انسحاب ويتكوف يثير تساؤلات حول خطة ترامب للسلام

من المتوقع أن يتنحى المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف عن إدارة ترامب لإعادة التركيز على عمله بعد أن كان مفاوضًا رئيسيًا في التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وفقًا لما ذكره مصدران مطلعان.

وقال المصدران، اللذان طلبا عدم الكشف عن هويتهما للكشف عن المناقشات الخاصة، إن ويتكوف يعتزم مغادرة الإدارة لإعادة التركيز على أعماله بعد جدول أعمال "مرهق" من الدبلوماسية المكوكية في الشرق الأوسط.

وقد يفتح انسحاب ويتكوف الباب أمام تساؤلات حول مدى انخراط الولايات المتحدة في المراحل اللاحقة من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة المكونة من 20 نقطة والتي تتضمن دعوات غامضة لكل شيء بدءاً من نزع سلاح حماس إلى إعادة إعمار غزة وتعيين حكومة تكنوقراط فلسطينية.

ويقول ترامب إنه سيرأس ما يسمى "مجلس السلام" للإشراف على غزة. لكن دبلوماسيين أمريكيين وعرب تساءلوا عن مدى نشاط ترامب، خاصة فيما يتعلق بإلزام إسرائيل بشروط وقف إطلاق النار بعد قمة السلام التي عقدها في منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر.

وخلال لقاء قصير جمع ترامب بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش القمة، أشار ويتكوف إلى أنه سيشارك في المراحل المقبلة، لا سيما إعادة إعمار غزة.

وقال ويتكوف في إشارة إلى صهر الرئيس ومستشاره جاريد كوشنر: "في اللحظة التي وقعنا فيها الصفقة، كنت أنا وجاريد نعمل بالفعل على الجانب التنفيذي للصفقة".

وأضاف: "لذلك نحن منغمسون في العمل. سنكون هنا قليلًا. هذا بتوجيه من الرئيس. ستكون هذه على الأرجح إحدى أهم المراحل هنا. جاريد رائع للعمل معه."

وألقى ويتكوف وكوشنر خطابًا في ساحة الرهائن في تل أبيب مساء السبت بعد أنباء اتفاق وقف إطلاق النار. وألقى ويتكوف، الذي دأب على الإشادة بترامب كأعظم رئيس في التاريخ، خطابًا حماسيًا.

"هذا هو أقوى مشهد... تجمعوا في تل أبيب من أجل السلام والوحدة والأمل... أتمنى فقط لو كان الرئيس ترامب هنا. كان سيحب هذا"، قال ويتكوف لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين تجمعوا للاحتفال بالاتفاق.

وعندما طُلب من البيت الأبيض التعليق على انسحاب ويتكوف من منصبه كمبعوث، نشر البيت الأبيض رسالة تشير إلى الإغلاق الحكومي: "بسبب النقص في عدد الموظفين الناتج عن الإغلاق الحكومي، قد تواجه المراقبة المعتادة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لهذا البريد الصحفي تأخيرات"

اجتماع ويتكوف-حماس

تم تعيين ويتكوف مبعوثًا من قبل ترامب، على الرغم من أنه كان يعمل رسميًا كموظف في وزارة الخارجية خلال النصف الأول من هذا العام.

ويقول البيت الأبيض إن ويتكوف لا يتقاضى راتباً. ومن بين دبلوماسيي وزارة الخارجية، من المعروف أنه يستخدم طائرته الخاصة للسفر. ولم تغب هذه الحقيقة عن الدبلوماسيين المهنيين الذين شاهدوه هو وكوشنر يتنقلان بسهولة بين إسرائيل ومصر خلال الإغلاق الحكومي الذي أوقف بعض المسؤولين المهنيين.

إن وقف إطلاق النار في غزة هو النقطة الأبرز، حتى الآن، في غزوة ويتكوف القصيرة في الدبلوماسية.

عمل ويتكوف في شركة محاماة عندما التقى بترامب في الثمانينيات. وقد ألهمه ذلك اللقاء العمل في مجال التطوير العقاري. لقد كانت رحلة ناجحة لويتكوف الذي قدّرت مجلة فوربس صافي ثروته بملياري دولار. وقد كلّف ترامب صديقه الملياردير الذي يلعب الغولف بأن يكون حلال مشاكله العالمية لإنهاء الحروب في غزة وأوكرانيا.

