شاروخان يحتفل بعيد ميلاده كملياردير هندي

سيكون عيد ميلاد شاروخان مختلفاً هذا العام.

فعندما يبلغ النجم العملاق الستين من عمره يوم الأحد، لن يحتفل بعيد ميلاده يوم الأحد المقبل بصفته ملك بوليوود بلا منازع، بل بصفته أغنى ممثل هندي على الإطلاق: ملياردير.

فوفقًا لـ قائمة أغنياء الهند، وصل خان إلى مرتبة الملياردير في أكتوبر، ليصبح أول نجم بوليوود ينضم إلى نادي النخبة الذي يضم 0.00004 في المائة من سكان العالم.

وباعتباره واحدًا من 358 مليارديرًا في الهند، أو 0.00002 في المائة فقط من سكانها، فإن ذلك يكفي لأن يُعامل كإله.

والأكثر دلالة على ذلك أن الكثير من وسائل الإعلام الهندية احتفت بهذا الإنجاز، مسلطةً الضوء على تاريخه الحافل بالجهود الدؤوبة وموهبته الفريدة وجاذبيته وحنكته في تنظيم محفظة متنوعة تمتد من العقارات إلى الامتيازات الرياضية وتأييد العلامات التجارية، مما جعله الرجل الذي هو عليه اليوم.

"إن هذا الإنجاز. يتوج سنوات من العمل الدؤوب. علامته التجارية إلى محرك ثروة هائل"، كتبت صحيفة إنديا توداي.

"دخول شاه روخ خان إلى نادي المليارديرات أمر منطقي تمامًا، سواء للعقل أو القلب"، Hindustan Times

وبالمثل، "تثبت رحلته أن الموهبة والعمل الجاد والاستثمارات الذكية يمكن أن تخلق إرثًا دائمًا سواء على الشاشة أو خارجها."

قليلون هم الذين توقفوا للتفكير فيما يعنيه أن يصبح مليارديرًا في عام 2025، في الهند حيث كان عدم المساواة، كما حذر العلماء العام الماضي، أسوأ مما كان عليه في ظل الحكم الاستعماري البريطاني؛ وحيث تضاءلت فرص الطبقة الوسطى وتسببت في حالة من الذعر؛ وحيث يواجه أولئك الذين يشاركونه هويته كمسلم أكثر الظروف خطورة منذ تأسيس الدولة في عام 1947.

وكنتيجة طبيعية لهذا السؤال: ما هو الدور الذي لعبه صمته في مواجهة هذه الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، سواء في الهند أو غزة أو كشمير، في رفع ثروته إلى مستويات جديدة؟

في الواقع، ماذا يقول عن خان أنه أصبح مليارديراً في مثل هذه الأوقات؟

قصة ثروته

لفهم صعود خان، على المرء أن ينظر في قصة الهند نفسها منذ نهاية الحرب الباردة.

فمع دخول البلاد إلى الاقتصاد العالمي، بدأت القومية الهندوسية في الدخول في دوامة استحوذت على مساحات شاسعة من شمال الهند. ومع قيام القوميين الهندوس بهدم المسجد البابري، تعاونت السينما الشعبية الهندية دون خجل مع العلامات التجارية العالمية لتوجيه أحلام الهند الطموحة.

أصبح شاه روخ خان، من نواحٍ عديدة، الجسر بين الماضي الحمائي ومستقبل السوق الحرة.

وبدا كل ذلك حميداً.

فقد قدم نجاحه في صناعة مبنية في المقام الأول على المحسوبية قصة أمل للغرباء الآخرين.

وفي الوقت الذي سرعان ما تم تحديد اقتصاديات المحسوبية على أنها زائفة، أتاح صعود SRK في بومباي آنذاك للناس أن يثقوا في النظام وفكرة الهند نفسها.

