الملاكم الأوكراني يضحي بأحلامه الأولمبية وحياته من أجل محاربة غزو روسيا

فاز ماكسيم هالينيتشيف بالميدالية الفضية في أولمبياد الشباب في بوينس آيرس في مباراة وصفت في ذلك الوقت بأنها "اثنان من أفضل المقاتلين الشباب الذين يتنافسون على المجد". اعتبر المباراة خسارة لم تكن ذهبية في النهاية لكنها أعطته خريطة للمستقبل.

لذا وضع هالينيتشيف خططًا: سيهزم ذلك الملاكم في المرة القادمة. وسيعلم ابنته أساسيات رياضته حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها. وسيفوز بميدالية لأوكرانيا في أولمبياد باريس.

أوجز هالينيتشيف تلك الطموحات كرياضي في مقابلة مع الموقع الإلكتروني للاتحاد الأوكراني للملاكمة في ديسمبر 2021، حيث كانت القوات الروسية تحتشد بالفعل على حدود أوكرانيا.

وردًا على سؤال عما إذا كان خائفًا قبل النزال، وصف تفكيره.

"يمكن أن يؤثر الخوف على الناس بطرق مختلفة. بعض الناس يصابون بالشلل بسببه. والبعض الآخر يتفاعل معه بأن يصبح أكثر تحررًا". "إذا استطعت التحكم في نفسك وجسدك وإذا استطعت أن تهيئ نفسك بالطريقة الصحيحة، فإن الخوف سيتراجع."

لن يتمكن من إثبات هذه الفلسفة في الحلبة الأولمبية في باريس.

التحق هالينيتشيف كجندي وقُتل على الجبهة في مارس 2023 عن عمر يناهز 22 عامًا، وهو واحد من بين أكثر من 400 رياضي قُتلوا منذ اندلاع الحرب. ولم يتم استرداد جثته حتى الآن.

كان من الممكن أن يكون هالينيتشيف قد نجا من الحرب باعتباره أحد أكثر الرياضيين الأوكرانيين الواعدين في الملاكمة. وقد أرسلت أوكرانيا العديد من لاعبيها الطموحين في الألعاب الأولمبية للتدريب في الخارج قبل الألعاب الصيفية. ولكن لا يريد الجميع أن يتم إنقاذهم. فالبعض يختارون الدفاع عن شرف بلادهم في ساحة المعركة بدلاً من الساحة الرياضية.

ظل موقف هالينيتشيف تجاه الخوف على حاله بعد الغزو الروسي الشامل، لكن أولوياته تغيرت.

حدث ذلك خلال رحلة بالسيارة في أبريل 2022 من منطقة سومي مسقط رأسه إلى كييف، حيث كان يخطط للتدريب على البطولة الأوروبية القادمة. قال مدربه بوهدان دميترينكو إن روسيا كانت قد انسحبت للتو من المنطقة، وعلى طول الطريق السريع، رأى بلدات وقرى مزقتها القوات الروسية خلال فترة احتلالها القصيرة.

"لديّ طفلة صغيرة. لا أريدها أن تعيش في احتلال بين المعتدين، بين الروس"، قال هالينيتشيف لمدرب آخر من مدربيه، فولوديمير فينيكوف.

"قلت، ماكسيم، أرجوك استمع إليّ، أنت لا تزال ممثلًا للملاكمة الأوكرانية، أنت أيضًا تدافع عن شرف أوكرانيا. العلم والنشيد الوطني إنه أمر مهم للغاية أيضًا"، روى فينيكوف.

"لن تقنعني. لقد اتخذت هذا القرار. سأتعلم الرماية"، قال له هالينيتشيف.

كانت الملاكمة لا تزال مهمة بالنسبة له، لكنه كان يريد المزيد، كما قالت شريكة حياته، بولينا إيهراك. كانت سومي، وهي منطقة حدودية، لا تزال تتعرض للهجوم على الرغم من الانسحاب الروسي. كانت خيرسون، حيث كان يتدرب هناك، تحت الاحتلال الروسي وكانت التقارير عن معاناة الأوكرانيين هناك تتدفق.

قال إحراق: "لم يستطع أن يفهم كيف تُرك أصدقاؤه المدربون الذين كانوا في خيرسون دون القدرة على العيش، ناهيك عن التدريب، وكان يذهب إلى مكان ما في أوروبا". "لم يستطع أن يسمح لنفسه بفعل ذلك. كان الأمر يهمه".

