احتجاجات عارمة بعد اعتقال إمام أوغلو في إسطنبول
تتواصل الاحتجاجات في تركيا بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، حيث يعتبر أنصاره أن ذلك خطوة سياسية تهدف لإسكات صوت المعارضة. الطلاب يتظاهرون ضد إلغاء شهادته الجامعية، مما يهدد ديمقراطية البلاد.

اعتقال إمام أوغلو يدفع الآلاف لتحدي حظر الاحتجاجات في تركيا
تواصلت المظاهرات الاحتجاجية على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو لليوم الثاني على التوالي يوم الخميس مع تصاعد الغضب بسبب سجن أحد أبرز منافسي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ولا يزال إمام أوغلو رهن الاحتجاز بعد أن ألقي القبض عليه في الساعات الأولى من يوم الأربعاء، إلى جانب نحو 100 آخرين، بسبب مزاعم بالابتزاز وغسيل الأموال ومخالفات تتعلق بالمناقصات والمشتريات، وهي كلها مزاعم نفاها.
يرى أنصار رئيس البلدية أن اعتقاله خطوة ذات دوافع سياسية لسجن أحد أكثر السياسيين شعبية في البلاد قبل الانتخابات التمهيدية لحزب الشعب الجمهوري في نهاية هذا الأسبوع، والتي قد تشهد تأكيد فوزه كمرشح رئاسي لحزب المعارضة الرئيسي
ووسط احتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد، تظاهر طلاب من جامعة إسطنبول التي تخرج منها إمام أوغلو يوم الخميس ضد اعتقال رئيس البلدية وإلغاء شهادته الجامعية، وهي خطوة اعتبرت على نطاق واسع وسيلة لإسقاط أهليته للترشح للرئاسة، والتي تتطلب دستورياً الحصول على شهادة جامعية.
وهتف المتظاهرون بشعارات مثل "سننتصر بالمقاومة!" و"الحكومة تستقيل!"
ووعد بيان صادر عن الطلاب في الجامعة يوم الخميس، بعد تجمعهم عند البوابة الرئيسية للجامعة، بمواصلة النضال "في الشوارع والكليات والجامعات" ضد إجراءات الحكومة.
وجاء في البيان: "كطلاب في جامعة إسطنبول، نعلن مرة أخرى أننا نجد قرار مجلس إدارة جامعتنا بإلغاء شهادة رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، الذي أعلن ترشحه لرئاسة الجامعة، غير مقبول".
"من الواضح أن هذا القرار لا يتعلق بشخص واحد فقط، بل هو خطوة تستهدف الديمقراطية بشكل مباشر وتشكل تدخلاً في الانتخابات".
مخاوف على الديمقراطية
انتُخب إمام أوغلو لأول مرة رئيساً لبلدية إسطنبول في أبريل 2019، لكن المجلس الأعلى للانتخابات ألغى هذا التصويت بعد شكاوى من حزب العدالة والتنمية الحاكم بسبب مخالفات مزعومة. وأعيدت الانتخابات وأعيد انتخاب إمام أوغلو بحصة أكبر من الأصوات.
وقد واجه عدداً من المشاكل القانونية منذ ذلك الحين. في عام 2022، اتُهم إمام أوغلو بإهانة موظف عام بزعم وصفه المجلس الانتخابي ب "الأحمق" في عام 2019 بسبب قراره بإلغاء انتخابات البلدية في أبريل/نيسان من ذلك العام.
ونفى إمام أوغلو أنه كان يشير إلى المجلس في تعليقاته، وكان يتحدث بدلاً من ذلك عن الحكومة. ولكن حُكم عليه بالسجن لأكثر من عامين ومنعه من تولي منصب سياسي.
وبعد استئنافه للحكم - الذي لا يزال مستمراً - نجا من السجن ولم يدخل الحظر حيز التنفيذ بعد.
وأثارت أنباء اعتقاله يوم الأربعاء تدفقا هائلا في الشوارع، على الرغم من حظر التظاهر والنشاط السياسي الآخر الذي صدر في نفس وقت اعتقال إمام أوغلو لمدة أربعة أيام.
