محادثات نووية حاسمة بين إيران والولايات المتحدة
تستعد إيران والولايات المتحدة لجولة رابعة من المحادثات النووية في عمان، حيث تقترب الأطراف من اتفاق قد يمنع طهران من الحصول على سلاح نووي. هل ستنجح هذه المفاوضات في تحسين العلاقات بين البلدين؟ تابعوا التفاصيل.

من المقرر أن تُعقد جولة رابعة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في نهاية الأسبوع القادم في سلطنة عمان. وقد بدت ثلاث جولات سابقة من المفاوضات في مسقط وروما الشهر الماضي بنّاءة، مما جعل الجانبين يقتربان من أرضية مشتركة.
وقد أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ثقته بأن "الاتفاق سيتم إبرامه"، مشيرًا إلى أن عمليات التفتيش المعززة يمكن أن تمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية: "عليك أن تتحقق من ذلك بـ10 أضعاف".
وقد أثار هذا التوجه السياسي والتقدم المحرز في المحادثات غضب إسرائيل، حيث أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن "نموذج ليبيا" هو الوحيد المقبول وهو مخطط فكك البرنامج النووي للدولة ومهد الطريق للتدخل العسكري وتدمير البلاد.
وبحسب تقرير في صحيفة واشنطن بوست، فإن قرار ترامب بإقالة مستشاره للأمن القومي، مايكل والتز، استند جزئيًا إلى قرار الأخير بأن يناقش مع نتنياهو السيناريوهات المحتملة التي يمكن من خلالها تنفيذ ضربات عسكرية على إيران.
وفي الوقت نفسه، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي إن إيران هي "الدولة الوحيدة التي لا تمتلك سلاحًا نوويًا في العالم التي تخصب اليورانيوم"، وبالتالي يجب على طهران التخلي عن برنامجها. ومنذ ذلك الحين طالب ترامب ب "التفكيك الكامل" للبرنامج النووي الإيراني، بحجة أن إيران لديها "الكثير من النفط" لدرجة أنها لا تحتاج إلى الطاقة النووية.
من الواضح أنه في ظل الفوضى السياسية المستمرة في واشنطن، تتضاءل فرص ترامب في إبرام اتفاق نووي مع إيران، حيث أصبحت جميع الأبواب أمام التقارب المحتمل مهددة بالانغلاق.
ولكن لا تزال أمامه فرصة تاريخية للتوصل إلى اتفاق - اتفاق يمكن أن يضمن عدم حصول إيران على قنبلة نووية أبدًا، ويمهد الطريق لتحسين العلاقات بين واشنطن وطهران. وتتطلب مثل هذه النتيجة فهماً واقعياً لأربع حقائق أساسية.
مرافق التخصيب
أولاً، يجب أن يرتكز أساس أي اتفاق نووي على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. فالمادة الرابعة تؤكد "الحق غير القابل للتصرف لجميع الأطراف في المعاهدة في تطوير بحوث وإنتاج واستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية دون تمييز"، وتشير إلى أن جميع الأطراف "تتعهد بتيسير أكمل تبادل ممكن للمعدات والمواد والمعلومات العلمية والتكنولوجية للاستخدامات السلمية للطاقة النووية ولها الحق في المشاركة في ذلك".
وثانياً، فإن العديد من الدول غير الحائزة للأسلحة النووية الأطراف في معاهدة عدم الانتشار، بما في ذلك اليابان والبرازيل وألمانيا، لديها مرافق تخصيب.
ثالثًا، الولايات المتحدة هي التي وضعت الأسس للصناعة النووية الإيرانية قبل ثورة 1979، حيث كان الشاه يتصور وجود 20 محطة للطاقة النووية بحلول عام 1994. وبالتالي، فإن الحجة القائلة بأن احتياطيات النفط الإيرانية تنفي الحاجة إلى الطاقة النووية هي حجة معيبة.
والجدير بالذكر أن الإمارات العربية المتحدة وهي حليف للولايات المتحدة ومنتج رئيسي للنفط ويبلغ عدد سكانها عُشر سكان إيران تشغل أربعة مفاعلات نووية، بينما تشغل إيران مفاعلاً واحداً فقط. وعلاوة على ذلك، فإن واشنطن تتفاوض مع المملكة العربية السعودية بشأن صناعة التخصيب النووي، على الرغم من أن الأخيرة هي واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم.
