تحديات أبناء الأبطال في عالم الجولف

لعبة الجولف صعبة بما فيه الكفاية دون وجود أب مشهور وضع معياراً يصعب مجاراته حتى من قبل الأفضل. ومن المؤكد أن تايجر وودز سيشهد ذلك على مدى السنوات العديدة القادمة.

وقد شهد جاك نيكلوس ذلك بالفعل.

قبل ساعاتٍ قليلة من انطلاق سكوتي شيفلر للفوز بالبطولة التذكارية للسنة الثانية على التوالي، سُئل نيكلاوس عن فوزٍ كبيرٍ آخر شهده ذلك الأسبوع. فاز تشارلي وودز، ابنُ أشهر لاعب في رياضة الجولف البالغ من العمر 16 عامًا، بأول لقبٍ له في اتحاد الجولف الأمريكي للناشئين.

من الغريب أن يُطرح سؤالٌ عن أيِّ الفوزين شيفلر أم وودز حظي باهتمامٍ أكبر على وسائل التواصل الاجتماعي.

من واقع خبرته، قال نيكلاوس: "أعتقد أن الأمر صعبٌ على الأطفال".

فاز ابنه الأكبر، جاكي، ببطولة الشمال والجنوب المرموقة للهواة في باينهرست، ولعب الغولف في جامعته بنورث كارولينا. لكن ذلك لم يكن شيئًا يُذكر مقارنةً بابنه الثالث الأكبر سنًّا. فقبل وقتٍ طويل من حصول غاري نيكلاوس الوحيد من بين أبنائه الأربعة على بطاقة جولة رابطة محترفي الجولف الأمريكية (PGA Tour)، ظهر على غلاف مجلة "Sports Illustrated" وهو في السادسة عشرة من عمره.

"نيكلاوس التالي"، كان هذا هو العنوان الرئيسي. والأب لا يزال يتذكره بوضوح.

قال نيكلاوس: "لقد أخرجه ذلك من لعبة الجولف".

هنا، ثمة سياقٌ لا بد منه. لعب غاري نيكلاوس أربع سنوات في جامعة ولاية أوهايو (حقق فيها لقبًا واحدًا)، وحصل على بطاقة الجولة الأوروبية، ثم نجح عام 1999 في ضمان بطاقة جولة رابطة المحترفين. لكن نيكلاوس شعر أن الدعاية كانت أكثر مما يتحمله ابنه في ذلك العمر.

وأضاف: "كان غاري ينزل من الملعب رقم 18 ويركض إلى السيارة لتجنب الحديث إلى الصحافة لقرابة عامين". وتابع: "قالت مجلة "Sports Illustrated" "إنهم يريدون عمل قصة عنه، فقلنا: 'لا غلاف، لا شيء من ذلك'. لكنهم وضعوه على الغلاف مباشرة. لم يكن ما فعلوه لطيفًا".

اعتقد نيكلاوس أيضًا أن الدعاية كانت مبالغًا فيها عندما سجل حفيده، جي تيه، هدفًا في مسابقة Par 3 قبل بطولة الماسترز 2018.

وقال: "هذا هو نوع الأشياء التي يجب أن تحاول تجنبها مع الأطفال". "الأمر صعب عليهم. والأمر أكثر صعوبة اليوم. تشارلي لاعب صغير لطيف. لديه أرجوحة غولف صغيرة جميلة. هل يريد أن يحذو حذو والده؟ هل يدرك ما يجري؟"

كان تايجر وودز في ضواحي ديترويت الصيف الماضي حين تأهل ابنه تشارلي لبطولة الولايات المتحدة للناشئين. لفت تشارلي أكبر حشد جماهيري في البطولة، ويُقال إن عدد الحضور فاق العادة بعشرة أضعاف. ولكن هل جاء الجمهور لمشاهدة الصغير أم لمشاهدة والده الشهير؟

نيكلاوس يعرف هذا الشعور جيدًا.

"كان ابني غاري دائمًا يقول: 'أتساءل كم عدد الأشخاص الذين سيحضرون لمشاهدة والدي وهو يشاهدني!'" قال نيكلاوس ضاحكًا.

إنه لا يعرف الكثير عن تشارلي وودز باستثناء ما يشاهده من حين لآخر على شاشات التلفزيون، ونيكلاوس معجب بأرجحته. الكثير من الناشئين لديهم تأرجحات رائعة. ويتضح العمق اليوم في أعلى مستويات الجولف قبل وقت طويل من بدء هؤلاء الأطفال في الحصول على سيارات مجاملة.

