حماس تطالب بتغييرات جوهرية في وقف إطلاق النار
طلبت حماس تعديل خطة وقف إطلاق النار المدعومة من الولايات المتحدة، مشيرة إلى غموض الضمانات والانسحاب الإسرائيلي. المفاوضات تواجه تحديات كبيرة وسط مخاوف من استئناف الحرب، مما يزيد من تعقيد الوضع في غزة.

طلبت حركة حماس إجراء تغييرات على خطة وقف إطلاق النار التي تدعمها الولايات المتحدة والتي تهدف إلى وقف الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، حسبما قالت الحركة يوم السبت.
حصلت مصادر فلسطينية مطلعة على المقترح الكامل المكوّن من 13 نقطة، والذي يتضمن شروطًا وافقت عليها حماس بشروط، أبرزها وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، على أن يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضامنًا لالتزام إسرائيل بالاتفاق.
وتقضي الخطة بإطلاق حماس سراح عشرة أسرى إسرائيليين أحياء ورفات 18 آخرين على ثلاث مراحل. بالنسبة للأسرى الأحياء أربعة في اليوم الأول، واثنان في اليوم الثلاثين، وأربعة في اليوم الستين. أما بالنسبة للجثامين، فستتم إعادة ستة في اليوم العاشر، وستة آخرين في اليوم الثلاثين، والستة الباقين في اليوم الخمسين.
وفي المقابل، ستبدأ القوات الإسرائيلية بالانسحاب إلى المواقع التي كانت تسيطر عليها قبل 2 آذار/مارس 2025.
وانتقد مصدر فلسطيني مقرب من المفاوضات مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، لدفعه باتفاق يفتقر إلى الوضوح والضمانات، وقال إنه يظهر "سوء نية"، محذراً من أنه قد يؤدي إلى انهيار المحادثات الهشة.
وفي حديثه شريطة عدم الكشف عن هويته، قال المصدر الفلسطيني إن "إصرار ويتكوف على إطلاق سراح الأسرى في الأسبوع الأول يظهر سوء النية، وبناء على التجربة السابقة، فإن الإسرائيليين سيعودون إلى حرب شاملة ويخربون ما تبقى من الصفقة".
وأضاف المصدر: "ما هي الضمانات التي يملكها الفلسطينيون لإنهاء الحرب، ويتكوف والإسرائيليون لا يظهرون نية أو مساراً لإنهاء الحرب".
وأشار المصدر الفلسطيني إلى أن "الهمّ الوحيد لـ ويتكوف هو إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، بينما يتجاهل تماماً استمرار قتل آلاف المدنيين الفلسطينيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلاً عن معاناة نحو مليوني فلسطيني في غزة من انتشار المجاعة".
وأوضح المصدر أن "حماس شعرت بأن ويتكوف خانها مرتين: الأولى عندما نقضت إسرائيل الاتفاق الذي كانت الولايات المتحدة قد ضمنته في 2 مارس/آذار، عبر فرض حظر على المساعدات الإنسانية، ثم العودة إلى الحرب الشاملة في 18 مارس/آذار بدعمٍ أمريكي كامل".
وتابع: "أما المرة الثانية، فكانت عندما أفرجت حماس عن الجندي الإسرائيلي الأمريكي، متوقعة تحسناً في الإغاثة الإنسانية ونهجاً جديداً في المفاوضات، وهو ما لم يتحقق بشكل واضح".
غموض حول الانسحاب الإسرائيلي والمساعدات الإسرائيلية
خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالإفراج عن جميع الأسرى العشرة الأحياء والجثث الثمانية عشر في اليوم الأول من المفاوضات وهو شرط رفضه المفاوضون الفلسطينيون، خشية أن تستأنف إسرائيل هجومها العسكري بعد ذلك مباشرة.
من جانبها، تطالب حركة حماس بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت تسيطر عليها قبل 2 مارس/آذار 2025، وهي خطوة تقل عن المطالبة بالانسحاب الكامل من قطاع غزة. إلا أن مصدرًا فلسطينيًا، فضل عدم الكشف عن هويته، أكد أن جوشوا ويتكوف (المبعوث الأمريكي) لم يحدد بدقة المواقع التي ستنسحب إليها القوات الإسرائيلية.
