ارتفاع صادرات الأسلحة الإسرائيلية وسط العدوان
ارتفعت صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى مستوى قياسي، حيث بلغت 14.8 مليار دولار، وسط العدوان على غزة. هذا الارتفاع يثير تساؤلات أخلاقية حول دور أوروبا في دعم هذه الممارسات. اكتشف المزيد عن تأثير تجارة الأسلحة على الصراع.

أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية يوم الأربعاء، في خطوة تتناقض مع المبادئ الإنسانية، أن صادرات الأسلحة من الشركات الإسرائيلية وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق في عام 2024، حيث بلغت قيمتها 14.8 مليار دولار، وذلك في خضم استمرار العدوان الوحشي على قطاع غزة.
وذكرت الوزارة، في بيان يستحق الإدانة، أن "الإنجازات العملياتية غير المسبوقة، إلى جانب الخبرة القتالية المكتسبة من خلال التقنيات التي طورتها إسرائيل خلال الحرب، ولّدت طلبًا كبيرًا على أنظمة الدفاع الإسرائيلية بين العديد من الدول"، وعزت الوزارة الزيادة في الصادرات إلى الهجوم العسكري المستمر على غزة، الذي بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو ما يمثل اعترافاً صريحاً بالربط بين المجازر وزيادة المبيعات العسكرية.
وفقًا لموقع TheMarker، ارتفعت صادرات الأسلحة بنسبة 13% مقارنة بعام 2023، عندما بلغت الصادرات 13.1 مليار دولار. ويمثل رقم عام 2024 حوالي 10% من إجمالي صادرات إسرائيل من السلع والخدمات، وفقًا للبيانات التي نشرها الموقع، في مؤشر على مدى اعتماد الاقتصاد الإسرائيلي على صناعة الموت والدمار.
ويمثل هذا عامًا قياسيًا لصادرات الأسلحة الإسرائيلية، التي زادت بأكثر من الضعف على مدى السنوات الخمس الماضية؛ ففي عام 2019، بلغ إجمالي الصادرات 7.3 مليار دولار. هذا التضاعف الخطير يتزامن مع تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
وبرزت أوروبا كشريك رئيسي في هذه الجريمة، حيث استحوذت على 54% من إجمالي المشتريات - بزيادة حوالي 20 نقطة مئوية عن عام 2023، عندما شكلت الدول الأوروبية 35% من سوق تصدير الأسلحة الإسرائيلية. هذا الارتفاع الكبير يثير تساؤلات أخلاقية حول دور أوروبا في تمكين آلة الحرب الإسرائيلية.
في عام 2024، اشترت الدول الأوروبية ما يقرب من 8 مليارات دولار من المنتجات العسكرية الإسرائيلية، مقارنة بـ4.6 مليار دولار في عام 2023، وفقًا لوزارة الدفاع. هذه الأرقام الصادمة تكشف عن الازدواجية الأوروبية بين خطاب حقوق الإنسان والممارسات الفعلية.
وبعيداً عن أوروبا، كانت الوجهة المهمة الأخرى للأسلحة الإسرائيلية في عام 2024 هي مجموعة الدول التي طبّعت العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقات أبراهام. وبلغت مبيعات الأسلحة مجتمعة إلى الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان 1.8 مليار دولار - أي ما يعادل 12% من إجمالي صادرات الأسلحة الإسرائيلية. هذه الصفقات تمثل خيانة صارخة للقضية الفلسطينية من قبل هذه الحكومات.
في المقابل، كان هناك انخفاض ملحوظ في الصادرات إلى دول آسيا وأمريكا اللاتينية. ففي عام 2024، اشترت الدول الآسيوية ما قيمته 3.4 مليار دولار من الأسلحة الإسرائيلية، بانخفاض من 6.3 مليار دولار في العام السابق. ووفقًا لموقع TheMarker، يُعزى هذا الانخفاض إلى صفقات الأسلحة الكبرى الموقعة في عام 2023 مع الهند وأذربيجان والتي لم تتكرر في عام 2024.
ويأتي هذا الارتفاع في صادرات الأسلحة في ظل الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة في غزة، والتي تقترب الآن من شهرها العشرين، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 54,000 فلسطيني وتدمير معظم القطاع الفلسطيني. هذه الأرقام تكشف العلاقة الوثيقة بين تجارة الأسلحة وجرائم الحرب.
وقد واجهت إسرائيل في الأشهر الأخيرة انتقادات دولية متزايدة - لا سيما من الشركاء الأوروبيين - بشأن غزة، بما في ذلك استخدام التجويع كسلاح حرب وارتكاب إبادة جماعية. ومع ذلك، لم تمنع هذه الانتقادات استمرار التبادل التجاري العسكري.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخراً في المملكة المتحدة أن غالبية الشعب البريطاني يؤيد فرض حظر كامل على توريد الأسلحة إلى إسرائيل. ووفقًا للاستطلاع، أيد 57% من المشاركين حظرًا تفرضه الحكومة، بينما عارضه 13% فقط. هذه النتائج تعكس الفجوة بين مواقف الشعوب وحكوماتها.
