حزب الله يرفض الاستسلام ويصر على الحوار الوطني
حزب الله يرفض خطة باراك الأمريكية لنزع السلاح، معتبرًا إياها وثيقة استسلام. قاسم يؤكد استعداد الحزب للحوار الوطني حول سلاحه، ولكن تحت شروط لبنانية. التوترات مع إسرائيل وأزمة الثقة مع المجتمع الدولي تتصاعد.

جاء أول رد لحزب الله على خارطة الطريق الأمريكية للبنان في خطاب زعيم الحزب نعيم قاسم في وقت سابق من هذا الشهر، حيث قال "نحن شعب لا يستسلم".
وقد اقترح المبعوث الأمريكي الخاص توم باراك خطة على كبار المسؤولين اللبنانيين تقضي بنزع سلاح حزب الله بالكامل في غضون أربعة أشهر. وفي المقابل، توقف إسرائيل غاراتها وتسحب قواتها من المواقع التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان.
وأكد قاسم في خطابه على استعداد حزب الله لمناقشة كل الأمور، بما في ذلك سلاحه، ولكن فقط في سياق حوار وطني لبناني، وليس تحت الضغط أو التهديدات الأمريكية.
وفي الأسبوع الماضي، قال نواب حزب الله إن جلسات مجلس النواب الأخيرة أظهرت أن هناك مجالاً للتوافق الوطني حول القضايا الرئيسية المتعلقة بالسيادة.
ومن بين الشواغل الرئيسية التي يثيرها المجتمع الدولي بشكل متزايد أزمة الثقة المتفاقمة بين القوى الخارجية والقيادة اللبنانية، ولا سيما رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
وقالت مصادر دبلوماسية غربية لموقع إن الحكومات الأجنبية لا تزال متشككة في قدرة الدولة اللبنانية على تنفيذ عملية احتواء السلاح وإجراء إصلاحات أوسع نطاقاً.
ووفقًا لمصادر مقربة من حزب الله، فإن رسائل الحزب الأخيرة كانت مقصودة وواضحة: فهو يرفض الاقتراح الأمريكي رفضًا قاطعًا، ولا يعتبره أساسًا للتفاوض بل وثيقة استسلام، وبالتالي فهو غير مقبول.
'الاستسلام التام'
عاد باراك، الذي يشغل أيضاً منصب المبعوث الخاص لسوريا، إلى بيروت هذا الأسبوع في ثالث زيارة له خلال ما يزيد قليلاً عن شهر، مواصلاً المناقشات حول خارطة الطريق المدعومة من الولايات المتحدة للبنان.
وتشمل الخطة نزع سلاح الجماعات المسلحة غير الحكومية، وإجراء إصلاحات اقتصادية طال انتظارها، وتحسين العلاقات مع دمشق.
من وجهة نظر حزب الله، فإن موجة الزيارات والاجتماعات والمؤتمرات الصحفية التي يقودها باراك "لا تحمل أي مباركة". وتقول مصادر مقربة من الحزب إن حزب الله يرفض فكرة نزع السلاح في ظل استمرار الاحتلال والتهديدات الإسرائيلية.
ومع ذلك، فإنه لا يزال منفتحاً على التفاوض على نقل سلاحه إلى الجيش اللبناني في إطار استراتيجية دفاعية وطنية.
وقد طلب لبنان منذ أشهر من الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون الولايات المتحدة ضامنًا أمنيًا يضمن سحب إسرائيل لقواتها بالكامل وتوقفها عن استهداف عناصر حزب الله وهي الضربات التي استمرت رغم وقف إطلاق النار في حال بدأ الحزب بتسليم سلاحه.
ومع ذلك، عندما سُئل يوم الاثنين عما إذا كانت واشنطن ستضمن الانسحاب الإسرائيلي، أجاب باراك بأن الولايات المتحدة "لا شأن لها بمحاولة إجبار إسرائيل على القيام بأي شيء".