وأخيرًا، فيما يتعلق باقتراح روبيو بأن إيران يمكنها ببساطة استيراد الوقود النووي: لقد شاركت في المحادثات النووية مع الدول الأوروبية في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات. خلال تلك الفترة، كانت إيران مستعدة للتخلي عن طموحاتها النووية واسعة النطاق، والامتناع عن التخصيب إذا ما وفرت الولايات المتحدة وقود المفاعلات، واحترمت الدول الأوروبية عقودها التي أبرمتها قبل الثورة لتوفير المفاعلات والوقود. لكن الولايات المتحدة رفضت العرض، مما دفع إيران نحو الاكتفاء الذاتي من الوقود النووي.
اتفاق نووي واقعي
قد ينطوي الحل الواقعي اليوم على عدة عناصر. إن مصدر القلق الرئيسي فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني هو مستويات التخصيب 60 في المائة، التي تقترب من مستوى التخصيب الذي يصل إلى درجة صنع الأسلحة. ومن شأن تخفيض هذا المستوى إلى أقل من خمسة في المائة أن يعالج هذا القلق.
أما القضية الرئيسية الثانية فتتعلق بتعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومن شأن تنفيذ البروتوكول الإضافي، الذي يوفر أدوات محددة للتحقق، أن يزيد من قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على ضمان الاستخدام السلمي لجميع المواد النووية في إيران.
أما الشاغل الثالث المهم فهو مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة بنسبة تزيد عن 270 كيلوغراماً، ما يكفي لحوالي ست قنابل نووية. ومن شأن موافقة إيران على تصدير أو تحويل هذا المخزون أن يخفف من حدة المخاوف. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتفق إيران والولايات المتحدة على أن تحتفظ إيران بالوقود النووي المنتج للاستهلاك المحلي فقط، وتصدير أي فائض.
كما يمكن للولايات المتحدة وإيران في الجولة الرابعة المقبلة من المحادثات، إذا ما تمت بالفعل، أن تتفاوض على تمديد بعض القيود المفروضة على برنامج التخصيب النووي الإيراني والمعروفة باسم "أحكام الغروب" لمعالجة المخاوف بشأن إمكانية حصول إيران على أسلحة نووية بشكل قاطع، شريطة أن ترد الولايات المتحدة بالمثل بتخفيف حقيقي للعقوبات.
وتستند بعض الضغوط على ترامب إلى فكرة أنه يجب أن يعقد صفقة أفضل من تلك التي عقدها الرئيس السابق باراك أوباما. والحقيقة هي أن ترامب بانسحابه من الاتفاق النووي في عام 2018، تسبب في أضرار بمليارات الدولارات لإيران. في صفقة جديدة عادلة، سيتم تعويض هذه الأضرار ولكن من غير المرجح أن توافق الولايات المتحدة على مثل هذه الأحكام.
من المقرر أن يقوم الرئيس ترامب برحلة إلى المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة في منتصف مايو. وقد قيل إن محمد بن سلمان سيدعو قادة الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي لعقد اجتماع مشترك مع ترامب. ويمكن أن يدعو بن سلمان قادة المنطقة الآخرين لمناقشة أمن هذه المنطقة.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن ينسق على هامش هذا الاجتماع اجتماعًا بين الرئيس ترامب والرئيس بيزشكيان حتى يتسنى للرئيسين التوقيع على المبادئ التي تم الاتفاق عليها في ثلاث جولات من المحادثات النووية بين عباس عراقجي وستيف ويتكوف.
البديل التالي هو أن يبادر ملك عُمان أو أمير قطر إلى عقد اجتماع في مسقط أو الدوحة وتنسيقه، على أن يكون هذا الاجتماع بين الرئيسين الإيراني والأمريكي.
وفي نهاية المطاف، ينبغي أن تتفق طهران وواشنطن على التفاوض على جدول أعمال شامل لرفع جميع العقوبات الأمريكية، مع التعاون في عدة مجالات أساسية: معاهدة نووية ثنائية رسمية تؤكد وضع إيران كدولة غير حائزة للأسلحة النووية؛ وتعاون اقتصادي واسع النطاق؛ ووساطة أمريكية لحل التوترات بين إسرائيل وإيران؛ وحوار لحل النزاعات الإقليمية على أساس الاعتراف المتبادل بالمصالح المشروعة؛ وخارطة طريق نحو تخفيف التصعيد الإقليمي وإعادة بناء العلاقات الدبلوماسية.
ومن شأن هذا الإطار أن يزيد من فرص نجاح الدبلوماسية، ويساعد على منع الولايات المتحدة من الانجرار إلى حرب مدمرة أخرى.