دروس هامة من حرب إسرائيل وإيران لتركيا
يشير تقرير أكاديمية الاستخبارات الوطنية التركية إلى ضرورة تعزيز قوة الردع العسكري وبناء بنية جديدة للأمن القومي لمواجهة التحديات الحديثة. يتضمن دعوات لإصلاحات في أنظمة الإنذار المبكر وتحسين الدفاع الجوي لمواجهة التهديدات المتزايدة.

يشير تقرير جديد أعدته أكاديمية الاستخبارات الوطنية التركية حول حرب إسرائيل مع إيران التي استمرت 12 يومًا إلى أن على أنقرة اتخاذ مجموعة شاملة من الخطوات، بدءًا من تعزيز قوة الردع العسكرية إلى بناء بنية جديدة للأمن القومي، من أجل التكيف مع أحدث التحولات في الحرب الحديثة.
ويدعو التقرير، الذي صدر الأسبوع الماضي، إلى إجراء إصلاحات فورية لأنظمة الإنذار المبكر في أنقرة، ويحث على بناء ملاجئ، ويوصي باتخاذ تدابير قوية لمواجهة أنشطة التجسس المحتملة التي تستهدف قطاع الدفاع والصناعة في تركيا.
وعلى الرغم من أن تركيا قامت باستثمارات كبيرة في صناعاتها الدفاعية على مدى العقدين الماضيين، إلا أن التقرير يسلط الضوء على أنه لا تزال هناك ثغرات ونقاط ضعف ملحوظة.
فمنذ عام 2016، برزت أنقرة كقوة في مجال الطائرات بدون طيار، حيث أنتجت المئات من الأنظمة المسلحة غير المأهولة مثل "أنكا" و"تي بي 2 بيرقدار"، والتي قلبت الموازين في النزاعات في أوكرانيا وليبيا وسوريا وناغورني كاراباخ.
وبينما تعمل تركيا على إنتاج الجيل الخامس من مقاتلات "كان" بحلول عام 2030، وتصنيع أنظمة الدفاع الجوي مثل "حصار"، فإن أسطولها الحالي من الطائرات المقاتلة المكون في معظمه من طائرات إف-16 يتقادم بسرعة.
ويقدم التقرير تحليلاً مفصلاً لتفوق إسرائيل الجوي، مشيراً إلى أن جيشها تمكن من نشر 300 طائرة في عملية معقدة تشمل طائرات إف-16، وإف-35، وطائرات مسلحة بدون طيار، وناقلات جوية.
كما تضمن الهجوم أيضًا قوات عمليات خاصة على الأرض أو تجنيد جهات محلية لضرب أهداف عسكرية ومدنية محددة، وتسليح منصات مثل واتساب لتحديد مواقع كبار المسؤولين.
ويؤكد التقرير المعنون بـ "حرب الـ 12 يومًا والدروس المستفادة لتركيا"، أن الصراع أكد مرة أخرى الأهمية الحاسمة لدمج الأنظمة المأهولة وغير المأهولة، مثل الطائرات بدون طيار، وتحديث مخزون القوات الجوية التركية.
ويذكر التقرير أنه "خلال الحرب، اتضحت أيضًا ضرورة وجود نظام دفاع جوي متعدد الطبقات وشامل."
يشير"وعلاوة على ذلك، فإن عدم قدرة إسرائيل على الاعتراض الكامل للصواريخ المتطورة التي تفوق سرعة الصوت التي تطلقها إيران، على الرغم من الدعم المكثف من حلفائها، يؤكد حاجة تركيا إلى تكثيف مبادراتها الخاصة في هذا المجال".
ويحث التقرير أنقرة على التركيز على الإنتاج التسلسلي وبناء القدرات للأنظمة العسكرية المتقدمة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.
ويقول التقرير: "لقد أكدت نقاط الضعف في أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية على الأهمية الحيوية لحماية المنشآت الحيوية بدفاع جوي قوي". "يجب إيلاء اهتمام خاص لأنظمة الدفاع الجوي على ارتفاعات منخفضة، لا سيما في المواقع الاستراتيجية مثل تلك التي تضم البيروقراطيات الأمنية".
بالإضافة إلى ذلك، يوصي التقرير بإنشاء نظام إنذار مبكر يغطي البلاد بأكملها، وبناء ملاجئ مجهزة تجهيزًا جيدًا، بما في ذلك الاستفادة من محطات المترو تحت الأرض في المدن الكبرى، واتخاذ تدابير لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين.
ضعف كبير
يشير التقرير إلى أن إحدى نقاط الضعف الكبيرة التي تعاني منها إيران هي الاستخدام الواسع النطاق للأدوات والتطبيقات التكنولوجية في الحياة اليومية، مثل تطبيق واتساب، وهو خطر يمكن أن يؤثر على تركيا أيضًا.
