الأزهر يسحب بيان تجويع غزة تحت ضغط الرئاسة
ضغطت الرئاسة المصرية على الأزهر لسحب بيان يدين تجويع غزة، مما أثار انتقادات واسعة. البيان المحذوف وصف الوضع بأنه إبادة جماعية، وندد بالصمت الدولي. هل ستتأثر المفاوضات؟ تابعوا التفاصيل المهمة على وورلد برس عربي.

قالت مصادر إن الرئاسة المصرية ضغطت على أحمد الطيب، الإمام الأكبر شيخ الأزهر، المؤسسة الإسلامية الأولى في العالم، لسحب بيان يدين "تجويع إسرائيل لغزة" الذي ينطوي على "إبادة جماعية".
وقال الأزهر الذي يتخذ من القاهرة مقراً له يوم الأربعاء إنه حذف دعوة شديدة اللهجة بشأن تجويع الفلسطينيين في غزة، مشيراً إلى تأثيرها المحتمل على مفاوضات وقف إطلاق النار.
وفي بيان، قالت المؤسسة إنها "بادرت بسحب بيانها بكل شجاعة ومسؤولية أمام الله عندما أدركت أن هذا البيان يمكن أن يؤثر على المفاوضات الجارية بشأن الهدنة الإنسانية في غزة لإنقاذ أرواح الأبرياء".
وأضاف البيان أن "الأزهر الشريف غلَّب مصلحة حقن الدماء اليومية في غزة، آملاً أن تؤدي المفاوضات إلى الوقف الفوري لإراقة الدماء وتوفير أبسط مقومات الحياة التي حرم منها الشعب الفلسطيني المظلوم".
إلا أن مصدرين مقربين من الأزهر والرئاسة المصرية أكدا أن البيان قد تم حذفه بعد وقت قصير من نشره يوم الثلاثاء بناء على طلب من مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي. وتحدث المصدران شريطة عدم الكشف عن هويتهما لأنهما غير مخولين بالتحدث إلى الصحافة.
وكان السبب وراء سحب البيان هو أنه أشار إلى تواطؤ دول ثالثة فيما وصفه الأزهر الشريف بـ"الإبادة الجماعية الكاملة" في غزة.
وجاء في البيان المحذوف: "يؤكد الأزهر الشريف بقوة أن التجويع المتعمد والقاتل الذي يفرضه هذا الاحتلال البغيض على شعب غزة المسالم، ذلك الشعب الذي يبحث عن مجرد فتات خبز أو كوب ماء، بينما يستهدف في الوقت نفسه مراكز إيواء النازحين ومراكز توزيع المساعدات الإنسانية بالذخيرة الحية، يمثل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان".
وتابع: "كما أن كل من يزود هذا الكيان بالسلاح، أو يشجعه من خلال قرارات متواطئة أو كلمات منافقة، هو شريك في جريمة الإبادة الجماعية هذه".
"وسيحاسبهم الديّان العادل المنتقم الجبار يوم لا ينفع مال ولا بنون". كما جاء في البيان.
وأضاف البيان: "يعلن الأزهر الشريف أمام الله براءته المطلقة من الصمت العالمي المخزي والمريب، ومن تخاذل المجتمع الدولي المخزي عن الوقوف بجانب هذا الشعب الأعزل، ومن أي دعوة لتهجير أهل غزة من أرضهم".
وتعد مصر وسيطاً رئيسياً بين إسرائيل وحماس، وكثيراً ما حاولت الحكومة المصرية التخفيف من حدة الإحباط داخل البلاد بسبب دورها فيما يصفه المنتقدون بأنه إبقاء الحصار على غزة، نظراً لاشتراكها في معبر رفح مع القطاع.
ونادراً ما أصدر الأزهر الشريف بيانات حول إسرائيل، وكان متزناً بشكل خاص منذ أن شنت إسرائيل هجومها على القطاع.
وقد استنكر علي القرة داغي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، حذف البيان ووصفه بأنه غير مبرر.
وكتب على موقع "إكس": "لماذا يتم إسكات الأصوات، إن حذف بيان الأزهر الذي استصرخ الضمائر لإنقاذ غزة عمل غير مبرر... ومحاولة يائسة لقمع صوت الضمير الإنساني والديني في زمن الصمت والتواطؤ".
وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي أغلق فيه نشطاء في هولندا بوابات السفارة المصرية بالسلاسل احتجاجًا على إغلاق البلاد لحدودها مع غزة.
الناشط المصري أنس حبيب تم تصويره بنفسه وهو ذاهب إلى مبنى السفارة في لاهاي يوم الاثنين، منددًا بـ"نظام السيسي الخسيس الغادر".
وقد أدى الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ 2 مارس/آذار إلى منع دخول الإمدادات الإنسانية من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة لها إلى القطاع، مما جعل سكان القطاع البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة على حافة المجاعة.