كما قال باراك للصحفيين إن الولايات المتحدة لن تجبر حزب الله على نزع سلاحه، أو تفرض عليه عقوبات إذا لم يتحقق تقدم في هذا الشأن.
وبينما سلّم حزب الله بعض الأسلحة من مستودعاته في جنوب البلاد إلى الجيش اللبناني، تقول إسرائيل إن الحزب ينتهك وقف إطلاق النار بمحاولته إعادة تأسيس نفسه.
وقد عارض حزب الله الضغط الإسرائيلي على الجيش اللبناني لتدمير أي أسلحة يتلقاها من الحزب، معتبراً ذلك محاولة لمنع اندماجها في استراتيجية الدفاع الوطني اللبناني.
واستشهدت المصادر بحادثة واحدة استولى فيها الجيش اللبناني على قاذفة صواريخ من مستودع لحزب الله لكنه لم يدمرها. وقد استدعى ذلك تحذيراً فورياً من لجنة المراقبة الدولية التي أنشئت بعد وقف إطلاق النار برئاسة جنرال أمريكي.
وقالت المصادر نفسها إن اقتراحاً أميركياً سابقاً كان أكثر منطقية مما وصفته بعرض باراك "الاستسلام التام".
الضغط والشروط المسبقة
وقد وضعت واشنطن شروطاً حازمة: جدول زمني واضح ومكتوب للتنفيذ يبدأ في جنوب لبنان ويتوسع شمالاً، وتنفيذ سريع خلال أسابيع، واحتواء كامل للأسلحة بحلول نهاية العام.
كما تدعو إلى مراقبة دولية مباشرة لكل خطوة، بما في ذلك الوصول الموثق إلى مستودعات أسلحة حزب الله، وإثباتات مصورة للأسلحة، وإقرار علني من حزب الله بتأييد آلية نزع السلاح.
وفي موازاة ذلك، حدد لبنان مجموعة من المطالب الخاصة به وهي: الامتثال الإسرائيلي الكامل لوقف إطلاق النار، وتفعيل لجنة المراقبة الدولية، واستمرار وجود ودور قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" في لبنان.
كما طلبت بيروت أيضاً ضمانات بشأن الوضع في سوريا، مما يعكس قلقاً متزايداً بين الفصائل اللبنانية بشأن تداعيات التطورات الأخيرة، لا سيما في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية.
وقد زاد العنف في سوريا من تعقيد المشهد الأمني اللبناني. ويقول مراقبون إن أعمال العنف المستمرة والهجمات الإسرائيلية على سوريا عززت حجة حزب الله في التمسك بسلاحه كوسيلة لحماية الطوائف الضعيفة.
وخلال زيارته السابقة لبيروت في وقت سابق من شهر تموز/يوليو، قال باراك إنه راضٍ عن رد الحكومة اللبنانية على الاقتراح الأمريكي.
ومع ذلك، فقد حذر من أنه من دون التزام جاد من لبنان، لا يبدو أن الغرب أو الخليج مستعدان لتقديم الدعم لتعافي البلاد.
وقال باراك للصحفيين: "تأتي المملكة العربية السعودية وقطر والآن الإمارات العربية المتحدة وتقول: "إذا استطعنا أن نصل إلى حيث يمكن للجميع أن يهدأ، فسوف نساعد في إعادة تطوير هذا الجزء من لبنان، وهو أمر ضخم".
وأضاف "إنهم مستعدون لتقديم التمويل" بمجرد نزع سلاح حزب الله.
أخبار ذات صلة

من دمشق إلى غزة، عقيدة الهيمنة الإسرائيلية تعاني من عيب قاتل

مؤسسة غزة الإنسانية: النموذج الجديد لإسرائيل في المساعدات المسلحة

لقد فشل محمود عباس تمامًا في إظهار القيادة في لحظة أزمة