وقال المصدر في تصريح: "الانسحاب إلى أين؟ ويتكوف غير واضح تمامًا بشأن هذا الأمر"، معربًا عن إحباطه من غموض آلية توزيع المساعدات المقدمة إلى غزة. وأضاف: "ويتكوف غير واضح بشأن آلية توزيع المساعدات".
وعلى صعيد أوسع، أشار المصدر إلى أن الإطار الحالي للمفاوضات لا يقدم ضمانات كافية لإنهاء الحرب، قائلًا: "ما هي الضمانات التي يملكها الفلسطينيون لإنهاء الحرب؟ لا يُظهر ويتكوف والإسرائيليون أي نية أو مسار لإنهاء الصراع".
كما كشف المصدر عن تفاصيل جديدة حول تعثُّر المفاوضات السابقة، موضحًا أن الوسيط الأمريكي-الفلسطيني بشارة بحبح، الذي يعمل ضمن فريق إدارة ترامب، توصل سابقًا إلى تفاهم مع حماس ووقّع ويتكوف على الاتفاق في البداية. لكنه تراجع لاحقًا بعد اجتماعه بالوزير الإسرائيلي رون ديرمر ورئيس الوزراء نتنياهو.
وعلّق المصدر بالقول: "بحبح تفاوض مع حماس ووصل إلى اتفاق، ووافق عليه ويتكوف. لكن الأخير تراجع بعد اجتماعه بديرمر ونتنياهو".
تعكس هذه التصريحات تزايد الشكوك الفلسطينية حول مصداقية العملية التفاوضية، وسط مخاوف من أن لا يؤدي الاتفاق المقترح إلى إنهاء حقيقي وقابل للتنفيذ للحرب.
التنسيق الأمريكي الإسرائيلي والمخاوف من استئناف الحرب
يشير تقرير إلى أن اقتراح ويتكوف لوقف إطلاق النار كان "منسقًا بالكامل مع إسرائيل وكان نتيجة اجتماعه مع رون ديرمر المقرب من نتنياهو في البيت الأبيض يوم الثلاثاء".
وذُكر أيضًا أن حماس دفعت باتجاه صياغة تنص على أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في غضون 60 يومًا، فإن الهدنة المؤقتة سيتم تمديدها تلقائيًا إلى أجل غير مسمى.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ذُكر أيضاً أن اقتراح وقف إطلاق النار الأخير الذي صاغه ويتكوف مع نتنياهو لا يضمن صراحةً إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة
وقد وافق المفاوضون الفلسطينيون إلى حد كبير على بنود وقف إطلاق النار الذي وقعته إسرائيل في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، والذي خرقته إسرائيل في 18 مارس/آذار مستأنفةً حملتها العسكرية.
وفي الوثيقة المنقحة التي قدمتها حماس ستبدأ مفاوضات وقف إطلاق النار الدائم فور دخول الهدنة المؤقتة حيز التنفيذ.
ويدعو أحد البنود الرئيسية التي طرحتها حماس إلى تشكيل "لجنة مستقلة من التكنوقراط" لإدارة شؤون غزة بعد التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وهي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى تخلي حماس عن سلطة الحكم في القطاع.
ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن ويتكوف ونتنياهو سعيا إلى إزالة البنود التي من شأنها أن تؤدي إلى تسليم حماس السلطة الإدارية في غزة في إشارة إلى إمكانية استئناف الحرب على غزة بعد 60 يومًا.
شاهد ايضاً: إسرائيل تقول إنها كانت تعلم أن عائلة بيباس قد توفيت رغم ادعائها بأنهم قد يكونون على قيد الحياة
ورفض ويتكوف التعديلات التي قدمتها حماس يوم السبت ووصفها بأنها "غير مقبولة على الإطلاق، ولا تؤدي إلا إلى العودة إلى الوراء". وطالب الحركة بقبول الإطار الحالي لمحادثات التقارب المقرر أن تبدأ الأسبوع المقبل.