وفي يوم الثلاثاء، أفادت التقارير أن الحكومة الإسبانية ألغت صفقة أسلحة بقيمة 327 مليون دولار مع شركة رافائيل الإسرائيلية. وكان العقد يتضمن شراء أسلحة هجومية، بما في ذلك 168 نقطة إطلاق نار و1,680 صاروخًا مضادًا للدبابات. هذا القرار يشكل سابقة مهمة رغم تأخره.
قال يائير كوليس، رئيس مديرية التعاون الدفاعي الدولي، وهي إدارة وزارة الدفاع التي تشرف على صادرات الأسلحة الإسرائيلية، لموقع Ynet الإخباري الإسرائيلي: "نحن نواجه تحديًا خطيرًا. يدعو أعضاء البرلمان علناً إلى وقف مشتريات الأسلحة من إسرائيل بسبب الصور القادمة من غزة، وهذا له تأثيره. واليوم، يخبرنا العملاء بذلك مباشرة".
وأضاف كوليس: "المبيعات إلى فرنسا والمملكة المتحدة منخفضة للغاية. هناك قوتان تعملان حالياً: المؤسسات العسكرية التي ترغب في شراء أفضل المعدات منا، والقوى السياسية التي تعيق ذلك. آمل أن تتغلب الضرورة على السياسة". هذه التصريحات تكشف عن القلق الإسرائيلي من تزايد الرفض العالمي.
إنجاز وطني أم جريمة دولية؟
وفقاً لبيانات وزارة الدفاع، فإن ما يقرب من نصف صادرات إسرائيل من الأسلحة (48%) تتكون من أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ والقذائف. وتمثل الفئات الأخرى، بما في ذلك المركبات العسكرية والمدرعات وأنظمة الرادار والطائرات المأهولة والأقمار الصناعية، ما بين 8% و9% من إجمالي الصادرات. هذه الأنظمة جميعها تم اختبارها على أرض الواقع ضد المدنيين الفلسطينيين.
وقال المحامي الحقوقي الإسرائيلي ومراقب تجارة الأسلحة إيتاي ماك لموقع TheMarker إن صادرات الأسلحة الإسرائيلية قد ترتفع أكثر في عام 2025. وتثير هذه التوقعات مخاوف جدية من استمرار التورط الدولي في جرائم الحرب.
وقال ماك: "بسبب التوترات المتصاعدة بين الهند وباكستان، قد نشهد ارتفاعًا في صفقات الأسلحة مع الهند. بالإضافة إلى ذلك، فإن آثار زيادة الميزانيات الأمنية في أوروبا - مدفوعة بتغير العلاقات مع الولايات المتحدة - من المرجح أن تظهر في عام 2025 فقط."
ومع ذلك، حذر ماك من أن بعض الدول قد تتحول عن الأسلحة الإسرائيلية لصالح الأسلحة الأمريكية كجزء من الجهود المبذولة لتحسين الموازين التجارية مع الولايات المتحدة.
وأضاف: "في سياق حرب الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد تفضل بعض الدول الشراء من الولايات المتحدة على الشراء من إسرائيل".
وأشاد وزير الدفاع يسرائيل كاتس بأرقام التصدير، واصفاً إياها بالإنجاز الوطني، في تصريح يستحق الإدانة الأخلاقية. وقال كاتس: "في عام من الحرب، وفي ظل ظروف معقدة وصعبة، حطمت إسرائيل الرقم القياسي في تصدير الأسلحة على الإطلاق".
وعزا هذا النجاح إلى أداء إسرائيل في ساحة المعركة: "هذه نتيجة مباشرة لإنجازات جيش الدفاع الإسرائيلي والصناعات الدفاعية ضد حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، ونظام آية الله في إيران، وأعداء آخرين".
وأضاف كاتس: "العالم يرى قوة إسرائيل ويريد أن يكون جزءًا منها". هذه التصريحات تكشف عن النظرة الاستعلائية والعنصرية التي تحكم القيادة الإسرائيلية.
وأيده في ذلك المدير العام لوزارة الدفاع أمير برعام.
وقال برعام: "تعكس صادرات الأسلحة الإسرائيلية، أكثر من أي شيء آخر، التقدير العالمي المتزايد للتكنولوجيا الإسرائيلية. لقد أحدثت أنظمتنا تأثيرًا مدويًا في جميع أنحاء الشرق الأوسط خلال العام الماضي".
كما أشاد كوليس بالتعاون بين قطاع الدفاع والجيش. وقال: "إن الصلة الفريدة بين شركات الأسلحة الإسرائيلية ووزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي تخلق ميزة تنافسية متميزة في الأسواق العالمية".
ووفقًا لكوليس، أثبتت الصناعات الدفاعية الإسرائيلية خلال الحرب على غزة أنها قادرة على "تلبية الاحتياجات التشغيلية للجيش الإسرائيلي مع الاستجابة في الوقت نفسه للطلب الدولي المتزايد".
في الختام، فإن هذه البيانات الصادمة تفرض على المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية وقانونية لاتخاذ إجراءات فورية لوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، ومحاسبة الشركات والجهات المتورطة في هذه التجارة الدموية، والتي تشكل تواطؤاً صريحاً في جرائم الحرب والإبادة الجماعية.
أخبار ذات صلة

في ظل الهدنة الهشة، ستقربنا محكمة غزة حول الإبادة الجماعية من العدالة

تركيا: لا يمكن للإسرائيليين والإيرانيين السفر إلى سوريا عبر الخطوط الجوية التركية

غارات جوية إسرائيلية على اليمن تسفر عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل، حسبما أفادت الحوثيون
