تجويع غزة الإنسانية بين المساعدات والقتل
انتقدت منظمة أطباء بلا حدود آلية مؤسسة غزة الإنسانية، ووصفتها بأنها "نظام تجويع مؤسسي". التقرير يكشف عن استهداف المدنيين أثناء توزيع المساعدات، مما أدى إلى وفاة العديد من الفلسطينيين. المساعدات الإنسانية يجب أن تحمي الحياة، لا أن تزهقها.

قالت منظمة أطباء بلا حدود إن مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة "نظام تجويع مؤسسي وتجريد من الإنسانية".
وفي تقرير نُشر يوم الخميس بعنوان "هذه ليست مساعدات. هذا قتل مدبّر"، قالت منظمة أطباء بلا حدود إن مؤسسة غزة الإنسانية تفتقر إلى الخبرة في إجراء عمليات تسليم الإغاثة الآمنة وأن هذه الآلية أدت إلى أعمال عنف وقتل شديدة.
ونظراً لنمط العنف الذي تم الإبلاغ عنه في مواقع توزيع المساعدات، بدأت فرق أطباء بلا حدود بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للمنظمة بحثاً عن إعلانات عن فتح المواقع لضمان تمركز الفرق الطبية في تلك المناطق.
وقد أدانت المنظمات الدولية والناشطون الحقوقيون الدوليون مواقع التوزيع التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية إلى حد كبير باعتبارها "مصائد موت".
وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن ما لا يقل عن 1,700 شخص اشتشهدوا أثناء سعيهم للحصول على المساعدات منذ 27 مايو/أيار، استشهد معظمهم بالقرب من مواقع مؤسسة غزة الإنسانية.
وعلى الرغم من أن مؤسسة غزة الإنسانية قالت إنها لا تستخدم سوى رذاذ الفلفل أو إطلاق طلقات تحذيرية للسيطرة على الحشود، إلا أن الشهادات التي قدمتها منظمة أطباء بلا حدود تظهر أن الهجمات على المدنيين كانت "عشوائية وموجهة".
وأشار التقرير إلى أن "فرقنا كانت مُهيأة نفسيًا للاستجابة للصراع، ولكن ليس للقتلى والجرحى المدنيين أثناء سعيهم للحصول على المساعدة".
وأضاف التقرير: "لم يكونوا مستعدين للتعامل مع فلسطينيين جائعين وعزّل تعرضوا للقتل بالرصاص كما لو كانوا حيوانات، وغالباً ما كانوا محتجزين في مناطق مغلقة ببوابات معدنية".
'الدقة التشريحية' في إطلاق النار
وفقًا لإحدى الشهادات التي أدلت بها مديرة أنشطة التمريض في منظمة أطباء بلا حدود في يوليو/تموز، كان هناك صلة لا يمكن إنكارها بين مواقع التوزيع وما تلاها من إصابات طالبي المساعدات الجوعى.
وقالت: "أرى الناس على عربات تحمل أكياساً من الطعام، ثم يبدأ المصابون بالوصول في نفس الوقت تقريباً".
وأضافت: "لديّ مرضى مصابون بجروح ناجمة عن طلقات نارية يتم حملهم حرفيًا على نفس الأكياس البلاستيكية التي استخدموها لجمع الطعام".
ووفقًا لبيانات منظمة أطباء بلا حدود، فإن 96 في المئة من الجرحى في مواقع مؤسسة غزة الإنسانية هم من الشباب، وغالبيتهم دون سن الثلاثين.
شاهد ايضاً: المستوطنون الإسرائيليون يواصلون الاقتحامات في الضفة الغربية المحتلة رغم الهجمات الإيرانية
وعلاوة على ذلك، يسلط التقرير الضوء على أن المساعدات لا تصل إلى الفئات السكانية الضعيفة، مثل كبار السن أو المصابين بأمراض مزمنة أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشار مدير أنشطة التمريض في المنظمة إلى أن الرجال الذين يصلون إلى عيادات أطباء بلا حدود غالباً ما يكونون مغطين بالرمال والغبار بسبب انبطاحهم على الأرض لتجنب القصف.
وجاء في التقرير: "يمثل نظام مؤسسة غزة الإنسانية مزيداً من تجريد سكان غزة من إنسانيتهم، وخاصة الشباب الفلسطينيين، وهو أمر يتم التسامح معه، بل وتسهيله تحت ستار تقديم المساعدات الإنسانية".
وأضاف التقرير أن "الدقة التشريحية" في الإصابات بالطلقات النارية تشير إلى استهداف متعمد للمدنيين في هذه المواقع، وليس إطلاق نار عرضي أو عشوائي.
وتبين من الحالات الواردة من موقع التوزيع رقم 2 في رفح، جنوب قطاع غزة، أن 11 بالمائة من الإصابات كانت في الرأس والرقبة، بينما كانت 19 بالمائة منها في الصدر، بما في ذلك الصدر والبطن والظهر.
وفي الوقت نفسه، كانت الإصابات في الأطراف السفلية أكثر شيوعًا لدى المرضى القادمين من موقع التوزيع رقم 3، الواقع في خان يونس.
شاهد ايضاً: استشهاد 16 شخصًا على الأقل في سوريا جراء اندلاع القتال في معقل الأسد السابق على البحر الأبيض المتوسط
وعلى الرغم من تأكيد الجيش الإسرائيلي أن القصف موجه فقط إلى المشتبه بهم الذين يشكلون تهديداً للحراس، إلا أن منظمة أطباء بلا حدود تقول إن هذا "غير معقول على الإطلاق" عندما يكون الأطفال من بين الجرحى.
علاوة على ذلك، يشدد التقرير على أن المواقع تقع تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، "مما يجعل وجود الجماعات الفلسطينية المسلحة في هذه المناطق مستبعداً للغاية".
ويختتم التقرير بمطالبة إسرائيل بإنهاء العمل بآلية مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية ورفع الحصار عن غزة وإعادة التواصل مع الأمم المتحدة لاستئناف عملياتها.
وجاء في التقرير: "المساعدات الإنسانية هي تعبير عن إنسانيتنا المشتركة. فهي موجودة للتخفيف من المعاناة وحماية الحياة وصون الكرامة، مرتكزة على حقيقة بسيطة وعميقة وهي أن حياة كل إنسان مهمة. وفي البيئات المعقدة التي يعمل فيها العاملون في المجال الإنساني، هناك معايير دنيا توجه كيفية إيصال المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها".
كما ورد: "إن أي "توزيع للمساعدات" يؤدي إلى موت جماعي وإصابات وصدمات نفسية بشكل متكرر على مدى أكثر من شهرين، هو استهزاء وحشي بمصطلح "الإنسانية".
أخبار ذات صلة

طفل جائع في غزة استشهد "بعد ثوانٍ" من تلقيه المساعدة

مركبة للجيش الأمريكي تحمل كلمة "كافر" في شمال شرق سوريا يُنظر إليها على أنها "استفزاز"

كل ساعة مليئة بالدماء: غارات إسرائيلية تتساقط على غزة بعد اتفاق الهدنة
