وورلد برس عربي logo

طفل في الحرب بين الأمل واليأس

تجربة مؤلمة لأم في غزة، تواجه الموت والدمار بينما تستعد لاستقبال طفلها. قصة عن الأمل والصمود في وجه الحرب، حيث يصبح كل يوم معركة للبقاء. انضموا إلينا في رحلة إنسانية مؤثرة تعكس معاناة الحياة في أوقات الأزمات.

طفل صغير مستلقٍ على الأرض، يمسك بأصابعه في فمه، محاط بلعبتين: دمية بط ودمية نمر، مع خلفية داكنة تعكس ظروف الحياة الصعبة.
عندما بلغ عامه الأول، تمنيت لو أستطيع أن أقدم له السلام. لكن كيف يمكنني أن أقدم ذلك في زمن الحرب؟
شارك الخبر:
FacebookTwitterLinkedInEmail

الحرب على غزة: بداية القصة

لم تبدأ هذه القصة اليوم. لقد بدأت قبل عام - في 19 مارس 2024، على وجه الدقة. لقد كان عامًا مليئًا بالحرب والخوف والجوع والفقدان والنزوح والدمار في غزة - عام من الموت الذي يتربص بنا في كل زاوية.

رأيت الموت بأم عيني. لم أدرك أنني ما زلت على قيد الحياة إلا عندما نزل ماء الرأس في لحظة رعب شديد.

سقط صاروخ بجانب منزلنا مباشرة. كان الانفجار قويًا جدًا لدرجة أنه فجر الباب، وتطايرت الشظايا إلى الداخل بينما كانت رائحة الدخان النفاذة تملأ الهواء، ممزوجة برائحة الدم المعدنية.

شاهد ايضاً: يقول مراقبو الأسرى إن الفلسطينيين من غزة "يعيشون جحيمًا" في السجون الإسرائيلية

كنت على يقين أن الأمر قد انتهى. لكنني لم أكن خائفة على نفسي؛ كنت خائفة على طفلي الذي لم يكن قد رأى الشمس بعد.

هل سنتمزق أنا وطفلي الذي لم يولد بعد، أنا وزوجي؟ فقدت السيطرة على نفسي، وصرخت: "نحن نحترق. نحن نحترق."

كنت أحلم باستقبال طفلي بفرح ودفء واحتفال. بدلاً من ذلك، وصل على صوت الرصاص والسماء تحترق.

شاهد ايضاً: تركيا تحذر الأكراد السوريين: لا تصبحوا بيادق إسرائيلية

مع اقتراب موعد ولادتي، كنتُ أدعو الله أن تكون ولادته بسلام، متشبثةً بأمل وقف إطلاق النار. لكن القدر كان قاسيًا. أصبح ابني واحدًا من العديد من أطفال الحرب - الأطفال الذين أغرقت الانفجارات صرخاتهم الأولى، والذين تحولت منازلهم ومهدهم إلى ركام، وسُرقت حياتهم قبل أن تبدأ.

تجربة الولادة في زمن الحرب

كنا وحدنا - وحدنا في عالم يحترق.

مع احتدام الحرب الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني، لم يكن لديّ ملجأ، ولا راحة، ولا يد مساعدة. قوتي الوحيدة كانت تأتي من ركلات ابني الصغيرة. كل حركة في داخلي كانت همسة ووعدًا: سننجو من هذا.

شاهد ايضاً: حماس تعرض على الصليب الأحمر إطعام الأسرى مقابل دخول المساعدات إلى غزة

كان الموت يطرق بابنا، ولكننا نجونا بطريقة ما. نجونا من عمليات الإجلاء والسير في شوارع خالية حتى الرياح حملت معها الحزن. نجونا من الفراق حيث مزقتني أيدي الحرب الوحشية بعيدًا عن عائلتي. نجونا من الفقد والحزن الذي أصبح ثقلًا مستمرًا على صدري.

عندما قصف العدو منزلنا وأنا في الشهر السابع من الحمل، همست لنفسي نفس الكلمات التي همس بها الله لمريم: "فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا". منحتني لحظة سلام عابرة وسط الفوضى. تشبثت بإيماني بأن طفلي هو هديتي وسبب استمراري في الحياة.

ثم جاء المخاض.

