وورلد برس عربي logo

تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل هل هو ممكن؟

تشير التطورات الأخيرة في سوريا إلى تكهنات حول تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن الحواجز السياسية والتاريخية تجعل ذلك شبه مستحيل. كيف ستؤثر هذه الديناميكيات على الاستقرار وإعادة البناء في البلاد؟ اكتشف المزيد في وورلد برس عربي.

تصريح أحمد الشرع، وزير الخارجية السوري، حول التطبيع مع إسرائيل، مع التركيز على التزام سوريا باتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974.
Loading...
الرئيس المؤقت لسوريا، أحمد الشعار، يظهر في العاصمة التركية أنقرة في 4 فبراير 2025 (أوزان كوس/أ ف ب)
شارك الخبر:
FacebookTwitterLinkedInEmail

أشعل سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، وما تلاه من صعود إدارة أحمد الشرع، التكهنات حول تطبيع محتمل للعلاقات بين سوريا وإسرائيل.

وقد اشتدت هذه التكهنات مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث من المرجح أن يكثف جهوده لإقناع المزيد من الدول بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وفي أواخر العام الماضي، خاطب الشرع إسرائيل للمرة الأولى، وأدان توغلات الجيش الإسرائيلي في الأراضي السورية. وفي إشارة إلى الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع سوريا عام 1974، تعهّد بأن دمشق ستلتزم بهذا الاتفاق، وأكد أن سقوط نظام الأسد قد أنهى ما زعمت إسرائيل أنه تهديد الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.

شاهد ايضاً: الحرب على غزة: الفلسطينيون يستذكرون فظائع القصف الإسرائيلي المتجدد

وقد كرر الشرع رسالته الشهر الماضي، مؤكداً أن الذرائع التي استخدمتها إسرائيل لتبرير أفعالها في سوريا لم تعد صالحة. وأعاد تأكيد التزام سوريا باتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974، وأعرب عن استعدادها لاستقبال قوات الأمم المتحدة.

وفي حين أن بعض المراقبين فسروا هذه التصريحات على أنها علامات على انفراج محتمل مع إسرائيل، إلا أن الفحص الدقيق يكشف أن التطبيع لا يزال احتمالاً بعيدًا وغير محتمل.

وعلى الرغم من الخطاب المتغير، فإن الحواجز الهيكلية والسياسية والتاريخية التي تحول دون التطبيع لا يمكن التغلب عليها في السياق الحالي. وعلى الرغم من أن البعض في إسرائيل والولايات المتحدة قد يرغبون في التطبيع، إلا أن الحقائق على أرض الواقع تجعل التطبيع شبه مستحيل لعدة أسباب.

شاهد ايضاً: هل تستطيع الحكومة الجديدة في لبنان إصلاح أمة مكسورة؟

فأي تحرك نحو التطبيع سيُنظر إليه على أنه خيانة للسيادة الوطنية السورية وتنازل لقوة احتلال. وبالنسبة لإدارة لا تزال في طور توطيد سلطتها، فإن مثل هذه الخطوة يمكن أن تقوض شرعيتها ومصداقيتها المحلية.

ندوب عميقة

ندوب الصراع عميقة، وفكرة التعامل مع إسرائيل هي لعنة بالنسبة للعديد من السوريين الذين يعتبرون مقاومة الاحتلال قيمة وطنية أساسية.

علاوة على ذلك، فإن التطبيع سيؤدي إلى تفاقم التصدعات داخل المجتمع السوري. فالبلاد لا تزال تعاني من سنوات الحرب، ولا يزال نسيجها الاجتماعي هشاً. ومن شأن الانخراط مع إسرائيل أن يخلق خط صدع جديد بين أولئك الذين يعطون الأولوية للبراغماتية والانتعاش الاقتصادي، وأولئك الذين يرون مقاومة إسرائيل كمبدأ غير قابل للتفاوض.

شاهد ايضاً: أكبر مجموعة 'جهادية' في السودان تعلن أنها ستتفكك بمجرد هزيمة قوات الدعم السريع

ومن شأن هذا الاستقطاب أن يزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد، مما يعيق جهود إعادة الإعمار وربما يشعل الصراعات الداخلية من جديد.

