إيران وإسرائيل تتبادلان الانتصارات بعد الضربات

إن التقييم الأولي للضربات الذي أجرته وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية أشار إلى أن المكونات الرئيسية للبرنامج النووي الإيراني سليمة ومن المحتمل أن تكون قد تراجعت لأشهر فقط.

وهذا يتعارض مع ما قاله ترامب بأن الضربات الجوية الأمريكية "قضت بشكل كامل وكلي" على البرنامج النووي الإيراني. وقد وصف البيت الأبيض قصفه لمجمعات التخصيب في فوردو وأصفهان ونطنز الإيرانية بأنه إنجاز عسكري كبير فاجأ إيران.

كما قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، يوم الثلاثاء، إن الضربات الإسرائيلية قد أعاقت برنامج إيران النووي "لسنوات". لكنه أشار، مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى أن الصراع مع إيران يمكن أن يستمر و"يدخل مرحلة جديدة".

وتشير التقارير الاستخباراتية المسربة إلى أن الأضرار التي لحقت بإيران كانت أقل بكثير.

وقال أحد المصادر المطلعة على تقييم جناح الاستخبارات التابع لوزارة الدفاع إن أجهزة الطرد المركزي الإيرانية "سليمة إلى حد كبير".

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن مفتشيها فقدوا بعد خمسة أيام فقط من الحرب أثر 409 كيلوغرامات من اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب. وتكفي هذه الكمية، التي يمكن نقلها بسهولة في حاوية على متن شاحنة، لصنع 10 رؤوس نووية إذا ما أرادت إيران أن تسعى إلى تسليحها.

وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت في بيان لها: "هذا التقييم المزعوم خاطئ تماماً وتم تصنيفه على أنه "سري للغاية" ومع ذلك تم تسريبه من قبل شخص مجهول الهوية ومنخفض المستوى في مجتمع الاستخبارات".

وقال مسؤول عربي مطلع على الأمر إن إيران تلقت تحذيراً مسبقاً من الضربات الأمريكية. وكانت أمواج ميديا قد ذكرت في وقت سابق أنه تم إخطار طهران قبل الهجوم الأمريكي.

قبل الهجوم الإسرائيلي، كانت إيران والولايات المتحدة الأمريكية تجريان محادثات للحد من البرنامج النووي للجمهورية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات. وقال الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان يوم الثلاثاء إن بلاده مستعدة للعودة إلى المفاوضات حول برنامجها النووي، وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية.

وأجرى بيزشكيان اتصالات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإماراتي محمد بن زايد.

وقال بيزشكيان لنظيره الإماراتي "اشرح لهم في تعاملاتكم مع الولايات المتحدة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى فقط لتأكيد حقوقها المشروعة"، في إشارة إلى برنامجها النووي.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عنه قوله "إنها لم تسع أبدا لامتلاك أسلحة نووية ولا تسعى إليها"، مضيفا أن إيران "مستعدة لحل القضايا... على طاولة المفاوضات".

لكن الضربات الأميركية الإسرائيلية قد تجعل استئناف المحادثات أكثر صعوبة.

ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي قوله يوم الثلاثاء إنه يجب تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

'النصر'

أعلنت كل من إيران وإسرائيل يوم الثلاثاء "النصر" بعد أن أنهى وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة 12 يومًا من الصراع غير المسبوق بين العدوين والذي بلغ ذروته بقصف الولايات المتحدة للمنشآت النووية الإيرانية.

وقال نتنياهو في خطاب متلفز يوم الثلاثاء: "لقد حققنا انتصارًا تاريخيًا"، كما حذر من أن إسرائيل قد تضرب إيران مرة أخرى حسب تقديرها.

وأضاف: "لن تمتلك إيران سلاحًا نوويًا... لقد أحبطنا المشروع النووي الإيراني. وإذا حاول أي شخص في إيران إعادة بنائه، فسنتصرف بنفس التصميم، وبنفس الشدة لإحباط أي محاولة".

لكن الجمهورية الإيرانية، وهي أول دولة في الشرق الأوسط تواجه إسرائيل منذ حرب 1973، ادعت أيضًا أنها انتصرت.

وقال بيزشكيان إن إيران حققت "انتصارًا كبيرًا"، وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية.

حققت إسرائيل تفوقًا جويًا على إيران، حيث دمرت أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها. وقتلت العشرات من كبار القادة الإيرانيين، ودمرت البنية التحتية للطاقة ومواقع الإنتاج العسكري.

لكن الجمهورية الإيرانية وضعت معيارها على حقيقة أنها لم تنجو من حرب مع إسرائيل فحسب، بل تمكنت أيضًا من ضرب المدن والأهداف العسكرية الإسرائيلية الرئيسية كما تشاء تقريبًا. ستخرج إيران بشعور بأن أسلحتها المنتجة محليًا كانت قادرة على مجاراة التكنولوجيا الغربية المتطورة، مما أحدث ثغرات في التفوق المفترض على نطاق واسع لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية.

يشير موقف النصر لإسرائيل وإيران إلى أن وقف إطلاق النار الهش الذي أعلنه ترامب ليلة الاثنين صامد.

ولكن على الرغم من صمود وقف إطلاق النار في الغالب، إلا أن الرئيس الأمريكي انفجر غاضباً في وقت سابق من يوم الثلاثاء، قائلاً إن إيران وإسرائيل "يتقاتلان منذ فترة طويلة وبقوة لدرجة أنهما لا يعرفان ما الذي يفعلانه".

وعلى الرغم من أن غضبه كان موجهًا إلى كلا البلدين، إلا أن إسرائيل تحملت العبء الأكبر من غضب ترامب بسبب ما قال إنه عمل عسكري يهدد وقف إطلاق النار.

واتهم ترامب إسرائيل بقصف إيران بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار ثم الاستعداد لشن ضربات مكثفة ردًا على صاروخ إيراني قال إنه ربما أطلق "عن طريق الخطأ".