وفي وقت سابق من يوم السبت، رحبت حماس باقتراح ويتكوف لكنها قالت إنه يتطلب تعديلات رئيسية. وقال مسؤول في حماس إن الحركة كانت قد وافقت بالفعل على نسخة سابقة قبل أسبوع، ليعود ويتكوف بخطة معدلة أغفلت عناصر حاسمة، بحسب حماس.
وقال باسم نعيم، المسؤول البارز في حماس: "لا يمكننا قبول مثل هذا الاقتراح كخط أساس للمفاوضات"، مشيراً إلى غياب ضمانات لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، والمساعدات الإنسانية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل.
زيادة المساعدات الإنسانية
في ردها الرسمي، طالبت حماس أيضًا باتخاذ تدابير إنسانية عاجلة وإعادة الإعمار. وتشمل هذه الإجراءات الوصول الفوري للمساعدات التي يتم تنسيقها من خلال الأمم المتحدة ومنظمات مثل الهلال الأحمر، وفقًا للاتفاق الموقع في 19 كانون الثاني/يناير 2025، عندما تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الأول.
وخلال مرحلة المفاوضات، سيتم وضع خطط نهائية لإعادة بناء المنازل والمرافق العامة والبنية التحتية الحيوية، إلى جانب تقديم المساعدات للمتضررين من الحرب.
ودعت الحركة إلى إعادة "الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات والطرق بشكل كامل، إلى جانب استئناف الخدمات في المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والمخابز". كما ضغطت حماس أيضًا من أجل حرية التنقل عبر معبر رفح مع مصر وإعادة الحركة التجارية.
ويتضمن اقتراحها لوقف إطلاق النار الدائم "وقف الأعمال العدائية لمدة خمس إلى سبع سنوات"، بضمان الولايات المتحدة ومصر وقطر.
وفي الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات، ستظل واشنطن ملتزمة بالحفاظ على الهدنة وتسهيل إيصال المساعدات، مع هدف اختتام المحادثات في غضون 60 يومًا.
شروط وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى
ذكرت حماس في اقتراحها أن "جميع الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في غزة ستتوقف عند دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ".
وأضافت الحركة أنه خلال فترة الهدنة سيتم إيقاف الطائرات العسكرية وطائرات الاستطلاع الإسرائيلية لمدة 10 ساعات يومياً، ولمدة 12 ساعة في الأيام التي يتم فيها تبادل الأسرى.
كما أبرز الاقتراح أن الرئيس الأمريكي ملتزم بضمان احترام الطرفين لوقف إطلاق النار. ووفقًا للوثيقة، فإن الرئيس "يصر على أن المفاوضات خلال وقف إطلاق النار المؤقت، إذا ما تمت بنجاح بالاتفاق بين الطرفين، ستؤدي إلى حل دائم للصراع".
وفيما يتعلق بقضية الأسرى الإسرائيليين، أوضحت حماس أنها ستفرج عن عشرة أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثة مقابل عدد من الأسرى والجثث الفلسطينية يتم تحديده بالاتفاق المتبادل. وتقول الوثيقة إن التبادل سيتم "بشكل متزامن ووفق آلية متفق عليها".
كما تعهدت "حماس" بضمان "صحة ورفاهية وأمن" المعتقلين الإسرائيليين فور بدء وقف إطلاق النار. وفي المقابل، يُتوقع من إسرائيل أن تضمن معاملة مماثلة للفلسطينيين المحتجزين في سجونها ومراكز الاحتجاز التابعة لها "وفقًا للقانون والأعراف الدولية".
أخبار ذات صلة

قادة العرب والاتحاد الأوروبي يجتمعون في الرياض لمناقشة مستقبل سوريا

الأمين العام للأمم المتحدة يعبر عن قلقه من توسع إسرائيل في هضبة الجولان والضربات في سوريا

مجلس الأمن الدولي يناقش نشر القوات في السودان مع تصاعد العنف
