هروب الجنرال حداد يكشف صراعات الجزائر الداخلية
فرّ اللواء عبد القادر حداد، أحد أبرز الشخصيات العسكرية الجزائرية، إلى إسبانيا بعد تهم فساد وسجن. هروبه يكشف عن انقسامات داخل النظام الأمني ويزيد من التوترات السياسية. ماذا يعني هذا لمستقبل الجزائر؟

ذكرت صحيفة إل كونفيدنسيال الإسبانية أن اللواء عبد القادر حداد، أحد أقوى الشخصيات العسكرية الجزائرية الذي سقط من المشهد السياسي في الآونة الأخيرة، فرّ من البلاد على متن زورق سريع متوجهاً إلى إسبانيا خوفاً على حياته.
ترأس حداد، المعروف بلقبه ناصر الجن ("الشيطان")، المديرية العامة للأمن الداخلي، جهاز الاستخبارات الأكثر نفوذاً في الجزائر، لمدة عام تقريباً.
وقد أقيل من منصبه في مايو/أيار لأسباب غير محددة، وبعد ذلك تم سجنه في السجون العسكرية ثم وُضع تحت الإقامة الجبرية في أحد أحياء الجزائر العاصمة الراقية. وكان من المقرر محاكمته قريبًا.
لا تزال التهم الموجهة إلى المساعد السابق المقرب من الرئيس عبد المجيد تبون، الذي دعم حداد إعادة انتخابه في سبتمبر 2024، غير معروفة.
ويفترض مراقبون أن سقوطه من السلطة يرجع إلى التحقيقات التي بدأها في شبهات الفساد والتربح التي تورطت فيها عائلات رفيعة المستوى لها علاقات بالطبقة الحاكمة.
ووفقاً للصحفي في صحيفة إل كونفيدينسيال إجناسيو سيمبريرو، تمكن حداد من الإفلات من الشرطة العسكرية الجزائرية والفرار في الساعات الأولى من يوم 19 سبتمبر.
شاهد ايضاً: أفادت مصادر: ليبيا وإدارة ترامب تناقشا بشأن مشاركة مليارات الدولارات من الأموال المجمدة.
وقالت مصادر من الجالية الجزائرية في المهجر والشرطة الإسبانية لسيمبريرو إن حداد عبر البحر الأبيض المتوسط على متن قارب ووصل إلى أليكانتي.
وعند وصوله إلى المدينة الواقعة في جنوب إسبانيا، حيث يمتلك عقاراً، أخبر حداد المصادر أنه هرب لأنه كان يعلم أنه سيُقتل قبل المثول أمام قاضٍ وأن وفاته ستُقدم على أنها انتحار.
وقبل وقت قصير من كشف صحيفة "إل كونفيدينسيال"، ذكرت صحيفة "لوموند" في تقرير لها أن اختفاء حداد أدى إلى انتشار أمني مكثف في الجزائر العاصمة وضواحيها يومي 18 و 19 سبتمبر/أيلول، حيث قامت الشرطة والجيش بإغلاق الطرق، وعمليات تفتيش المركبات التي تسببت في اختناقات مرورية هائلة، وحلقت طائرات الهليكوبتر فوق المنطقة.
وبينما التزمت السلطات ووسائل الإعلام الجزائرية الصمت بشأن هروب حداد، بدأت الشائعات تنتشر حول مكان وجوده، حيث تناقلت بعض الشخصيات الجزائرية المؤثرة المقيمة في الخارج تقارير تفيد بأنه سلم نفسه للسلطات.
صراعات العشيرة
وبحسب صحيفة لوموند، فإن فرار حداد أحدث صدمة في صفوف كبار الضباط، إذ لا يمكن أن يحدث ذلك إلا بسبب تواطؤ داخل الجهاز الأمني.
وتكشف الحادثة، حسب الصحيفة الفرنسية، عن الانقسامات وعدم الاستقرار المتكرر داخل النظام السياسي والأمني الجزائري، ويقال إنها أججت التوترات بين الرئيس ورئيس أركان الجيش، سعيد شنقريحة، وسط شكوك حول التخطيط لانقلاب عسكري.
وقد تعاقب على الجزائر خمسة رؤساء للمديرية العامة للأمن الداخلي وسبعة رؤساء لجهاز المخابرات الخارجية منذ وصول تبون إلى السلطة في عام 2019.
منذ الحراك، حركة الاحتجاج الجماهيرية التي أدت إلى الإطاحة بالحاكم الذي حكم البلاد لفترة طويلة عبد العزيز بوتفليقة في عام 2019، أصبحت عمليات التطهير دورية في البلاد. تحصي صحيفة لوموند حوالي 200 من كبار الضباط، من بينهم 30 جنرالاً، خلف القضبان.
ووفقًا للمحللين، بدأت الآليات داخل النظام الأمني الجزائري التي كانت تعمل في السابق على إخفاء التوترات الداخلية في الانهيار في عام 2015 عندما قرر بوتفليقة وقائد جيشه أحمد قايد صالح حل دائرة الاستعلام والأمن، التي كانت تنسق بين أجهزة الاستخبارات الداخلية والخارجية والعسكرية، تحت قيادة محمد "توفيق" مدين.
وقد أدى ذلك إلى زعزعة النظام الذي كان يتشكل حول الجهات الثلاث الفاعلة الرئيسية في السلطة الجزائرية الجيش والرئاسة ودائرة الاستعلام والأمن في وقت كان بوتفليقة يشجع فيه صعود القلة الحاكمة (الأوليغارشية)، وبالتالي إدخال قطب رابع من أقطاب النفوذ حيث كانت ممارسات الاستغلال منتشرة.
بالنسبة لجمبريرو، الذي يشير إلى أن حداد نفسه متهم بارتكاب فظائع خلال الحرب الأهلية في التسعينيات، فإن الهروب يسلط الضوء على "الصراعات العشائرية" التي استمرت داخل الجيش الجزائري منذ ما يقرب من عقد من الزمان.
وكتب قائلاً: "يمكن أن يجد الجنرالات الذين يبدو أنهم الأقوى أنفسهم خلف القضبان بين عشية وضحاها".
أخبار ذات صلة

السياج الجنوبي للجزائر يسحب سفراءه بعد إسقاط طائرة مسيرة مالية

حرب السودان الأهلية: الأطفال الذين يعيشون بين الجوع والموت في دارفور

الرئيس الزيمبابوي إيمرسون منانجاجوا يعلن حالة الكوارث الوطنية بسبب الجفاف
