الرأي العام البريطاني يطالب بالعدالة لفلسطين
تظهر استطلاعات الرأي أن 82% من البريطانيين يرون أن أفعال إسرائيل في غزة تشكل إبادة جماعية، مع تزايد الدعم لإجراءات قانونية. هل ستتخذ المملكة المتحدة موقفًا حازمًا تجاه العدالة أم ستظل صامتة أمام الفظائع؟

منذ أكثر من 20 شهراً، ونحن نشاهد الدمار الذي حلَّ بغزة: أحياءٌ بأكملها دُمِّرَت عن بكرة أبيها، وعائلاتٌ دُفِنَت تحت الأنقاض، ونظامُ الرعاية الصحية الذي طُمِسَ.
حتى أبسط الحقوق الأساسية في السلامة والمياه النظيفة والغذاء يتم حرمانُ الفلسطينيين منها بشكلٍ منهجي.
على الرغم من الأدلة المتزايدة والموثوقة على أن أفعال إسرائيل في غزة تفي بتعريف الإبادة الجماعية بموجب القانون الدولي، إلا أن العديد من القادة الغربيين راوغوا أو ماطلوا أو أنكروا صراحةً حجم الفظائع.
لكن الرأي العام البريطاني لم ينخدع.
شاهد ايضاً: فرانشيسكا ألبانيز: ديفيد كاميرون قد يكون مسؤولاً جنائياً عن تهديده لمحكمة الجنايات الدولية
يُظهر استطلاعٌ جديد للرأي أجرته مؤسسة العمل من أجل الإنسانية، بالشراكة مع المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين وأجرته مؤسسة "يوغوف"، أن الجمهور متقدمٌ على المؤسسة السياسية.
فأغلبية المستطلعين 55 بالمئة، يعارضون الآن الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة. ومن بين هؤلاء، ترى نسبة مذهلة تبلغ 82% أن أفعال إسرائيل تُشكل إبادة جماعية.
وهذا يعني أن ما يقرب من نصف البالغين في المملكة المتحدة 45 بالمئة، يرون أن أفعال إسرائيل في غزة تشكل إبادةً جماعية.
وهذا ليس رأياً هامشياً. إنه يعكس الواقع على الأرض، واقعاً أصبح من الصعب إنكاره على نحو متزايد رغم الجهود الحثيثة لنشر الشكوك.
فمن استهداف المدنيين والصحفيين والعاملين في المجال الإنساني إلى تدمير البنية التحتية الضرورية للحياة، تزايدت الأدلة بشكل مطرد. وكذلك الأمر بالنسبة للوعي العام.
صمت وسائل الإعلام
في حين أن العديد من وسائل الإعلام الرئيسية قللت من حجم الفظائع التي ترتكب في غزة أو حجبتها، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي قدمت رؤيةً واضحةً لما يحدث. لا يمكن للناس أن يتجاهلوا ما رأوه.
وحتى تأمين التغطية في وسائل الإعلام الرئيسية لهذه النتائج الصادمة لاستطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة مرموقة مثل يوغوف ثبتت صعوبة الحصول على تغطية في وسائل الإعلام الرئيسية.
عند الفحص الدقيق للبيانات، تصبح الصورة أكثر وضوحًا. يعتقد ما يقرب من ثلثي البريطانيين 65 بالمئة، أنه يجب على المملكة المتحدة تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا ما قام بزيارة البلاد. وترتفع النسبة بين ناخبي حزب العمال إلى 78 بالمئة.
لا يمكن أن تكون الرسالة أوضح من ذلك: الشعب البريطاني يؤمن بالقانون الدولي. يؤمن بالمساءلة. ويريد اتخاذ إجراءات.
وفي حين اتخذت المحكمة الجنائية الدولية الخطوات الأولى نحو تحقيق العدالة، وفعلت ما رفضت العديد من الحكومات الغربية القيام به، فشلت حكومة المملكة المتحدة حتى الآن في مضاهاة هذا التقدم القانوني بالإرادة السياسية.
كما تظهر استطلاعات الرأي، يطالب الناخبون لا سيما أولئك الذين ساعدوا في تحقيق حزب العمال فوزًا ساحقًا قبل أسابيع فقط بتغيير حقيقي في النهج.
لا يتعلق الأمر فقط بتحقيق العدالة لغزة. إنه يتعلق بنوع البلد الذي تريد بريطانيا أن تكون عليه. هل ستتمسك بالتزاماتها تجاه القانون الدولي، أم ستتراجع خلف درع الملاءمة الدبلوماسية؟
تحول في مسار الأمور
تظهر استطلاعات الرأي أيضًا دعماً شعبياً قوياً للحلول السياسية المجدية.
ففي أوساط ناخبي حزب العمال، يؤيد 43 بالمئة منهم الاعتراف الفوري بفلسطين كدولة مستقلة مع معارضة 2 بالمئة فقط.
يؤيد أكثر من النصف 56% بالمئة، إنشاء برنامج تأشيرات إنسانية للفلسطينيين من غزة، وهو مبادرة "منازل لغزة" على غرار المبادرة المُقدمة للاجئين الأوكرانيين.
لقد مضى وقت التصريحات الرنانة والمراوغة الدبلوماسية منذ فترة طويلة.
عندما تصل الفظائع إلى عتبة الإبادة الجماعية، فإن الصمت هو تواطؤ والجمهور يفهم ذلك. تُظهر استطلاعات الرأي أن موقف حزب العمال من غزة لا يتماشى مع مؤيديه.
إن ثمن التقاعس ليس فقط أخلاقيًا بل سياسيًا. فالقادة الذين يستمرون في تجاهل إرادة الشعب في غزة يخاطرون بالتخلي عن مسؤوليتهم الأخلاقية وينفرون ناخبيهم.
قد يبدو هذا منظورًا ساخرًا يمكن من خلاله النظر إلى هذه المعاناة، إلا أنه من الصعب ألا نشعر بالسخرية عندما نواجه التقاعس المستمر لقادة العالم في مواجهة الوحشية المتعمدة والمنهجية.
هذه ليست مجرد ظاهرة بريطانية. ففي كندا، تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن ما يقرب من نصف الجمهور يعتقد أن أفعال إسرائيل في غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
يمكن القول إن الوضع آخذ في التغير في جميع أنحاء الغرب والعالم.
وقد رأينا التكلفة البشرية للإفلات من العقاب على مستوى العالم. ولكننا شهدنا أيضًا قوة التضامن في تحقيق العدالة، وتحول الرأي العام إلى سياسة.
إن إخفاق الحكومات الغربية في الاعتراف بحجم الجرائم التي تُرتكب في غزة لا يضعها في الجانب الخطأ من التاريخ فحسب، بل في الجانب الخطأ من الحاضر أيضًا.
أخبار ذات صلة

نواب بريطانيون يواجهون مستوطنين إسرائيليين خلال زيارتهم للأراضي الفلسطينية

إضرابات جدد لأطباء النوبة في شمال أيرلندا

شرطي القروض في نيوبورت، البالغ من العمر 83 عامًا، مُطالب بسداد مبلغ 173,000 جنيه إسترليني
