نتنياهو يضغط على الولايات المتحدة لوقف بيع طائرات F-35 لتركيا، وفقاً لمصادر

يضغط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لمنع بيع طائرات إف-35 لتركيا، مستشهداً بمخاوفه من تنامي نفوذ أنقرة في سوريا، وذلك وفقاً لما ذكرته ثلاثة مصادر، من بينهم مسؤولان غربيان كبيران، لموقع ميدل إيست آي.

وقال المسؤولان الغربيان إن نتنياهو أثار قضية طائرات إف-35 خلال مكالمات متعددة مع روبيو في مارس/آذار وأبريل/نيسان. وأكد مصدر ثالث مطلع على المسألة أن نتنياهو ضغط على روبيو بشأن بيع الأسلحة.

وقد قال نتنياهو سرًا إنه سيضغط على ترامب ضد بيع طائرات إف-35، لكنه لم يناقش الأمر معه بعد. وسيلتقي الزعيم الإسرائيلي بترامب في البيت الأبيض يوم الاثنين، وهي الزيارة الثانية له هذا العام.

ولدى نتنياهو عدد كبير من الملفات التي سيتناولها مع ترامب، من الرسوم الجمركية المفاجئة المفروضة عليها والمحادثات النووية المحتملة مع إيران إلى نزع سلاح حزب الله وحرب إسرائيل المستمرة على غزة.

ومع ذلك، يحتدم التنافس بين إسرائيل وتركيا في سوريا.

ففي الأسبوع الماضي، قصفت إسرائيل ثلاث قواعد عسكرية في البلاد - بما في ذلك قاعدة تياس الجوية السورية، المعروفة أيضاً باسم T4. وجاءت هذه الضربات في الوقت الذي رأت فيه إسرائيل فرصة محدودة لمهاجمة القواعد قبل أن تنقل تركيا معداتها العسكرية إلى هناك.

وقد كشف موقع ميدل إيست آي في وقت سابق أن تركيا تنشر منظومة دفاع جوي من نوع "حصار" في قاعدة T4.

وتعد سيطرة تركيا على القواعد جزءًا من اتفاقية دفاعية معلقة تتفاوض أنقرة ودمشق بشأنها منذ ديسمبر (كانون الأول). وستشهد الاتفاقية توفير تركيا غطاءً جويًا وحماية عسكرية للحكومة السورية الجديدة التي تفتقر حاليًا إلى جيش فعال.

ويرى نتنياهو ومستشاروه في روبيو حليفاً قوياً في محاولة منع تركيا من الحصول على طائرات إف-35، بحسب ما قاله المسؤولون الغربيون لموقع ميدل إيست آي.

روبيو وتركيا

روبيو هو أحد كبار صقور تركيا في حكومة ترامب. وكان أحد المسؤولين الأمريكيين القلائل الذين أعربوا عن قلقهم إزاء اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في 19 مارس الماضي. وأثار سجن إمام أوغلو، المنافس الأبرز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، احتجاجات حاشدة في تركيا.

وفي خضم تداعيات الاعتقال، قال مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إن ترامب أجرى مكالمة هاتفية "تحوّلية حقًا" مع أردوغان، قائلًا إن هناك "الكثير من الأخبار الإيجابية الجيدة القادمة من تركيا في الوقت الحالي".

وقالت المصادر لـ"ميدل إيست آي" إن نتنياهو أثار قضية طائرات إف-35 مع روبيو عدة مرات، بما في ذلك مكالمة جرت قبل استضافة روبيو لنظيره التركي هاكان فيدان في العاصمة الأمريكية واشنطن في 25 مارس/آذار.

وجاء في محضر ذلك الاجتماع الذي قدمته وزارة الخارجية الأمريكية أن الاثنين ناقشا "التعاون الوثيق لدعم سوريا مستقرة وموحدة وسلمية".

كما تعانق روبيو وفيدان بحرارة على هامش قمة الناتو في بروكسل في أبريل/نيسان.

عندما كان عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ، أبدى روبيو اهتماماً كبيراً بشرق المتوسط. فقد أصدر تشريعًا لتعزيز التعاون في مجالي الأمن والطاقة بين اليونان وقبرص وإسرائيل.

شارك روبيو في تأليف قانون شراكة الأمن والطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط لعام 2019، الذي أجاز التمويل العسكري الأجنبي لليونان ورفع الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة إلى جمهورية قبرص.

