تأثير مساعي الصين في جزر المحيط الهادئ

خيمت الاضطرابات بشأن مساعي الصين لبسط نفوذها في جنوب المحيط الهادئ على أهم قمة دبلوماسية في المنطقة بعد أن تعهد زعيم إحدى جزر المحيط الهادئ على ما يبدو بحذف التأكيد على مشاركة تايوان في الاجتماع من بيانه الختامي، بناءً على طلب بكين.

وقد أدرج منتدى جزر المحيط الهادئ وهو مجموعة من 18 دولة جزرية بالإضافة إلى أستراليا ونيوزيلندا في البداية إعادة تأكيد على مكانة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي، والتي تدعي الصين أنها إقليم تابع لها، في بيان علني يوم الجمعة يلخص اتفاقات القادة بعد اجتماعهم السنوي الذي استمر أسبوعًا. ولكن تم حذفها بعد ذلك يوم السبت.

ولم يوضح المسؤولون في القمة في نوكوالوفا، تونغا، سبب تغيير البيان. لكن يبدو أن مقطع فيديو نشرته إحدى وكالات الأنباء في وقت متأخر من يوم الأحد يُظهر أحد قادة المحيط الهادئ وهو يؤكد للمبعوث الصيني الخاص إلى المحيط الهادئ، تشيان بو، أن الإشارة إلى تايوان ستُحذف بعد أن طالب تشيان بذلك في تصريحات للصحفيين.

يسلط الخلاف حول الوثيقة الضوء على نقاش إقليمي مشحون وخاص إلى حد كبير حول دور الصين في المنطقة والذي سعت دول المحيط الهادئ إلى إخماده علنًا قبل الاجتماع. وقال محللون إن النهاية الفوضوية للقمة السنوية التي شددت فيها الدول الأعضاء على الوحدة الإقليمية ورفضت تزاحم القوى الكبرى على النفوذ في شؤونها تُظهر مدى صعوبة تحقيق التوازن بين مطالب الدول الكبرى التي تعتبرها بيادق جيوسياسية.

وقالت آنا باولز، الأستاذة في مركز الدراسات الدفاعية والأمنية بجامعة ماسي: "من الواضح أن قدرة (المنتدى) على متابعة الأجندات الإقليمية المتزايدة المطالب وفي الوقت نفسه إدارة المصالح الجيوسياسية للجهات الفاعلة الخارجية في خطر".

وأضافت أن الاستعراض العلني لممارسة الصين لنفوذها في ظل تنديدها بذكر تايوان في القمة كان "مقلقًا للغاية" وأثار تساؤلات حول استقلالية الهيئة الدبلوماسية العليا في المنطقة. في عام 2019، اعترفت ست دول في منطقة المحيط الهادئ بتايوان كدولة ديمقراطية مستقلة في ازدراء لبكين لكن حلفاء تايبيه في المنطقة تضاءل عددهم منذ ذلك الحين إلى ثلاث دول.

بدأ منتدى جزر المحيط الهادئ في عام 1971 ليقوم القادة بتنسيق الاستجابات للقضايا التي تواجه منطقة نائية ومتنوعة حيث لا تتمتع الدول الفردية بنفوذ كبير على الساحة العالمية. وكان قادته، من الجزر المنخفضة المعرضة للخطر بسبب ارتفاع منسوب مياه البحار، في طليعة من حثوا على اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ.

لم يكن هناك حضور واسع النطاق للاجتماعات السنوية حتى برز المحيط الهادئ في السنوات الأخيرة كموقع لتنافس جيوسياسي حاد على النفوذ على المياه والموارد والسلطة السياسية. وبينما كانت بكين تتودد إلى قادة المحيط الهادئ بالقروض والدبلوماسية والاتفاقيات الأمنية، تزايد القلق الغربي بشأن موطئ قدمها في المنطقة، مما أدى إلى توسع سريع في حضور قمم المنتدى.

وفي هذا العام، سعى قادة المحيط الهادئ إلى توجيه الصخب العالمي نحو مواضيعهم المفضلة خراب التغير المناخي وأزمات الديون والصحة والأمن، بما في ذلك جمع التبرعات لمرفق للمناخ والقدرة على مواجهة الكوارث في تونغا بقيادة المحيط الهادئ مع تحذير القوى الكبرى من أن تطغى على القمة بالمشاحنات الجيوسياسية.

"لا نريدهم أن يتشاجروا في فنائنا الخلفي هنا. خذوا ذلك إلى مكان آخر"، قال بارون واكا، الأمين العام للمنتدى والرئيس السابق لناورو، للصحفيين في يوليو.

وعلى مدار معظم أيام القمة التي استمرت خمسة أيام، ساد هدوء غير مستقر، على الأقل في العلن، مع قيام القوى العظمى بمبادرات تعاون غير معتادة مع الخصوم.

وبينما كانت الدول الشريكة في المنتدى تقدم عروضها لزعماء المحيط الهادئ يوم الأربعاء، قال نائب وزير الخارجية الأمريكي كورت كامبل إن الولايات المتحدة والصين تعهدتا بالعمل معًا لإيجاد مجالات للتعاون في مشاريع المحيط الهادئ. وردًا على ذلك، قال المبعوث الصيني، تشيان، إن كلمات كامبل مشجعة وأن التعاون بين بكين وواشنطن يصب في مصلحة المنطقة على الرغم من أن هذه التصريحات لم تُسجل في نسخة علنية من بيانه.