ومع بدء زحف القومية الهندوسية في جميع أنحاء الهند، ساعدت ألقاب راج وراهول، ولاحقًا فير، وهي أسماء أبطاله المحبوبين على الشاشة، ليس فقط في إخفاء الانقسامات الطبقية والدينية العميقة، بل عملت بشكل فعال على نزع الطابع السياسي عن عدم المساواة وتحويلها إلى مسألة مسؤولية فردية.

كان خان هو الرجل العادي الذي صنعها.

لقد طمأن الرجل العادي بأنه هو أيضًا يمكن أن يكون ناجحًا وعالميًا وهنديًا.

"تعكس حياته الشخصية "فكرة الهند"، خاصة بالنسبة للجمهور العالمي. إنه رجل مسلم في بلد ذي أغلبية هندوسية، متزوج من زوجة هندوسية، ولكن لديه أطفال يكبرون ويعتنقون أي دين يريدونه"، قال صحفي ترفيهي لـ DW في عام 2023.

ولكن ما كان عليه حقًا، كما يتضح من الأفلام التي قدمها أيضًا، هو الرجل المسلم الذي أكد للأمة الهندوسية أن هناك طريقة هندية لتكون مسلمًا: رجل هندي وطني غير مهدد ومحب للمستهلكين يضع الأمة أولًا دائمًا.

وعلى الرغم من استياء الجناح اليميني واشمئزازه منه، إلا أن عدم انصياعه للأمة وولعه بلعب دور "المسلم الاجتماعي"، حيث كان يختزل كونه مسلمًا في الأزياء والثقافة والأخلاق الراقية، أعطى اليسار الليبرالي الهندي فرصة للاعتقاد بأن عشقهم له جعلهم متسامحين وتقدميين.

فهم يرفضون أن يروا أنواع مطالب الولاء التي يطلبونها من رعاياهم المسلمين.

وبحلول الوقت الذي برزت فيه الهندوتفا كدولة في صورة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، المتعاون مع الشركات الكبرى، كان شاه روخ خان قد وقع بالفعل في فخ نجاحه الاستثنائي.

السكوت والتواطؤ والنذالة

في عام 2015، بعد مرور عام على وصول مودي إلى السلطة وبدء ظهور الكراهية على وجهه، بالكاد نطق بتعليق عن "تنامي التعصب" في البلاد. فالرجل الذي يُفترض أنه تجاوز الطبقة والدين والطائفة واللغة والجغرافيا ذُكِّر بأنه مجرد مسلم هندي في نهاية المطاف.

ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى اتضحت حقيقة مأزقه: فقد كانت ثروته مشروطة بقدرته على البقاء منشدًا مسلمًا مذعنًا.

لقد كانت صفقة فاوستية أثبتت أنها مربحة إلى حد ما بالنسبة له.

فقد واصلت شركته "ريد تشيليز إنترتينمنت" للإنتاج السينمائي نموها. ولا يزال فريقه للكريكيت، كولكاتا نايت رايدرز، الذي يملكه بالشراكة مع زميلته الممثلة جوهي تشاولا، التي دافعت عن بعض سياسات مودي تجاه المسلمين، من بين أكثر الفرق شهرة وربحية في الدوري الهندي الممتاز.

على الرغم من أن خان لم يمثل في أي أفلام لعدة سنوات بعد عام 2015، وهي الفترة التي قيل إنه مر فيها بـ "فترة صعبة، إلا أنه استمر في إيجاد سبل جديدة لدمج نفسه في كل جانب من جوانب الحياة الاستهلاكية الهندية تقريبًا.

ويمتلك خان اليوم حصة كبيرة من شركة كيدزانيا الهند، وهي شركة تعليمية ترفيهية تمزج بين التعليم والترفيه للأطفال.

ولديه استثمارات في Meerkat، وهو تطبيق لوسائل التواصل الاجتماعي، وفي MirrAR، وهي منصة للبث المباشر.

أما زوجته، غوري خان، وهي أيضًا شريكة في ملكية شركة Red Chillies Entertainment، فلديها استثمارات في شركة Recycling Systems Ltd، وSubko Coffee، وOyo (تطبيق ضيافة)، وChupps footwear، والعديد من المشاريع الأخرى.