شاهد ايضاً: تركيا ليس لديها العديد من الخيارات ضد إسرائيل في سوريا

ومع كل موجة ألم، كنت أدعو الله أن يرحمني ويمنحني القوة. كان من المفترض أن تكون هذه لحظة من الدفء والحب والأيدي التي تمسك بيدي في راحة. وبدلاً من ذلك، كنت محاطة بالظلام - بطريق معبّد بالموت - وسط الخوف من أن تكون هذه الليلة هي الأخيرة لي.

كان صوت القنابل خلفية مؤرقة لكل انقباض. توسلت إلى الله أن يسمح لي أن أحمل ابني إلى هذا العالم بأمان وأن يدعني أعيش طويلاً بما يكفي لحمله.

وسط الدمار، كانت صرخة ابني الأولى شهادة على روحنا الصلبة.

شاهد ايضاً: ترامب يرفع معظم العقوبات الأمريكية عن سوريا

كانت ليلة باردة وممطرة، لكن السماء كانت مشتعلة. كانت الطائرات الحربية تهدر فوق رؤوسنا والصواريخ تضيء الظلام، محولة مدينتي إلى شيء من كابوس.

كانت النساء يلدن بين الأنقاض، محاطات بالموتى، والأمهات يحتضن أطفالهن الهامدين. لم أكن قد قبّلت وجه طفلي بعد. جاء الصباح، وأخيرًا وصلت عائلتي. لأول مرة منذ فترة طويلة، شعرت أن الله قد سمع صلواتي.

لكن السلام كان حلماً لم نعد نعرفه. كان صوت القنابل أعلى من فرحتي. ومع ذلك، اتخذت قرارًا في ذلك اليوم: سننجو أنا وابني. سنقاتل في كل ما سيأتي بعد ذلك.

الأمل في مستقبل أفضل

شاهد ايضاً: لماذا تنكر قمة السلام لليسار الإسرائيلي الإبادة الجماعية في غزة

وكان الكفاح قد بدأ للتو. كيف سأطعمه؟ الأسواق التي كانت فارغة من قبل، امتلأت فجأة مرة أخرى، لكن كل شيء كان يباع بأسعار مستحيلة. كانت اللحوم والسمك والفاكهة من الكماليات التي لم يعد بإمكاننا تحمل تكلفتها. وماذا عن الملابس؟ لم يكن لديه شيء، ولم يكن يرتدي سوى ملابس الأطفال الذين ولدوا مثله في الحرب.

وُلد ابني لاجئًا، طفلًا بلا وطن - مثلنا تمامًا. هربنا من مكان إلى آخر، يطاردنا الموت دائمًا. ومع استمرار الحرب، كان صغيرًا جدًا ليعرف الصيف من الشتاء، لكنه عرف المعاناة.

كان الحر لا يُطاق. كان يتصبب عرقًا باستمرار، وكان يبكي حتى أنهكه الإعياء.

شاهد ايضاً: عباس يزور لبنان بخطة لنزع سلاح فصائل المقاومة الفلسطينية

كان الغروب عذابًا من نوع آخر. حوّلت أشعة الشمس الأخيرة ملجأنا إلى فرن، وترددت أصداء صرخاته الصغيرة خلال الليل. كانت الحشرات تتغذى على جلده الرقيق. وكانت الكلاب الضالة - التي كانت في يوم من الأيام حيوانات أليفة وأصبحت الآن من آكلات الجيف - تعوي من بعيد. حتى أن بعضها كان يتغذى على جثث أهلنا في الشمال.

كانت الضربات الجوية لا هوادة فيها؛ لقد عرف رعبها منذ الأسبوع الأول من حياته.

ثم جاء البرد. بكى وبكيت معه. أثقل الاكتئاب كاهلي. أطبق الظلام عليّ، لكن إيماني كان مرساتي.

شاهد ايضاً: إسرائيل تجوع غزة حتى الموت، والعالم لا يفعل شيئاً

لم يكن لدينا الكثير، حتى أننا لم نكن نملك سوى القليل، حتى أننا كنا نتشارك الملابس للتدفئة. أتذكر الأسبوع الأول من نزوحنا، حزمنا بعض الأمتعة، معتقدين أننا سنعود قريبًا. لم أكن أعلم أن حياتنا تغيرت إلى الأبد.