وهناك عامل حاسم آخر هو التحول المحتمل في الأولويات الذي يمكن أن يؤدي إليه التطبيع. فبالنسبة للكثير من السوريين، لا يزال تحرير مرتفعات الجولان هدفاً وطنياً محورياً؛ لكن الأولوية الآن هي إعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار والازدهار. يمكن أن يؤدي التطبيع إلى حشد شريحة من المجتمع التي تعطي الأولوية لمواجهة إسرائيل على إعادة بناء البلاد.

وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى عودة ظهور الجماعات المسلحة أو ظهور حركات مقاومة جديدة، مما يؤدي إلى تحويل الموارد والاهتمام بعيدًا عن الجهود الأساسية لـ إعادة بناء البلاد. وبالنسبة لدولة في حاجة ماسة إلى الاستقرار والتنمية، فإن مثل هذا التحول سيؤدي إلى نتائج عكسية، ويمكن أن يعرقل التقدم الهش الذي تم إحرازه منذ نهاية الحرب.

شاهد ايضاً: تقرير: لبنان يعود إلى صندوق النقد الدولي متجاهلاً حزب الله.

كما أن الديناميكيات الإقليمية تزيد من تعقيد آفاق التطبيع، الأمر الذي يمكن أن يوفر فرصة لإيران لإعادة ترسيخ وجودها في سوريا. وبالمثل، يمكن لقوى إقليمية أخرى، مثل تركيا والمملكة العربية السعودية، أن تتدخل لتشكيل النتيجة، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى وضع متقلب بالفعل.

كما تمثل سياسات إسرائيل وتفضيلاتها عقبة رئيسية. فالتطبيع ليس عملية أحادية الجانب. فمن الناحية التاريخية، لم تلتزم إسرائيل بمعظم قرارات مجلس الأمن الدولي، وحتى عندما تبرم اتفاقات مع دول أخرى، فإنها عادة ما تفشل في الوفاء بالتزاماتها.

في حالة سوريا، لم يكن هناك أي مؤشر على أن إسرائيل مستعدة لإعادة مرتفعات الجولان المحتلة أو معالجة قضايا السيادة السورية. وبدون خطوات ذات مغزى من جانب إسرائيل، يظل التطبيع غير ممكن.

الهيمنة الاستراتيجية

شاهد ايضاً: قرى الجنوب اللبناني تواجه الجنود الإسرائيليين في صراعهم للعودة

علاوة على ذلك، قد تفضل إسرائيل سوريا مجزأة، لأن ذلك يسمح لها بالحفاظ على الهيمنة الاستراتيجية في المنطقة والسيطرة على مرتفعات الجولان المحتلة، دون الحاجة إلى مواجهة خصم موحد.

وسيتطلب التطبيع تدابير مهمة من إسرائيل، مثل إعادة الأراضي المحتلة، وهو ما لم تبدِ أي استعداد للقيام به. بدلًا من ذلك، من المرجح أن تفضل إسرائيل الوضع الراهن، حيث تظل سوريا منشغلة بالتحديات الداخلية وغير قادرة على فرض نفسها إقليميًا. هذا التفضيل لسوريا الضعيفة يقوض أي جهد حقيقي نحو التطبيع.

ويمكن تفسير تصريحات الشرع بشأن إسرائيل على أنها خطوة استراتيجية لإعطاء الأولوية للاستقرار الداخلي في سوريا وإعادة الإعمار على الانخراط في الصراع. وتشير هذه المقاربة إلى أن الإدارة الجديدة تدرك عدم جدوى الدخول في صراع مع إسرائيل في وقت تتضاءل فيه القدرات العسكرية السورية بشدة بعد سنوات من الحرب والعدوان الإسرائيلي.

شاهد ايضاً: المتحدثون: المملكة المتحدة تُراجع تراخيص الأسلحة لإسرائيل وطائرات F-35 المقاتلة

كما يعكس خطاب الشرع أيضًا إدراكًا بأن المواجهة مع إسرائيل لن تفشل في تحقيق نصر واضح فحسب، بل قد تؤدي أيضًا إلى تفاقم الانقسامات الداخلية في سوريا وعرقلة جهود إعادة بناء الدولة وكسب الاعتراف والشرعية الدولية.

ويسمح هذا الموقف البراغماتي لسوريا بالتركيز على توطيد سلطتها محلياً، مع تجنب الأعمال التي يمكن أن تتسبب في عزلة دولية. وفي هذا السياق، فإن تصريحات الشرع لا تتعلق بالإشارة إلى الانفتاح على التطبيع، بقدر ما تتعلق بخلق بيئة مستقرة لتعافي سوريا - وهو شرط مسبق ضروري لأي مفاوضات أو مواجهات مستقبلية مع إسرائيل.