عندما يتعلق الأمر بإعلانات التأييد، يظل خان هو الوجه الأكثر طلباً بلا منازع. ولأسرة خان بصمتها في كل مكان، من مساحات العمل المشتركة إلى الخدمات المالية.

كما أنه يتصدر أكثر من ثلاثة عشر منتجًا، والعديد منها مملوك لشركات إما مرتبطة بإسرائيل أو مدرجة على قائمة المقاطعة لمساهمتها في احتلال فلسطين.

ومن بين هذه الشركات تكتلات هندية مثل تاتا وريلاينس، وكلاهما له علاقات عميقة مع المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي، بالإضافة إلى شركات دولية مثل هيونداي، التي تُستخدم آلاتها في هدم منازل الفلسطينيين

في مرحلة ما، كان شعار إعلان هيونداي خان هو "كن الرجل الأفضل".

خان هو أيضًا سفير العلامة التجارية لعلامة زيت كاسترول. شركة زيوت السيارات وزيوت التشحيم مملوكة لشركة الطاقة العملاقة بريتيش بتروليوم (BP)، التي منحتها إسرائيل تراخيص في مارس للتنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط.

ليس من المبالغة القول إن خان لم يعد مجرد ممثل منذ فترة طويلة. فهو ليس حتى علامة تجارية. إنه إمبراطورية.

ومثل العديد من المليارديرات، فهو يغسل سمعته من خلال سلسلة من الجهود الخيرية، بما في ذلك مساعدة الناجين من الهجمات الحمضية، وتعزيز محو الأمية بين الأطفال ودعم رعاية الأطفال.

"لن يكون من الخطأ تمامًا أن نطلق عليه اسم وارن بافيت لصناعة السينما الهندية"، كما كتبت صحيفة فاينانشيال إكسبريس في أغسطس.

وبينما يستمر المعجبون في ربطه بالقيم التي تنعكس في شخصياته، الرجل العادي والواجب العائلي والولاء والحب، فقد استغل سذاجتهم بهدوء ليصبح جزءًا من أكثر الطبقات استغلالاً في التاريخ الهندي.

ملياردير أثناء الإبادة الجماعية

يعيش المسلمون في الهند اليوم في ظل أكثر الظروف خطورة منذ تأسيس البلاد.

ففي ظل حكم مودي، يتعرض المسلمون الهنود للإعدام بلا محاكمة لأتفه الشبهات، وتصبح مواطنتهم مهددة، وينتشر تهميشهم في كل مؤسسة - من القضاء إلى الشرطة والإعلام - بما يكفي ليصفه المراقبون والمعلقون بأنه شكل من أشكال الفصل العنصري.

في كشمير التي تحتلها الهند، تُستخدم التكتيكات الإسرائيلية لتقسيم المسلمين الكشميريين والسيطرة عليهم وتهدئتهم، بينما تهدف السياسات الجديدة إلى إعادة تشكيل التوازن الديموغرافي للوادي.

ومع تحول الهند إلى ساحة جحيم بالنسبة للمسلمين، ازداد صمته عمقاً.

وبينما يشير معجبوه أو محاوريه الليبراليون في الهند إلى مضايقة ابنه، آريان، أو يروون ما يفترض أنه تمرد خفي في أفلامه الأخيرة _باثان و جاوان، فإن دفاعهم عن صمت خان ليس سوى دليل آخر على أن نجاحه يعتمد على الامتثال.

حتى أن خان فاز بجائزة وطنية عن دوره في جاوان. وهذا من شأنه أن يوضح مدى "تمرد" الفيلم.

وعندما بدأت الإبادة الجماعية في غزة، بدا أن الصمت لم يزد الصمت إلا ثقلًا.