اليونان هي الخصم التاريخي لتركيا في المنطقة. غزت تركيا شمال قبرص في عام 1974 بعد محاولة انقلاب فاشلة لتوحيدها مع اليونان. وتحتفظ تركيا بأكثر من 35,000 جندي في جمهورية شمال قبرص التركية، وهي دولة لا تعترف بها أي دولة عضو في الأمم المتحدة باستثناء تركيا.

وقد شعرت قبرص واليونان وإسرائيل بالقلق من تنامي نفوذ تركيا في المنطقة بعد أن أطاح المتمردون الإسلاميون بحكومة بشار الأسد العام الماضي في سوريا.

ومع وجود حلفاء لأنقرة في دمشق، تشعر اليونان وقبرص بالقلق من أن تركيا قد تكرر الاتفاق البحري الذي أبرمته مع الحكومة الليبية في طرابلس.

تعمل اليونان وإسرائيل على تعميق علاقاتهما العسكرية منذ عقد من الزمن بدعم من الولايات المتحدة، وذلك جزئياً رداً على تلك الصفقة البحرية مع ليبيا.

وقد تسارعت تلك الشراكة رداً على النفوذ التركي المتزايد في سوريا. وزار رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس إسرائيل في 30 مارس، وتجري اليونان محادثات مع إسرائيل لشراء أنظمة الدفاع الجوي متوسطة المدى من طراز باراك.

ورفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية التعليق على ضغوط نتنياهو. ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية على طلب موقع ميدل إيست آي للتعليق حتى وقت نشر هذا التقرير.

وقال مصدر مطلع على تفكير أنقرة إنه على الرغم من علمهم بالضغوط التي يمارسها نتنياهو، إلا أنهم لا يعتقدون أنه يستطيع فعل الكثير.

وقال مسؤول تركي رفيع المستوى لموقع ميدل إيست آي إن إدارة ترامب لم تعرب عن أي تغيير في ملف طائرات إف-35.

وقال المصدر المطلع على الأمر: "لا يمكن لنتنياهو سوى أن يطالب ترامب ببيع المزيد من طائرات إف-35 لإسرائيل، وربما مضاعفة الكمية التي قد تشتريها تركيا". "لا يمكنك أن تقول لترامب ألا يقوم بهذه الصفقة."

ترامب و"الاستيلاء غير الودي

في حين أن ترامب كثيراً ما يشيد بعلاقته الجيدة مع أردوغان، إلا أنه كثيراً ما كان ينتقد تركيا.

وقال ترامب في كانون الأول/ديسمبر إن أردوغان دبر "استيلاء غير ودي" على سوريا بعد أن أطاحت هيئة تحرير الشام بحكومة الأسد. وأعرب عن قلقه من النزعة التوسعية التركية قائلاً: "لقد أرادوها \سوريا\ منذ آلاف السنين، وقد حصل عليها".

وقال ستيف بانون، المستشار السابق لترامب الذي أصبح البودكاست الخاص به War Room الذي أصبح الاستماع إليه مطلوبًا لمن يبحث عن نظرة خاطفة وراء نظرة ترامب للعالم، قال مؤخرًا إن أردوغان "أحد أخطر القادة" في العالم ويريد "إعادة تأسيس الإمبراطورية العثمانية".

ويحظى المؤثرون الخارجيون بنفوذ متزايد في البيت الأبيض في عهد ترامب، وهو ما أكده ما قامت به لورا لومر الناشطة في مجال نظريات المؤامرة اليمينية من خلال انتقادها للعديد من مسؤولي الأمن القومي.

يعود تاريخ الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة حول طائرات إف-35 إلى عام 2019 عندما اشترت أنقرة منظومة الصواريخ الروسية إس-400، وتم إخراجها من الإنتاج المشترك للطائرة الحربية. وفي العام التالي، فرضت إدارة ترامب عقوبات على تركيا.

وكشف موقع ميدل إيست آي أن أنقرة تدرس نشر أنظمة الدفاع الجوي إس-400 بشكل مؤقت في قاعدة "تي 4" أو تدمر في سوريا لتأمين المجال الجوي خلال عملية إعادة بناء القواعد. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ قرار نهائي وسيتعين على روسيا إعطاء موافقتها.

وبموجب القانون الأمريكي، يجب على تركيا التخلي عن حيازة منظومة إس-400 لكي يتم قبولها من جديد في برنامج إف-35. لكن نشر منظومة إس-400 في سوريا من المرجح أن يثير قلق إسرائيل.

ولطالما تمتعت إسرائيل بحق النقض (الفيتو) على مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى دول الشرق الأوسط الأخرى لضمان الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي في المنطقة.