وفي حديثها إلى المتظاهرين في إسطنبول يوم الأربعاء، قالت ديليك زوجة إمام أوغلو إن اعتقال زوجها كان هجومًا على الديمقراطية في تركيا.
وقالت أمام الحشد: "اليوم، ليس أكرم إمام أوغلو وحده من تم اعتقاله، بل إرادة 16 مليون شخص في إسطنبول".
"إنه الأمل في جمهورية تركية أكثر عدالة وديمقراطية هو الذي تم اعتقاله."
على الرغم من فوز أردوغان وحزب العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية والعامة لعام 2023، إلا أن آلتهم الانتخابية التي كانت تبدو في يوم من الأيام لا يمكن إيقافها تعرضت لضغوط متزايدة في السنوات الأخيرة، حيث أدى مزيج من الأزمة الاقتصادية والمخاوف من تزايد الاستبداد إلى استنزاف دعمهم.
ويمكن القول إن حزب العدالة والتنمية وحلفاءه عانوا من أسوأ نتائج انتخابية على المستوى المحلي في عام 2024، حيث اكتسح حزب الشعب الجمهوري العديد من مناطق البلاد، بما في ذلك فوز آخر لإمام أوغلو في إسطنبول.
وقد أظهرت استطلاعات الرأي أنه في حالة اختيار إمام أوغلو من قبل حزب الشعب الجمهوري كمرشحهم الرئاسي المقبل، فإن لديه فرصة حقيقية للتغلب على أردوغان، الذي كان الشخصية الرائدة في السياسة التركية منذ عام 2003، أولاً كرئيس للوزراء ثم كرئيس للبلاد منذ عام 2014.
"قلق عميق"
في أعقاب اعتقال إمام أوغلو، تعرضت الليرة التركية لضربة قوية أدت إلى انخفاض سعر صرف الليرة التركية إلى حوالي 38 مقابل الدولار يوم الخميس.
وقال البنك المركزي إنه سيسحب من احتياطياته من النقد الأجنبي إذا لزم الأمر لمنع إلحاق المزيد من الضرر بالليرة.
وأدان عدد من القادة الأجانب اعتقال إمام أوغلو.
وأصدر مجلس أوروبا، الذي تنتمي تركيا إلى عضويته، بيانًا قال فيه إن الاعتقال كان ضد إرادة الشعب، ووصف إمام أوغلو بأنه "المنافس السياسي الرئيسي لأردوغان".
كما أعربت فرنسا عن "قلقها العميق" إزاء هذا التطور، بينما قالت ألمانيا إنها ستناقش الأمر مع المسؤولين الأتراك.
وعلى الصعيد المحلي، أدان سياسيون من مختلف الأطياف السياسية اعتقال إمام أوغلو، بما في ذلك حلفاء سابقون لأردوغان.
ووصف أحمد داوود أوغلو، الذي شغل منصب وزير الخارجية ورئيس الوزراء في عهد أردوغان، الاعتقال بأنه "أكبر وصمة عار وفضيحة"، وقال إن أعلى منصب في البلاد يجري خوضه بسبب "حروب الشهادات".
وبالمثل، حذّر فاتح أربكان، زعيم حزب الرفاه الإسلامي الجديد - الذي كان جزءًا من تحالف انتخابي مع أردوغان في عام 2023 - حذر من أن "تقويض العدالة وتوجيه ضربة للبحث عن الثقة والاستقرار الذي يحتاجه الاقتصاد ليس في صالح أحد".
كما قارن أربكان بين اعتقال إمام أوغلو واعتقال أردوغان نفسه في عام 1999 عندما كان رئيسًا لبلدية إسطنبول بسبب قراءته قصيدة إسلامية، وهي حادثة وقعت قبل أقل من أربع سنوات من توليه رئاسة الوزراء.
وقال أربكان: "ليس من الصواب، وليس موقفًا مبررًا، أن تجعل الآخرين يختبرون ما اختبرته أنت في الماضي من انعدام القانون، بل إن الأمر قد بلغ درجة أعلى من ذلك".
أخبار ذات صلة

احتجاجات في تركيا: اعتقال الصحفيين وحظر وسائل التواصل الاجتماعي للمعارضة بعد سجن إمام أوغلو