وعلى الرغم من أن ويتكوف لم تكن لديه أي خبرة دبلوماسية مهنية، إلا أنه حظي باستقبال جيد في المنطقة، حيث كان يُنظر إليه كمبعوث جدي، مفوض من الرئيس.

وقد أخبر مسؤولون عرب من الدول المشاركة في وقف إطلاق النار في غزة مرارًا وتكرارًا أنهم يفضلون التعامل مع ويتكوف على المطلعين المهنيين الذين استخدمتهم إدارة بايدن في المحادثات.

يتمتع ويتكوف بعلاقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والداعمين الأمريكيين اليهود لإسرائيل.

عندما ألقى ترامب خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي يوم الاثنين، تم تصوير ويتكوف جالسًا أمام ميريام أديلسون، المليارديرة المثيرة للجدل وريثة الكازينوهات التي دافعت عن القضايا الصهيونية، بما في ذلك اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. والقدس الشرقية محتلة وفقًا للقانون الدولي ومن المتصور أن تكون عاصمة مستقبلية للدولة الفلسطينية.

ولكن نادرًا ما تبنى ويتكوف وجهة نظر أيديولوجية خلال المفاوضات. فقد مكنته خلفيته التجارية وعلاقاته بترامب وثروته من العمل بعيدًا عن قيود الدبلوماسيين الأمريكيين العاديين.

في الأسبوع الماضي، عقد ويتكوف وكوشنر اجتماعاً مباشراً غير مسبوق مع مسؤولين كبار في حماس، بمن فيهم خليل الحية، في مصر. وقالت مصادر إن ويتكوف قدم تعازيه للحية على استشهاد ابنه في الهجوم الإسرائيلي على الدوحة الشهر الماضي. وتحدث ويتكوف عن ابنه الراحل، قائلاً إنه يتفهم ألم فقدان أحد أبنائه.

وكان ابن المبعوث الأمريكي، أندرو، قد توفي عن عمر يناهز 22 عامًا بسبب جرعة زائدة من عقار أوكسيكونتين.

وقال ويتكوف: "منذ ذلك الحين، كرست نفسي لإنهاء معاناة الآخرين"، مضيفًا أن ذلك كان دافعًا له لضمان إنهاء الحرب.

تضارب المصالح؟

كلف ترامب أيضًا ويتكوف بالتوسط لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. ومع ذلك، فقد توقفت تلك المحادثات. ومن المتوقع أن يلتقي ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض يوم الجمعة.

ومثله مثل ترامب، خضع ويتكوف أيضًا للتدقيق بسبب علاقات عائلته التجارية في الخليج، والتي أثارت تساؤلات حول تضارب المصالح أثناء رحلاته المكوكية في الشرق الأوسط.

كما أن نجل ويتكوف، زاك، صديق لنجلي ترامب، دونالد الابن وإريك. وهما مؤسسا شركة World Liberty Financial، وهي شركة ناشئة للعملات الرقمية تلقت ودائع بقيمة ملياري دولار من شركة مرتبطة بالشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، وزير الأمن الوطني الإماراتي والقيصر غير الرسمي للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الشهر الماضي أن أليكس الابن الآخر لويتكوف، ضغط على قطر لبدء صندوق يركز على المشاريع العقارية التجارية في الولايات المتحدة.

وزعم تقرير نيويورك تايمز أيضًا أن ويتكوف تم اختياره كأمريكي يهودي بارز من قبل جماعات الضغط لصالح قطر بسبب علاقاته مع ترامب التي تعود إلى عام 2017.

في عام 2023، باع ويتكوف فندق بارك لين الفاخر في مانهاتن إلى هيئة الاستثمار القطرية، صندوق الثروة السيادية في البلاد، مقابل 623 مليون دولار. ومن خلال هذه الصفقات التجارية، أقام علاقات وثيقة مع العائلتين الحاكمتين في قطر والإمارات العربية المتحدة.

هدد ويتكوف صحيفة نيويورك تايمز بدعوى تشهير بسبب التقرير.