فبينما بدأت إسرائيل في إبادة عائلات بأكملها وهي تقصف المنازل والمستشفيات والمدارس، وتقنص الفلسطينيين الجائعين في مواقع توزيع المساعدات، تعرض المسلمون الهنود وغيرهم من النشطاء والجماعات للضرب والاعتقال والاقتاد والإلقاء بهم خارج مدنهم لتجرؤهم على الدفاع عن فلسطين.

كما خاطر آخرون بالاعتقال والسخرية وهم يقفون خارج ماكدونالدز وغيرها من سلاسل مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية في عدة مدن، مناشدين الضمير العام بمقاطعة المنتجات المتواطئة في المذبحة في غزة.

لم يكن خان موجودًا في أي مكان. في الواقع، بدا أنه وجد طرقًا جديدة لإظهار عدم اهتمامه.

ففي مايو من هذا العام، وبينما وصلت الاحتجاجات ضد الإبادة الجماعية إلى ذروتها في جميع أنحاء العالم الغربي، وبينما كان الفنانون والطلاب يطعنون في جامعاتهم ومؤسساتهم الثقافية مثل المتاحف والمعارض الفنية لاتخاذ موقف، اختار خان بدلاً من ذلك أن يظهر لأول مرة في حفل الميت غالا في نيويورك.

لذا، وبينما كانت الاحتجاجات تندلع خارج المتروبوليتان، ظهر خان على السجادة الحمراء، وقد بدا شاحبًا ونحيلًا ولكنه كان متأنقًا تمامًا: مرتديًا معطفًا من الصوف الأسود من تصميم سابياساتشي ومزينًا بطبقات من المجوهرات حول عنقه.

شكراً سابياساتشي وفريقك بأكمله على تقديمي إلى حفل الميت غالا. إنها ليست "مساحتي" لكنك جعلتني أشعر بالراحة. لأنك مثلي تؤمنين بأن الأناقة والموضة. هي أن تكوني على طبيعتك

• شاه روخ خان (@iamsrk) 6 مايو 2025

ومرة أخرى، تجاهلت وسائل الإعلام الهندية السياق وتمسكت بظهوره وأشادت بظهوره ووصفته بأنه "تاريخي".

ثم، في عيد ميلاد مودي في سبتمبر، نشر خان على موقع X: "اليوم، وبمناسبة عيد ميلاد رئيس الوزراء مودي الـ 75، أتقدم له بأطيب التمنيات. لقد كانت رحلتك من مدينة صغيرة إلى الساحة العالمية ملهمة للغاية. يمكن رؤية انضباطك وعملك الدؤوب وتفانيك في العمل من أجل البلاد في هذه الرحلة. إن طاقتك في سن الـ 75 تتفوق حتى على الشباب أمثالنا. أدعو الله أن تبقى دائماً بصحة جيدة وسعيداً."

كان واحداً من بين العديد من ممثلي بوليوود الذين أغدقوا المديح على رئيس الوزراء.

وبحلول شهر أكتوبر، عندما بدأ العالم في لملمة شتات نفسه بعد توقيع ما يسمى بـ "وقف إطلاق النار" على غزة، كان خانات بوليوود الثلاثة، أمير وسلمان وشاروخ، في المملكة العربية السعودية لحضور مهرجان الفرح.

وفي هذا الحدث السنوي الذي تقيمه المملكة، والذي يهدف إلى صرف الانتباه عن جرائمها، أغدق الثلاثي المديح على بعضهم البعض وتذكروا الماضي. وتحدوا بشكل جماعي جمهورهم الثري من أفراد العائلة المالكة والنخبة السعودية للذهاب إلى حيث لم يجرؤ أحد (أو لم يستطع أحد تحمل تكاليفه) من قبل: تمويل فيلم من بطولتهم الثلاثة. كان ذلك عرضاً آخر لأولوياتهم واستعدادهم لبيع كل شيء.

في موسم الاضطرابات والتمزق، موسم الموت والدمار، فإن ثروة خان إذن ليست مفاجئة. إنها ثمن الدخول.