علاوة على ذلك، فإن تركيز الشرع على إخراج الجماعات المسلحة المدعومة من إيران من الأراضي السورية يخدم غرضًا مزدوجًا. فهو يطمئن الجهات الفاعلة الإقليمية والمجتمع الدولي بأن سوريا لم تعد ممراً للنفوذ الإيراني، وفي الوقت نفسه ينأى بالإدارة الجديدة عن سياسات نظام الأسد.

شاهد ايضاً: هل يتمتع نتنياهو والمسؤولون الإسرائيليون بالحصانة من الاعتقال في المملكة المتحدة؟

وقد يمهد هذا التحول الطريق لتحسين العلاقات مع القوى الإقليمية والعالمية، وهو أمر ضروري لإعادة بناء سوريا. لكنه يسلط الضوء أيضًا على التوازن الدقيق الذي يجب أن تحافظ عليه إدارة الشرع: تجنب الصراع مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه تلبية مطالب السكان الذين يعتبرون مقاومة الاحتلال قيمة وطنية أساسية.

وبهذا المعنى، فإن تصريحات الشرع هي جهد محسوب لتجاوز تعقيدات الواقع السوري في مرحلة ما بعد الحرب، مع التركيز على الاستقرار طويل الأمد بدلاً من المواجهة المباشرة.

أخبار ذات صلة

Loading...
اجتماع الملك عبد الله الثاني مع ترامب في البيت الأبيض، يعكس توتر العلاقات حول قضية اللاجئين الفلسطينيين وخطط التوطين.

الملك عبدالله الثاني من الأردن يستعد لاجتماع متوتر مع دونالد ترامب

في خضم التوترات المتصاعدة، يلتقي دونالد ترامب والملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض، حيث يواجه الأردن ضغوطًا غير مسبوقة لقبول الفلسطينيين المطرودين قسريًا. كيف ستؤثر هذه الخطط على مستقبل المملكة؟ اكتشف التفاصيل المثيرة وراء هذا الاجتماع الحاسم.
الشرق الأوسط
Loading...
نتنياهو يتحدث في مؤتمر صحفي، مع التركيز على قضايا تتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني ودعمه من ترامب، في خلفية زرقاء.

فلسطينيون أمريكيون ينتقدون ترامب بشدة بسبب زيارة نتنياهو

في ظل تصاعد العنف في غزة، يثير قرار ترامب باستضافة نتنياهو تساؤلات حول احترام حقوق الفلسطينيين. كيف يمكن للعالم أن يتجاهل الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني؟ انضم إلينا لاستكشاف الأبعاد السياسية والإنسانية لهذا الحدث المثير.
الشرق الأوسط
Loading...
طفل ينظر بحزن إلى جثة مغطاة ببطانية، وسط حشود من الناس في غزة، في ظل تصاعد التوترات والمفاوضات حول وقف إطلاق النار.

الحرب على غزة: مصدر فلسطيني يكشف أن اتفاق الهدنة بات أقرب من أي وقت مضى

تتجه الأنظار نحو ديناميكية جديدة في محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، حيث تشير المصادر إلى اقتراب الطرفين من اتفاق يخفف معاناة غزة. مع تزايد الضغوط الشعبية، هل ينجح هذا الانفراج في إنهاء الصراع؟ تابعوا التفاصيل لتكتشفوا ما يجري خلف الكواليس.
الشرق الأوسط
Loading...
مبنى مدمر في تل أبيب بعد الهجوم الصاروخي الإيراني، مع وجود حطام وأشجار محيطة، مما يبرز آثار التصعيد العسكري.

هجوم إيران على إسرائيل: ما نعرفه حتى الآن

في تصعيد غير مسبوق، أطلقت إيران وابلاً من الصواريخ على إسرائيل، مستهدفةً مواقع عسكرية حيوية في أكبر هجوم لها حتى الآن. بينما تتوعد تل أبيب بالرد، تظل الأوضاع مشتعلة في المنطقة. اكتشف التفاصيل الكاملة حول هذا التصعيد وأثره المحتمل على الأمن الإقليمي.
الشرق الأوسط
الرئيسيةأخبارسياسةأعمالرياضةالعالمعلومصحةتسلية