وقال ميهاي سورا، مدير برنامج جزر المحيط الهادئ في معهد لوي، وهو مركز أبحاث أسترالي: "إنه نهج مختلف، هذا أمر مؤكد"، مضيفًا أنه في الماضي كانت كل من الولايات المتحدة والصين قد وصفت كل منهما الأخرى بأنها المعتدية في المنطقة. "ما زلت متشككًا للغاية بشأن إمكانية وجود أي تعاون موثوق به".

ومع ذلك، فقد عكس ذلك جهدًا من قبل القوى العظمى لإظهار ضبط النفس من جديد. حتى الإعلان عن برنامج الشرطة الإقليمية، الذي ستموله أستراليا لمواجهة عروض الصين على ما يبدو لتجهيز وتدريب شرطة المحيط الهادئ، لم يثر حقد بكين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان عندما سُئل عن المبادرة يوم الأربعاء: "ترحب الصين بجميع الأطراف لبذل جهود متضافرة من أجل تنمية وازدهار دول جزر المحيط الهادئ".

تم تسجيل كامبل في وقت لاحق على ميكروفون أحد المراسلين وهو يقول بصراحة لرئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز أن الولايات المتحدة قد تنحت جانباً في مسألة الشرطة في المحيط الهادئ للسماح لأستراليا بتولي زمام المبادرة.

في المؤتمر الصحفي الختامي للقمة، شددت دول المحيط الهادئ على مبادرات الرعاية الصحية والمناخ باعتبارها شواغلها الرئيسية للعام المقبل. وحدد بيانهم الختامي هيكلًا جديدًا متدرجًا للدول الشريكة، التي يجب أن تثبت الآن مشاركتها الحقيقية مع عدد من دول المحيط الهادئ لتأمين الإذن بحضور القمة السنوية. كما تضمن جملة تؤكد على اتفاق المنتدى لعام 1992 بشأن مكانة تايوان لدى المنظمة.

وقد أشار ذلك إلى أن القادة، الذين أمضوا يوم الخميس في مناقشات مغلقة، قد وافقوا سراً على السماح بحضور تايوان المستمر للقمة على الرغم من أن الهيكل الجديد المتدرج قد يستبعدها.

وقال سورانجل ويبس جونيور، رئيس بالاو، وهي واحدة من ثلاث دول في المحيط الهادئ تعترف بتايوان، لوكالة أسوشيتد برس يوم السبت: "سُمح لتايوان بالتواجد في تونغا وعقد اجتماعات مع شركائها وسيظل هذا هو التفاهم في المستقبل".

وقد أثار التأكيد الواضح على أن حضور تايوان سيستمر دون تغيير غضب بكين، التي كثفت الضغط على حلفاء تايبيه المتبقين لقطع العلاقات معها. وقال تشيان للصحفيين يوم الجمعة إن الجملة الواردة في البيان الختامي للزعماء "يجب أن تكون خطأ" وأصر على ضرورة إجراء تصحيح.

وبعد فترة وجيزة، تم حذف البيان الختامي لقمة المحيط الهادئ على موقعها الإلكتروني. وفي اليوم التالي، وزع المسؤولون وثيقة جديدة على الصحفيين مع حذف السطر الذي يؤكد مشاركة تايوان ولم يتم تقديم أي تفسير للتغيير.

وقالت المتحدثة باسم المنتدى، ليزا ويليامز لاهاري لوكالة أسوشييتد برس في بيان مكتوب: "النسخة بصيغتها النهائية لا تغير ولا تؤثر على قرارات الاجتماع، ولا أي قرارات دائمة لقادة المنتدى".

لكن في ليلة الأحد، نشر راديو نيوزيلندا لقطات مصورة التقطها مراسل صحفي، مساء الأحد، أظهرت رئيس وزراء جزر كوك مارك براون وهو يقول على ما يبدو للمبعوث الصيني تشيان "سنزيلها"، في إشارة إلى الوثيقة، بينما كان الاثنان يتصافحان. لم يرد براون على الفور على طلب وكالة أسوشييتد برس للتعليق.

وقالت وزارة الخارجية التايوانية في بيان زودت به وكالة أسوشييتد برس يوم الاثنين إن البيان لم يعرض موقفها في المنتدى للخطر أو يلغي حقها في المشاركة.

وقال المتحدث باسمها جيف ليو: "تعرب تايوان عن إدانتها الشديدة لتدخل الصين المتغطرس وسلوكها غير المعقول الذي يقوض السلام والاستقرار الإقليميين".

وستستضيف جزر سليمان، التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع تايبيه في عام 2019 لصالح بكين، قمة 2025. وقال باولز، المحلل، إنه قبل ذلك، ينبغي للمنتدى أن "يضع على وجه السرعة حواجز حماية لمنع المزيد من الاضطراب وتقويض الوحدة الإقليمية".