عشنا كالأشباح في قبر بارد، خائفين من أن يودي الصقيع بابني كما أودى بأطفال آخرين في المخيمات. كنت أقبله كل ليلة كما لو كانت المرة الأخيرة، خوفًا على حياته أكثر من خوفي على حياتي. كان من المفترض أن تكون ولادته فرحة، لكنها أصبحت عبئًا يثقل قلبي.

عندما بلغ عامه الأول، تمنيت أن أمنحه السلام. لكن كيف يمكنني تقديم ذلك في وقت الحرب؟

شاهد ايضاً: استشهاد قائد حماس في ضربة إسرائيلية على جنوب لبنان

كنا قد أعددنا له غرفة جميلة وسريرًا دافئًا ومنزلًا مليئًا بالأمان والهدوء. لكنه جاء إلى عالم المنفى، بلا منزل ولا سرير، حيث الحرب هي كل ما يعرفه.

إلى طفلي الصغير، طفل الحب والحرب: أدعو أن تكون سنواتك القادمة مليئة بالسلام والرحمة والأمان. إلى معجزتي وسط اليأس، أملي في الأيام المضطربة: عسى أن تبقى قوتي، يا ملاكي الصغير.

أخبار ذات صلة

Loading...
مدنيون في غزة يحملون الماء واللوازم وسط الأنقاض، مما يعكس تأثير الصراع المستمر على حياتهم اليومية.

الجيش الإسرائيلي يقول إن هدم مدينة غزة قد يستغرق أكثر من عام

تتزايد الخلافات بين الحكومة الإسرائيلية والجيش بسبب خطة احتلال غزة، مما يثير تساؤلات حول العواقب الإنسانية في القطاع المنهك من الحرب المستمرة منذ 22 شهراً. تابعوا التفاصيل الكاملة.
الشرق الأوسط
Loading...
تظهر الصورة آثار الغارات الجوية الإسرائيلية على مدينة النبطية، حيث يتم إزالة الأنقاض من مبنى مدمر بجرافة.

غارات إسرائيلية مكثفة في جنوب لبنان تودي بحياة امرأة واحدة على الأقل

في تصعيد غير مسبوق، شنت المقاتلات الإسرائيلية غارات جوية مكثفة على النبطية، مما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات، في انتهاك صارخ لسيادة لبنان. هل سيستجيب المجتمع الدولي لهذا التصعيد؟ تابعوا التفاصيل الكاملة في مقالنا.
الشرق الأوسط
Loading...
صورة جوية تظهر منشأة نووية إيرانية في منطقة صحراوية، مع تفاصيل عن الطرق والمباني المحيطة، تعكس الأوضاع المتوترة في المنطقة.

ترامب يقول إنه "محا" برنامج إيران النووي. هل يحتاج إلى اتفاق؟

في خضم التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، يبرز صراع نووي يتجاوز مجرد اتفاقات سياسية. بينما يسعى ترامب للتفاوض، تسجل إيران خطوات مثيرة للجدل، مما يفتح أبوابًا جديدة لفهم الديناميكيات المعقدة في المنطقة. هل ستنجح المحادثات في تخفيف حدة الأزمات؟ تابعوا التفاصيل المثيرة!
الشرق الأوسط
Loading...
مئات من الفلسطينيين يسيرون عبر أنقاض مدينة غزة، يحملون الأمتعة وسط سحب من الغبار، معبرين عن معاناتهم في ظل الحرب.

وقف إطلاق النار في غزة: كيف نجوت من الحرب الإسرائيلية الإبادة

في خضم الفوضى والدمار، يبرز الأمل كرمز للصمود في غزة. بعد أشهر من العزلة، جاء إعلان وقف إطلاق النار ليعيد الأمل للنازحين، الذين يتوقون للعودة إلى منازلهم. اكتشفوا كيف يمكن للقصص أن تكون سلاحًا في مواجهة الفظائع، وشاركوا في رحلة الشهادة والبقاء. تابعوا تفاصيل هذه اللحظة التاريخية التي تلامس القلوب.
الشرق الأوسط
الرئيسيةأخبارسياسةأعمالرياضةالعالمعلومصحةتسلية