ويحذر التقرير من أنه "بالنظر إلى أن العديد من شركات البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات العالمية تحتفظ بـ"علاقات خاصة" مع إسرائيل، فمن المهم بشكل خاص إبقاء هذه التقنيات بعيدًا عن المؤسسات والمرافق الاستراتيجية".
ويقترح التقرير أيضًا أن على تركيا أن تعمق تحالفاتها، حيث استفادت إسرائيل من إمكانية الوصول إلى الأسلحة والاستخبارات والخدمات اللوجستية من خلال شراكاتها، في حين أن منظمات مثل "بريكس" ومنظمة شنغهاي للتعاون فشلت في دعم إيران بسبب عدم وجود آليات أمنية قوية.
وفي هذا السياق، يضيف التقرير: "في هذا السياق، أصبحت خطوات تركيا الأخيرة لإصلاح التحالفات التقليدية، التي تضررت خلال الحرب الأهلية السورية، أكثر أهمية". "وقد أثرت الجهود التي بُذلت في السنوات الأخيرة لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة بشكل إيجابي على علاقات تركيا مع حلف الناتو، وتعتبر مواصلة هذه العملية مفيدة".
ويؤكد التقرير كذلك على أهمية الجهود التي تبذلها تركيا لبناء تحالفات أمنية خاصة بها مع دول إقليمية مثل باكستان وسوريا وقطر وأذربيجان.
ويؤكد التقرير أن النزاع الذي استمر 12 يومًا يوضح أنه لا يمكن ضمان الدفاع بالوسائل العسكرية وحدها.
وجاء فيه: "لقد أصبح من الواضح أنه بدون الردع الشامل في المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، يستحيل ردع الخصم أو تأمين النصر بالوسائل العسكرية وحدها".
علاوة على ذلك، يشير التقرير إلى أن إسرائيل استخدمت جمهورية قبرص كأصل استراتيجي في المنطقة.
ويقول التقرير: "من الضروري أن تراقب تركيا هذه المسألة عن كثب وتتخذ الاحتياطات اللازمة". "وبالمثل، فإن اهتمام إسرائيل الأخير بجمهورية شمال قبرص التركية لا يمكن تفسيره بدوافع تجارية أو اقتصادية فقط." كما أن هناك تقارير تدعي إلى أن الإسرائيليين يشترون ممتلكات في شمال سوريا.
والجدير بالذكر أن نائب رئيس شركة صناعات الطيران والفضاء الإسرائيلية، وهي شركة أسلحة حكومية إسرائيلية، كتب عمودًا مؤخرًا يشير إلى أن بلاده يمكن أن تدعم استيلاء الجنوب على شمال قبرص.
ويحذر التقرير من أنه في سيناريو استمرار إسرائيل وإيران في شن هجمات متبادلة، يمكن أن تشكل طهران أيضًا تهديدًا لأنقرة. وجاء في التقرير: "في هذه المرحلة، تشعر تركيا في هذه المرحلة بالتهديد من أنشطة إيران النووية، وترسانة الصواريخ والطائرات بدون طيار الواسعة وشبكات الميليشيات الإقليمية مثلما تشعر إسرائيل والولايات المتحدة بالتهديد".
اضاف"ومع ذلك، في حالة تصاعد التوترات بين تركيا وإيران، ليس هناك ما يضمن أن طهران ستمتنع عن حشد قدراتها ضد أنقرة. وبالفعل، خلال الأزمات السابقة التي تمحورت حول العراق، جاءت أقوى ردود الفعل ضد تركيا من قادة الميليشيات المدعومة من إيران، الذين نفذوا من حين لآخر هجمات تحرش ضد القواعد التركية في العراق".
كما يسلط التقرير الضوء على أن الصراع النشط بين إيران وإسرائيل قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي على طول الحدود الشرقية لتركيا.
ويشير التقرير إلى أن "استهداف إسرائيل للمدن الكبرى التي تضم أعدادًا كبيرة من الأقليات العرقية، مثل تبريز وكرمانشاه، خلال الهجوم الأولي، كان لأغراض تتجاوز تدمير منشآت الصواريخ".
اضاف"ولذلك، يجب على تركيا أن تتخذ بحزم جميع الخطوات اللازمة لمنع تكرار التطورات السلبية في إيران، على غرار تلك التي شهدتها مؤخرًا في العراق وسوريا."
أخبار ذات صلة

تقرير: المفوضية الأوروبية والدول تمول بشكل غير مباشر الصناعة العسكرية الإسرائيلية

هل سيفدي السيسي الفلسطينيين في غزة للحفاظ على دعم الخليج والولايات المتحدة لحكمه؟

عائلات الأسرى الإسرائيليين تخشى أن تؤدي خطة ترامب بشأن غزة إلى عرقلة إطلاق سراحهم
