.

وأضاف: "لقد أقاموا علاقات جيدة مع رئيس الجمهورية".

يُنظر إلى حزب الله على نطاق واسع على أنه الجماعة غير الحكومية الأكثر تسليحًا في العالم.

وتشمل ترسانته مجموعة واسعة من الطائرات بدون طيار والصواريخ والقذائف بعيدة المدى. ويُعتقد أن العديد من أسلحته الثمينة محفوظة في أنفاق محفورة في أعماق الأرض، كإجراء دفاعي ضد العدوان الإسرائيلي المتكرر.

وقال المصدر الثاني إن حزب الله خضع لعملية إعادة تنظيم هيكلي منذ حربه الأخيرة مع إسرائيل، بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني.

وأضاف: "منذ الحرب، أصبح الحرس الثوري منخرطًا بشكل كبير في تنظيم الحزب ويشرف على إعادة بنائه".

وتابع: "وبالتالي، فإن أي قرار يتخذه الحزب سيكون بالتنسيق مع الحرس الثوري الذي ينظر إلى هذه الحرب على أنها معركة للحفاظ على النظام الإيراني ومنع انهياره".

وقالوا إنه على الرغم من مرور أكثر من عام على الصراع مع إسرائيل، إلا أن حزب الله احتفظ بقدرات قتالية وأسلحة بعيدة عن متناول الضربات الجوية الإسرائيلية، مما يجعله قادرًا على الرد على أي عدوان محتمل.