وقد توفي 115 فلسطينياً على الأقل، من بينهم 80 طفلاً، بسبب الجوع منذ مارس/آذار، من بينهم 15 شخصاً توفوا بسبب سوء التغذية يوم الاثنين، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
ماذا قال البيان؟
فيما يلي النص الكامل لبيان الأزهر المحذوف:
"يرفع الأزهر الشريف صرخته الحزينة ونداءه العالمي الموجع مناشداً كل أصحاب الضمائر الحية من الأحرار والعقلاء والشرفاء في العالم الذين لا يزالون يشعرون بوخز الضمير المضطرب، ويؤمنون بقدسية المسؤولية الإنسانية وبحق المظلومين والمستضعفين في المساواة مع إخوانهم من بني البشر في حياة آمنة كريمة. والأزهر الشريف يحثهم على التحرك السريع والحاسم لإنقاذ أهل غزة من المجاعة القاتلة التي يسلطها عليهم الاحتلال بوحشية وقوة ولا مبالاة لم يسبق لها مثيل في التاريخ المسجل، ونخشى أن تظل هذه المجاعة في قادم الأيام.
وقال: "إن الأزهر الشريف يعلن أن الضمير الإنساني يقف اليوم في منعطف حرج، وهو يرى آلاف الأطفال والمدنيين الأبرياء يقتلون بدم بارد. أولئك الذين يفرون من الموت بالعنف يموتون من الجوع والعطش والجفاف ونفاد الإمدادات الطبية وانهيار المراكز الطبية التي لم تعد قادرة على إنقاذهم من الموت المحقق.
وأضاف: "ويؤكد الأزهر الشريف أن التجويع المتعمد والمميت الذي يفرضه هذا الاحتلال البغيض على شعب غزة المسالم، ذلك الشعب الذي يبحث عن مجرد فتات خبز أو كوب ماء، في الوقت الذي يستهدف فيه بالذخيرة الحية مراكز إيواء النازحين ومراكز توزيع المساعدات الإنسانية، يمثل جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان. كما أن كل من يزود هذا الكيان بالسلاح، أو يشجعه من خلال قرارات متواطئة أو كلمات منافقة، هو شريك في جريمة الإبادة الجماعية هذه. وسوف يحاسبهم الديّان العادل المنتقم الجبار يوم لا ينفع مال ولا بنون. فليتذكر جيداً أولئك الذين يؤيدون مثل هذه الأعمال الحكمة الخالدة: "لقد أُهْلِكنا يوم أُهْلِكَ الثور الأبيض".
"والأزهر الشريف، وهو يصارع حزنه وألمه، يوجه نداءً مخلصًا إلى كل الجهات المؤثرة والقوية أن تبذل كل ما في وسعها لوقف هذا الكيان الغاشم، وإجباره على وقف عمليات القتل الممنهج، وضمان دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية فورًا، وفتح كل السبل الممكنة لعلاج المرضى والجرحى الذين تفاقمت أوضاعهم بسبب استهداف الاحتلال للمستشفيات والمرافق الطبية بلا هوادة، في انتهاك صارخ لكل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية. كما قال.
وأضاف: "وفي هذا الصدد يعلن الأزهر الشريف أمام الله براءته المطلقة من الصمت العالمي المخزي والمريب، ومن تخاذل المجتمع الدولي المخزي عن الوقوف بجانب هذا الشعب الأعزل، ومن أي دعوة لتهجير أهل غزة من أرضهم. كما يتبرأ الأزهر الشريف من كل من يؤيد مثل هذه الدعوات أو يستجيب لها، محملا كل داعم لهذا العدوان المسؤولية الكاملة عن الدماء التي تسفك والأرواح التي تزهق والأمعاء التي تتلوى جوعاً في غزة الجريحة. "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ". قرآن" (https://ia600501.us.archive.org/16/items/OxfordQuranTranslation/Oxford-Quran-Translation.pdf).
وقال: "والأزهر الشريف يدعو كل مسلم إلى المداومة على الدعاء لنصر المظلومين، مستدلاً بالصلاة النبوية التي استعاذ بها نبينا الكريم:
"اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ".
أخبار ذات صلة

خطة ترامب لغزة: الوهم الصهيوني القديم الذي دام قرنًا حول "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين

سوريا ستقيم علاقات استراتيجية مع تركيا، حسبما أفاد زعيم هيئة تحرير الشام

الضفة الغربية: الجيش الإسرائيلي يقتحم مستشفى تركي بعنف ويعتقل الأطباء