في مايو 2022، انضم هالينيتشيف في سن الـ21 عامًا إلى القوات الهجومية المحمولة جوًا، وفقًا للاتحاد الأوكراني للملاكمة. وقد أصيب قبل نهاية العام بالقرب من باخموت، حيث أصيب في قدمه وانغرست شظايا في ساقه بعمق لدرجة أن الأطباء لم يتمكنوا من إزالتها.

أثناء فترة تعافيه، قضى هالينيتشيف بعض الوقت مع مدربه لكنه تجنب مناقشة ما رآه في الحرب. كان الجميع يأمل في أن يترك الجيش، لكن هالينيتشيف عاد إلى ساحة المعركة وجراحه لم تلتئم.

وقالت "إهراك" والدة ابنتهما "فاسيليسا": "كان يعتقد أنه كان عليه العودة إلى إخوته في السلاح لأن هناك حاجة إليه".

تحدث هالينيتشيف وإيهراك آخر مرة عبر مكالمة فيديو في 9 مارس 2023. أصبحت الأيام بدون اتصال أسابيع. حاولت الاتصال بهالينيتشيف وقائده. ولم يرد أي منهما.

أخذت تتصفح قنوات التلغرام الروسية بحثًا عن وجهه بين صور القتلى والجرحى في ساحة المعركة. برزت صورة واحدة لجثة في الغابة.

قالت إهراك: "تعرفت عليه والدته على الفور، لكنني لم أتعرف عليه لأنني أعتقد أنني رفضت الاعتراف به". قُتل في 10 مارس 2023، في لوهانسك، وهي منطقة تقع الآن بالكامل تقريبًا تحت السيطرة الروسية.

في إحياء ذكرى والدها مؤخرًا في صالة الألعاب الرياضية التي كان يتدرب فيها، قفزت فاسيليسا البالغة من العمر 4 سنوات بفرح حول حلبة الملاكمة مرتدية قفازات كبيرة الحجم تقزم يديها الصغيرتين.

لن يكون والدها هو من يعلمها الملاكمة، ولكن لم تتخيل أن يقوم هالينيتشيف بأي شيء مختلف.

قالت "إهراك": "لا يذهب الناس إلى هناك (إلى الجبهة) ليس للندم ولكن لتغيير شيء ما". "لقد عاد دون أي شك".

من بين الآخرين الذين لقوا حتفهم وهم يقاتلون من أجل أوكرانيا: الراميان إيفان بيدنياك الذي فاز بالميدالية الفضية في بطولة أوروبا، ويهور كيهيتوف عضو المنتخب الوطني الأوكراني؛ وستانيسلاف هولينكوف، لاعب الجودو البالغ من العمر 22 عامًا الذي تم التعرف على جثته بعد 10 أشهر من مقتله، ورافع الأثقال أولكسندر بيليشينكو الذي مثّل أوكرانيا في أولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016. أدى قصف صاروخي روسي على دنيبرو إلى مقتل مدربة الألعاب البهلوانية أناستاسيا إهيناتنكو وزوجها وابنهما البالغ من العمر 18 شهرًا.

لا يشك فينيكوف، الذي درب هالينيتشيف في عام 2017، في أن الشاب كان سيمثل بلاده في دورة الألعاب الأولمبية في باريس التي افتتحت في 26 يوليو لولا الغزو الذي عرقل خططه. وقال المدرب بشكل قاطع: "كان سيفوز بميدالية لبلاده".

كانت لديه إمكانيات هائلة: ميدالية ذهبية في بطولة أوروبا للشباب 2017، وميدالية فضية في دورة الألعاب الأولمبية للشباب 2018، وميدالية فضية في بطولة أوروبا تحت 22 سنة 2021.

في شقته الفارغة في بلدة شوستكا، ملأ والداه غرفةً بالدليل على ما حققه بالفعل: كؤوس وميداليات من 2010 إلى 2021، مرتبة بعناية على رف.

تقف صورته في الزاوية إلى جانب شمعة وصور طفولته وأيقونة دينية وزهور. قفازات الملاكمة الخاصة به موضوعة بالقرب منه.

لكن والدي هالينيتشيف لم يعودا يعيشان هناك. فمنذ الحرب، أعادا تشكيل حياتهما في جمهورية التشيك. يفكّران في الانتقال إلى ألمانيا.

يحتفظ دميترينكو، مدربه، بصور هالينيتشيف مرتبة بعناية في مجلدات ولا يزال يحتفظ بأرشيف رسائلهم لبعضهم البعض. يتذكر لحظة قبل الحرب مباشرة حيث كان يشيد بإنجازات هالينيتشيف.

أجاب هالينيتشيف ببساطة "كل شيء لا يزال أمامنا."