ظهر تشارلي وودز لأول مرة على التلفاز في سن 11 عامًا في بطولة PNC، وهي البطولة التي تجمع بين أبطال البطولات الكبرى وأحد أفراد العائلة. لقد كبر الابن ونضج، وبعد عامين، سمح وودز لتشارلي بالانضمام إليه في مقابلات ما بعد الجولة، كما يفعل بقية اللاعبين. وقد تعامل مع ذلك بشكل جيد أيضاً.

ليس غريباً أن يسير الأبناء على خطى آبائهم في لعبة الجولف، لكن من النادر أن يحققوا إنجازات مماثلة. كان توم موريس الأب وابنه توم موريس الابن (اللذان فاز كل منهما ببطولة بريطانيا المفتوحة أربع مرات) استثناءً لافتاً.

فالفن الحقيقي يكمن في ترك الأبناء يكتشفون متعة اللعبة بأنفسهم، مع تحفيزهم على التنافس الشريف.

قال نيكلاوس بهذا الصدد: "كان أطفالي يلعبون لأنهم أرادوا ذلك، وليس لأنني أجبرتهم. كانت هذه قاعدتي الأساسية: لا تلعبوا الجولف من أجلي، بل من أجل أنفسكم. هذا ما اختاروه بأنفسهم."

وأضاف: "ثم اكتشفوا على مدى فترة من الزمن أنهم لن يصلوا إلى ما أرادوا الوصول إليه، وقرروا القيام بأشياء أخرى."

اشتهر تايجر وودز بهيمنته الاستثنائية عبر جميع الفئات العمرية، حيث سجل أرقاماً قياسية بتحقيقه ثلاثة ألقاب متتالية في بطولة الولايات المتحدة للناشئين، ومثلها في بطولة الولايات المتحدة للهواة. ومن بين إنجازاته البارزة تسجيله 142 جولة متتالية دون هزيمة، وفوزه بفارق 15 ضربة في بطولة أمريكا المفتوحة.

لم يحاول وودز التأهل لبطولة أمريكا المفتوحة إلا عندما تم إعفاؤه من التصفيات المبدئية في سن السادسة عشرة. سجل 151 ضربة في ملعب بحيرة ميرسيد بسان فرانسيسكو، لكنه لم يتمكن من التأهل للنهائيات التي أقيمت في بيبل بيتش عام 1992.

أما تشارلي وودز، فقد خاض تصفيات البطولة مرتين دون أن يتجاوز المرحلة الأولى. لكنه ما زال يحاول ويصارع من أجل التأهل. الجدير بالذكر أن والده يمنحه مساحة كبيرة للتعلم في بيئة تنافسية عادةً ما تكون قاسية على المبتدئين.

قال وودز العام الماضي في بطولة بي إن سي: "أنا فقط أذكّره دائمًا، "كن أنت فقط". "تشارلي هو تشارلي. نعم، إنه ابني. سيحمل اسم العائلة وسيكون جزءًا من الرياضة. لكنني أريده فقط أن يكون على طبيعته وأن يكون شخصيته الخاصة. هذا ما سنركز عليه دائماً. سأشجعه دائماً، أن ينحت اسمه الخاص به وأن يشق طريقه الخاص به وأن تكون له رحلته الخاصة."

يعلم الأب أكثر من أي شخص آخر أنها ليست بالمهمة السهلة. في كل مرة يلعب فيها تشارلي في بطولة للناشئين، من المؤكد أن الكاميرات وعادةً ما تكون الهواتف ستتابعه خاصةً عندما يكون وودز موجودًا.

علق وودز قائلاً: "في هذا العصر حيث تتنوع وسائل الإعلام... أصبح الجميع مصورين بهواتفهم. تعرضه الدائم للكاميرات ومراقبة الناس له أصبح جزءاً من واقع جيله، وعليه أن يتعامل مع هذا الوضع. أحاول تقديم أفضل دعم ممكن كأب، فأنا دائماً بجانبه."

"لكن في نهاية المطاف، أريده أن يكون على طبيعته وأن تكون له حياته الخاصة." كما قال.

وباعتباره ابن تايجر وودز، قد يكون ذلك أصعب من لعبة الجولف نفسها.