مأساة غزة تتجاوز الألم إلى الإبادة الجماعية
تحتضر ابنة أخي في غزة بعد مقتل شقيقتها جوري في غارة جوية. لا طعام، لا ماء، لا أمان. العالم يتفرج بينما يستمر القتل. كيف يمكننا صمتنا أمام الإبادة؟ هذا ليس مجرد فشل دبلوماسي، بل فشل إنساني.

ابنة أخي بالكاد على قيد الحياة. قبل أسبوع، استشهدت أختها جوري في غارة جوية إسرائيلية.
كانت جوري تبلغ من العمر ست سنوات فقط. كانت نائمة عندما سقط الصاروخ. جسدها الصغير، الملفوف بقطعة قماش بيضاء، هو الآن رقم آخر في مقبرة جماعية متنامية.
نجت أختها من الانفجار، ولكن بالكاد. كما أصيب والدها وجدها في الضربة. ولكن الآن، بدأت الطفلة الصغيرة تتلاشى. فقد انخفض مستوى الهيموغلوبين في دمها إلى سبعة، وهي بحاجة إلى نقل دم. إنها بحاجة إلى طعام مناسب وأمان ولكن في غزة، لم تعد هذه الأشياء موجودة.
لا يوجد طعام أو مياه نظيفة. ولا توجد مستشفيات عاملة أو بنوك دم. لا يوجد أمان.
ومع ذلك، أعلنت إسرائيل هذا الأسبوع للعالم أنها "سمحت" بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة - كما لو كانت هذه بادرة رحمة تبرر المجزرة.
فقط خمس شاحنات سُمح لها بالدخول، بينما تقول الأمم المتحدة إن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 500 شاحنة كل يوم لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية.
شاهد ايضاً: كيف يمكن أن تدمر غطرسة نتنياهو المجنونة المنطقة
خمس شاحنات لمليوني شخص. هذه ليست مساعدات، بل إذلال. إنها ستار من الدخان. إنه غبار في عيون العالم، للسماح لإسرائيل بالاستمرار في القتل دون انقطاع، ودون مساءلة ودون عقاب.
'ليتني مت'
لا يتعلق الأمر بالدفاع عن المدنيين. بل يتعلق بكسرهم.
لقد تحدثت إلى والدتي مؤخرًا. إنها نازحة الآن، مثل كل الفلسطينيين في غزة تقريبًا. كان صوتها هادئًا. سألتها عن حالها، فقالت شيئًا ما زال يطاردني منذ ذلك الحين: "أتمنى لو أنني مت في البداية حتى لا أضطر إلى رؤية أي من هذا".
ماذا تقول لوالدتك عندما تقول ذلك وهي التي فقدت بيتها وأحفادها وبلدها وربما الآن ربما، فقدت رغبتها في الحياة؟
والآن، أخيرًا، أصدرت حكومات المملكة المتحدة وفرنسا وكندا بيانًا مشتركًا يطالب إسرائيل بتغيير مسارها.
وحذر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني: "إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري المتجدد وترفع القيود التي تفرضها على المساعدات الإنسانية، فسوف نتخذ المزيد من الإجراءات الملموسة ردًا على ذلك."
كما وصفوا الإجراءات الإسرائيلية بأنها "غير متناسبة على الإطلاق".
ولكنني أريد أن أقول هذا بوضوح ودون اعتذار: إنها ليست غير متناسبة فحسب. لقد تم وصفها بأنها إبادة جماعية. وقد فات الأوان بالفعل بالنسبة لعشرات الآلاف من الفلسطينيين.
لم تتوقف إسرائيل. ولم تستمع. ولم تكترث. إنها تواصل إلقاء القنابل ومنع الطعام. وتواصل القتل.
وإذا كانت المملكة المتحدة جادة، وإذا كانت كلمات ستارمر أكثر من مجرد ضجيج دبلوماسي، فعليها أن تتوقف عن تسليح إسرائيل. أنت لا تصف العنف بأنه غير متناسب ثم تبيع مرتكبه المزيد من الأسلحة. أنت لا تدين عملًا وحشيًا بينما تمول العمل الوحشي التالي.
حرب البقاء على قيد الحياة
جسد ابنة أخي ضعيف ودمها ضعيف بشكل خطير. تعتمد حياتها الآن على ما إذا كان العالم سيجد ضميره وما إذا كان سيجده بالسرعة الكافية.
إن تجويع غزة ليس حادثًا عرضيًا. إنها ليست أضرارًا جانبية. إنها سياسة. التجويع ليس منفصلاً عن القنابل؛ إنه استمرار للإبادة الجماعية.
إنها حرب على البقاء نفسه. والجزء الأكثر إيلامًا هو أن ذلك يحدث على مرأى ومسمع من العالم، بينما يراقب القادة الغربيون ويحسبون ويبررون ويؤجلون.
هذا ليس مجرد فشل للدبلوماسية. إنه فشل للإنسانية.
ماذا يفترض بنا أن نفعل مع هذا الحزن، هذا الغضب؟ أتصفح مقاطع فيديو لبلدتي التي تحولت إلى رماد. أستمع إلى أخي وهو يبكي على الهاتف. أرى صورة لابنة أخي، بشرتها شاحبة، وعيناها شاحبتان، وعيناها خافتتان، ضعيفة جدًا لدرجة أنها لا تستطيع الوقوف الآن. أسمع صوت أمي وهي تتمنى لو أنها لم تعش لتشهد هذا.
وأتساءل ماذا يعني أن تنجو من إبادة جماعية بينما يناقش العالم أي كلمة يجب استخدامها، وأي خط تم تجاوزه، وأي لحظة "بعيدة جدًا".
ابنة أخي في الخامسة من عمرها. وبينما أكتب هذا، هي جائعة وتتألم وربما تحتضر.
أريد أن أصرخ في العالم: كيف لا يزال هذا يحدث؟ كيف ما زلنا نناقش ما إذا كان أطفال غزة يستحقون الطعام؟ كيف ما زلنا نتظاهر بأن هذا الأمر معقد؟
وقالت: خمس شاحنات. مليونا شخص. طفلة أخرى ابنة أخي قد تنتهي حياتها لأننا قبلنا هذا الرعب على أنه أمر طبيعي.
لا يزال هناك وقت، ربما، للتصرف. ولكن ليس الكثير. آمل، بكل ذرة أمل متبقية لدي، أن تتحرك الحكومات بسرعة ليس فقط لحماية ابنة أخي، بل لإنقاذ مليوني شخص آخرين ما زالوا محاصرين في مقبرة غزة المفتوحة.
لأنهم إذا لم يفعلوا ذلك، فإن جميع البيانات والإدانات والقرارات ستأتي متأخرة جدًا لأشخاص لن يكونوا على قيد الحياة لسماعها.
أخبار ذات صلة

زعيم المعارضة الإسرائيلية يدين بلاده لـ'قتل الأطفال كهواية'

مكان إسرائيل في مسابقة يوروفيجن موضع تساؤل من قبل ثلاثة مذيعين وطنيين

ملحق الدفاع الإسرائيلي في بلجيكا يُحال إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب
