تخفيف التوتر بين الهند والصين يعيد الأمل للعلاقات

سيلتقي رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مع كبير الدبلوماسيين الصينيين يوم الثلاثاء في إشارة إلى تخفيف حدة التوتر بين الجارتين المسلحتين نووياً بعد مواجهة استمرت سنوات بين القوتين الآسيويتين.

ومن المقرر أن يجري وزير الخارجية الصيني وانغ يي، الذي وصل إلى الهند يوم الاثنين، محادثات مع مودي وزعماء آخرين حول الحدود المتنازع عليها في جبال الهيمالايا. ومن المتوقع أن يكون خفض عدد القوات على الحدود وربما استئناف التجارة في المنطقة المتنازع عليها على جدول الأعمال.

وتتزامن إعادة بناء العلاقات بين البلدين مع احتكاك بين نيودلهي وواشنطن بعد أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية باهظة على الهند، الحليف القديم الذي يُنظر إليه على أنه قوة موازنة في مواجهة نفوذ الصين في آسيا. والهند جزء من التحالف الأمني الرباعي مع الولايات المتحدة، إلى جانب أستراليا واليابان.

"تسوية على أعلى مستوى سياسي"

تفاقم النزاع الحدودي القائم منذ عقود بين الهند والصين في عام 2020 بعد اشتباك مميت بين قواتهما في منطقة لاداخ. وأثر الفتور في العلاقات على التجارة والدبلوماسية والسفر الجوي حيث نشر الجانبان عشرات الآلاف من قوات الأمن في المناطق الحدودية.

وقد تم إحراز بعض التقدم منذ ذلك الحين.

ففي العام الماضي، وافقت الهند والصين على اتفاق بشأن الدوريات الحدودية وسحبتا قوات إضافية على طول بعض المناطق الحدودية. ويواصل البلدان تحصين حدودهما من خلال بناء الطرق وشبكات السكك الحديدية.

وفي الأشهر الأخيرة، زاد البلدان من الزيارات الرسمية وناقشا تخفيف بعض القيود التجارية وحركة المواطنين وتأشيرات الدخول لرجال الأعمال. وفي يونيو، سمحت بكين للحجاج من الهند بزيارة الأماكن المقدسة في التبت. ويعمل الجانبان على استعادة الرحلات الجوية المباشرة.

وفي الأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية، راندير جايسوال، إن الهند والصين تجريان مناقشات لاستئناف التجارة عبر ثلاث نقاط على طول حدودهما التي يبلغ طولها 3488 كيلومترًا (2167 ميلًا).

وقال مانوج جوشي، وهو زميل في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث، وهي مؤسسة بحثية مقرها نيودلهي، إن العلاقات لا تزال في مستوى غير مستقر من التطبيع.

وقال جوشي، الذي عمل أيضًا كعضو في المجلس الاستشاري لمجلس الأمن القومي الهندي: "تتطلب تسوية قضية الحدود بين البلدين تسوية على أعلى مستوى سياسي". وأكد على أن البلدين "لا يزالان يتحدثان عن بعضهما البعض عندما يتعلق الأمر بالنزاع الحدودي والقضايا المحيطة به".

وقبيل اجتماعه مع مودي، التقى وانج بمستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال وناقش معه سبل تعزيز العلاقات بين البلدين.

وقال: "إن الانتكاسات التي شهدناها في السنوات القليلة الماضية لم تكن في مصلحة شعبي البلدين. نحن سعداء لرؤية الاستقرار الذي تم استعادته الآن على الحدود".

يوم الاثنين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ إن بكين على استعداد لاغتنام زيارة وانغ للهند كفرصة للعمل مع الجانب الهندي "للتعامل بشكل صحيح مع الخلافات وتعزيز التنمية المستدامة والسليمة والمستقرة للعلاقات الصينية الهندية".

وقال ماو إن اجتماع وانغ مع مستشار الأمن القومي لمودي "سيواصل التواصل المتعمق من أجل حماية السلام والهدوء في المناطق الحدودية بشكل مشترك".

مودي يخطط لزيارة الصين قريباً

بدأ التقارب بين بكين ونيودلهي في أكتوبر الماضي عندما التقى مودي والرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة الاقتصادات الناشئة في روسيا. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الزعيمان شخصياً منذ عام 2019.

ومن المقرر أن يلتقي مودي بشي عندما يسافر إلى الصين في أواخر هذا الشهر وهي أول زيارة له منذ سبع سنوات لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون، وهي تجمع إقليمي شكلته الصين وروسيا وآخرون لمواجهة النفوذ الأمريكي في آسيا.

وفي وقت سابق من هذا العام، دعا شي إلى أن تأخذ العلاقات بين الهند والصين شكل "رقصة التانغو بين التنين والفيل" وهي رقصة بين الحيوانات الرمزية للبلدين.

وفي الشهر الماضي، زار وزير الشؤون الخارجية الهندي بكين في أول زيارة له إلى الصين منذ عام 2020.

الولايات المتحدة وباكستان تلعبان أدوارًا في التقارب

تأتي هذه المشاركة المتجددة في الوقت الذي تتوتر فيه علاقات نيودلهي مع ترامب. فقد فرضت واشنطن تعريفة جمركية بنسبة 50% على البضائع الهندية، والتي تشمل عقوبة بنسبة 25% على شراء النفط الخام الروسي. وتدخل الرسوم الجمركية حيز التنفيذ في 27 أغسطس.

لم تظهر الهند أي علامة على التراجع، وبدلاً من ذلك وقعت المزيد من الاتفاقيات مع روسيا لتعميق التعاون الاقتصادي.

وقال الفريق د. س. هودا، الذي قاد القيادة الشمالية للجيش الهندي من عام 2014 إلى عام 2016، إن تجديد ترامب علاقته مع خصم الهند اللدود، باكستان، شجع أيضًا مبادرات نيودلهي تجاه الصين.

وفي يونيو الماضي، استضاف ترامب قائد الجيش الباكستاني على مأدبة غداء في البيت الأبيض، وأعلن في وقت لاحق عن صفقة طاقة مع إسلام آباد لتطوير احتياطيات النفط في البلاد بشكل مشترك. وجاء كلاهما في أعقاب مزاعم ترامب بالتوسط لوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بعد أن تبادل الجانبان الضربات العسكرية في مايو/أيار.

وشهد ذلك الاشتباك استخدام باكستان طائرات عسكرية وصواريخ صينية الصنع ضد الهند.

وقال هودا: "الصين تستثمر بكثافة في باكستان، ومن الناحية العملية، لا يمكن أن يكون لديك أي توقع بأن بكين ستحجم عن دعم إسلام أباد". "لكن لا يمكن أن يكون لديك جارتان معاديتان على حدودك وتتعامل معهما في نفس الوقت أيضًا."