أصوات غزة تطالب بالسلام ووقف القتل
أهالي غزة يتظاهرون من أجل الحياة، يطالبون بوقف القتل والتجويع. أصواتهم تعبر عن الألم والفقد، لكن العالم يتجاهل معاناتهم. "نريد أن نعيش" هو شعارهم، فهل سيسمع أحد؟ تعرّف على قصتهم في وورلد برس عربي.

الفلسطينيون يناشدون بإنهاء حرب غزة، لكن لا أحد يستمع
أهل غزة يثورون ضد ما يتعرضون له من قتل وتجويع. في الشمال، تمتلئ الشوارع بأصوات يائسة تهتف "نريد أن نعيش! أوقفوا القتل الإسرائيلي! نحن شعب مسالم! ارحلوا! حماس، ارحلوا!"
لقد امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو لهذه المظاهرات من قبل الناس الذين فقدوا كل شيء، والذين يتضورون جوعًا، والذين يريدون فقط إنهاء القتل.
وبالطبع قامت وسائل الإعلام الغربية بتضخيم ذلك ونقله كحدث كبير. كنت أتمنى فقط لو أنهم أظهروا نفس الإلحاح عندما كان يتم ذبح آلاف الفلسطينيين.
لقد كان موتنا بالكاد هامشيًا. عندما حوّلت القنابل الإسرائيلية المنازل إلى ركام، ودفنت عائلات بأكملها تحت الأنقاض، لم تكن هناك أخبار عاجلة، ولا تحليلات متعمقة، ولا حلقات نقاشية تشرح حجم المعاناة الفلسطينية.
كانت وفياتنا تأتي وتذهب في سطر واحد من النص في أسفل الشاشة - باردة وبعيدة وغير مهمة.
وفي الوقت نفسه، قللت بعض وسائل الإعلام العربية من أهمية الاحتجاجات الأخيرة، واصفةً إياها بالحوادث المعزولة أو تجاهلتها تمامًا.
لكن لا أحد يسأل عن سبب خروج الناس إلى الشوارع. لا أحد يعترف بيأسهم وحزنهم الذي لا يطاق. هؤلاء ليسوا أشخاصًا يلعبون بالسياسة؛ إنهم أشخاص فقدوا عائلاتهم ومنازلهم ومستقبلهم. إنهم يتضورون جوعاً. إنهم محطمون. وهم على استعداد لدفع أي ثمن فقط لإيقاف ذلك.
'دعوا القتل يتوقف'
ما مقدار الألم الذي يجب أن يتحمله الإنسان قبل أن يتوقف عن الخوف من الرصاص في أيدي الأقوياء؟ ما هو مقدار الجوع الذي يجب أن يشعر به الطفل قبل أن يكون والداه على استعداد للوقوف أمام البنادق والمطالبة بتغيير شيء ما - أي شيء؟
لقد سمعت من الناس في غزة الذين فقدوا آباءهم وأطفالهم وأشقائهم. ومع ذلك، ومن خلال الدمار الذي لحق بهم، يقولون: "أنا أقبل ذلك، فقط دعوا الحرب تنتهي."
عندما استشهد ابن أخي فؤاد، اتصلت بوالدتي. قالت ببساطة من خلال ألمها "رحم الله روحه. نحن نتقبل ما كتب لنا. لكن ليتوقف القتل. أتمنى ألا نفقد المزيد".
كان هناك حزن عميق وهادئ في تلك الكلمات - حزن تعلّم ألا يصرخ، لأن الصراخ لا يفيد شيئًا. حزن سئم من انتظار أن يلاحظ العالم ذلك.
لم يعد سكان غزة قادرين على تحمل هذه الإبادة الجماعية. فهم يفهمون الآن، أكثر من أي وقت مضى، أي نوع من العالم يعيشون فيه. إنه عالم حيث هم مجرد أرقام؛ حيث حياتهم لا تعني شيئًا. إنهم يعلمون أن إسرائيل قد أُطلق لها العنان لقتل أكبر عدد ممكن منهم، وأنهم محاصرون في لعبة وحشية من الحسابات الإقليمية والسياسية.
وهم يعلمون أن معاناتهم مفيدة للبعض، وغير مريحة للبعض الآخر، وغير ذات صلة بالنسبة لمعظمهم.
فهم يرون إسرائيل تنفذ أجندتها القائمة على الجشع والإبادة الجماعية.
قال أحد المتظاهرين: "رسالتنا إلى الجيش الإسرائيلي أن يوقف إراقة الدماء والحرب التي استنزفت طاقتنا وتسببت في فقداننا لكل أحبائنا وأصدقائنا."
هناك شيء مأساوي للغاية في هذه الكلمات، في كيفية اختزال الفلسطينيين -شعبي- إلى أرقام في معادلة وحشية. ومع ذلك، لا يستمع العالم إلا عندما يناسبهم ذلك.
المعاناة في صمت
لا أحد يريد أن يسمع ما يريده أهل غزة بالفعل. الأصوات المناهضة لحماس في الغرب لا تضخم معاناتهم إلا عندما يخدم ذلك أجندتهم. لقد التزموا الصمت عندما كانت غزة تصرخ في عذاب، في حداد، في مجاعة.
يريدون أن يستخدموا أصواتنا عندما نهتف ضد حماس، لكنهم يكتمون أصواتنا عندما نصرخ على عائلاتنا المقتولة. لا يريدون أن يسمعونا أبدًا عندما نطالب بوقف المذبحة الإسرائيلية.
على الجانب الآخر، تتجاهل بعض الأصوات هذه المعاناة. يتصرفون كما لو أن هذه الاحتجاجات لا شيء؛ كما لو أن الناس الذين يخاطرون بحياتهم للمطالبة بإنهاء هذا الكابوس لا صلة لهم بالموضوع. إن أصواتهم أيضًا لم تفعل سوى تضخيم ما يناسبهم.
وفي النهاية، لا أحد يهتم.
لم يشر أحد إلى أن غزة ليست كلها حماس، وأن غزة ليست كلها تقاتل. لقد برر السياسيون الإسرائيليون ذات مرة عمليات القتل الجماعي التي يقومون بها بادعاء خلاف ذلك. لقد أمضوا سنوات في تكييف العالم على الاعتقاد بأن غزة ليست سوى حماس، وأن كل فلسطيني في غزة هو جزء من عدو كبير لا وجه له.
ولكن إذا كان ذلك صحيحًا، فلماذا يخرج هؤلاء المدنيون أنفسهم الآن إلى الشوارع مطالبين بالسلام؟ لماذا يخاطرون بحياتهم للمطالبة بإنهاء هذه الحرب؟
ولماذا لا تزال إسرائيل تجوّعهم؟ ولماذا لا تزال إسرائيل تقصفهم؟
إذا لم يكونوا من حماس، وإذا كانوا مدنيين، وإذا كانوا يقفون الآن في العراء، لا يطلبون شيئًا سوى البقاء على قيد الحياة - لماذا لا يزال العالم يشاهدهم يموتون في صمت؟
الحقيقة في شعارهم، في ندائهم: "نريد أن نعيش".
أخبار ذات صلة

غزة تستيقظ على "سحور دموي" مع ارتكاب إسرائيل مجزرة في رمضان

الجيش الإسرائيلي يُطلب منه الاستعداد لـ "الدفاع" عن مدينة الدروز في جنوب سوريا

إسرائيل تعيق تحقيق الأمم المتحدة في اتهامات جرائم الجنس بتاريخ 7 أكتوبر
